مغنٍ وقانوني وسياسي.. تعرف على رئيس الغابون بعد الانقلاب عليه
كان رئيس الغابون علي بونغو يطمح للفوز بولاية رئاسية ثالثة، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
فما إن تم إعلان فوز بونغو بولاية ثالثة بعد حصوله على 64.27%، حتى أطاح به الجيش من الحكم بعد أن قالوا إن الانتخابات العامة الأخيرة تفتقر للمصداقية وإن نتائجها باطلة.
بونغو، الذي ما زال مصيره غامضا، يرأس الغابون، المستعمرة الفرنسية السابقة، منذ عام 2009، خلفا لوالده الراحل عمر بونغو.
من هو علي بونغو؟
ولد علي بونغو في الكونغو برازافيل المجاورة للغابون في 9 فبراير/شباط 1959، باسم آلان برنار بونغو، وتولى والده حكم الغابون منذ عام 1967 حتى عام وفاته في 2009.
تلقى علي بونغو تعليمه الأساسي والجامعي في فرنسا حيث درس القانون في جامعة السوربون.
وفي عام 1973 اعتنق بونغو الابن والأب الإسلام، وأصبح الابن اسمه "علي بونغو"، وهما فقط من أقدما على هذه الخطوة في العائلة.
وعُرف عن بونغو الابن في شبابه اهتمامه بكرة القدم والموسيقى التي ورث الاهتمام بها من والدته المغنية الغابونية بيشنس داباني، وفي عام 1977 أصدر ألبوما غنائيا باسم "إيه براند نيو مان" ، أنتجه تشارلز بوبيت مدير أعمال الفنان الأمريكي جيمس براون.
ولم يطل بونغو الابن في انغماسه في اهتماماته الشبابية، إذ انتخب عام 1983 عضواً في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الحاكم، ثم عضواً في مكتبه السياسي 1986، قبل أن يعينه والده وزيرا للشؤون الخارجية بين عامي 1989-1991 وانتخب نائبا عن مدينة بونغوفيل في الجمعية الوطنية (البرلمان) بين عامي 1991-1999 ، ثم عُين وزيرا للدفاع بين 1999-2009.
وخلف علي بونغو والده الراحل عام 2009 الذي توفي بعد أن حكم البلاد لمدة 41 عاما، وفاز في الانتخابات الرئاسية بنسبة 42%، وأعيد انتخابه عام 2016 بنسبة 49.8% بفارق ضئيل بلغ 5,500 صوت عن منافسه جان بينغ الذي زعم أن الانتخابات جرى التلاعب بها.
وعكة صحية
وأصيب بونغو بجلطة دماغية عام 2018 وقضى فترة في العلاج في الخارج واختفى عن الظهور العلني لنحو 10 أشهر ومنذ ذلك الوقت تشكك المعارضة في قدرته على إدارة البلاد.
ورغم معاناته المستمرة من صعوبات في الحركة، إلا أن بونغو قام في الأشهر الأخيرة بجولات في جميع أنحاء البلاد وأجرى زيارات رسمية إلى الخارج، بينها حضور بعض القمم.
وواجه بونغو وأسرته اتهامات بالفساد المالي من المعارضة، بعد أن كشف تحقيق للشرطة الفرنسية استغرق 7 سنوات أن عائلة بونغو تمتلك 39 عقارا في فرنسا و9 سيارات فارهة ولكن التحقيق توقف عام 2017 لعدم توافر أدلة على "مكاسب غير مشروعة" يمكن توجيه اتهامات على أساسها، فيما نفت عائلة بونغو هذه المزاعم جملة وتفصيلا.
وحاول الرئيس بونغو نفي تلك الاتهامات، حيث قام في 2015، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والخمسين للاستقلال عن فرنسا، بالتبرع بميراثه من والده لحساب مؤسسة للشباب والتعليم.
وفي 2018، أعلن بونغو عن حملة لمكافحة فساد الطبقة السياسية، تتضمن "تشكيل حكومة جديدة أصغر حجماً، وتضم نساء ورجالاً قادرين على إعطاء الأولوية للمصلحة العامة وقادرين على التحلي بالمثالية والاستقامة والأخلاق".
كما يواجه بونغو انتقادات أيضا لدوره البارز في الحركة الماسونية التي يقود جناحها في الغابون علنا.
وفي مواجهة هذه الانتقادات يدافع مؤيدو بونغو عنه بأنه يحاول تنويع مصادر البلاد عوضا عن اعتمادها على النفط الذي تراجعت عائداته حيث جعل هدفه تحول البلاد إلى التكنولوجيا المتقدمة وجذب الاستثمارات التي قام من أجلها بالعديد من الرحلات إلى الخارج.
انقلاب فاشل
وانقلاب اليوم ليس الأول من نوعه الذي يواجهه علي بونغو، إذ أنه في يناير/كانون الثاني 2019، استغل عسكريون معارضون سفر الرئيس بونغو في رحلة علاجية في الخارج لبضعة أشهر، ليعلنوا تشكيل "مجلس وطني للإصلاح" من أجل "استعادة الديمقراطية"، وتلوا بيانا عبر الإذاعة الرسمية، إلا أن قوات الأمن أجهضت المحاولة، وألقت القبض على منفذيها.
وعاد بونغو إلى بلاده بعد شهرين من محاولة الانقلاب التي قوبلت برفض دولي واسع، خاصة من فرنسا التي أكدت رفضها لأي محاولة تغيير للنظام خارج إطار الدستور.
الانتخابات الأخيرة
وفي شهر يوليو/تموز الماضي، أعلن بونغو ترشحه لولاية رئاسية ثالثة في هذه الدولة الغنية بالنفط الواقعة على الساحل الغربي لوسط أفريقيا.
وكان البرلمان في الغابون قد صوت في أبريل/نيسان الماضي على تعديل الدستور لتقليص ولاية الرئيس من 7 إلى 5 سنوات.
وتحكم عائلة بونغو الغابون منذ 56 عاما، وتصفها المعارضة بـ"بالسلالة الحاكمة النافذة".
الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت الماضي، خاضها 19 مرشحا من بينهم علي بونغو، فيما فشلت المعارضة في توحيد صفوفها وراء مرشح واحد.
وقبيل الانتخابات، أثار تسجيل محادثة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ضجة كبيرة. وجرت المحادثة بين المرشح المعارض ألبرت أوندو أوسا وشخصية أخرى من المعارضة، وفق المنشورات، وسُجّلت بدون علم الرجلين اللذين تطرقا فيها إلى استراتيجيات مختلفة "لخلق صراع على النفوذ" وإيجاد دعم من دول أخرى، وهو ما رد عليه بونغو باتهامهما بالخيانة.
وبالتزامن مع الانتخابات، فرضت الحكومة في الغابون مساء السبت حظرا للتجول اعتبارا من الأحد، وعلقت استخدام الإنترنت لمنع انتشار الدعوات إلى العنف.
وما أن أعلنت نتائج الانتخابات الرئاسية التي أظهرت فوز بونغو، حتى أطاح به الجيش من السلطة، في خطوة لا يستطيع أحد التكهن بنتيجتها على الغابون التي من أغنى الدول الأفريقية من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، بسبب عائدات النفط وقلة عدد السكان نسبيا البالغ 2.3 مليون نسمة، لكنها وفقا للبنك الدولي لا يزال ثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر.