اتفاق الغاز بين مصر وإسرائيل.. تساؤلات وإجابات
تساؤلات كثيرة سعى المصريون لمعرفة إجابتها بشأن اتفاق للغاز بين شركة دولفينوس المصرية، ومجموعة ديليك الإسرائيلية مؤخرا.
أثار اتفاق للغاز بين شركة دولفينوس المصرية ومجموعة ديليك الإسرائيلية مؤخراً، جدلاً في الأوساط المصرية بشأن جدوى استيراد الغاز من إسرائيل، في الوقت الذي بدأت فيه مصر الإنتاج بالفعل من حقلها البحري ظُهر، الذي يعد أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وأحد أكبر اكتشافات الغاز العالمية في السنوات الأخيرة.
تساؤلات كثيرة سعى الجميع لمعرفة إجابتها خلال الأيام الماضية.. لماذا تم إثارة هذا الاتفاق الآن خاصة أنه تم توقيعه منذ عام 2016؟، وهل لهذا الاتفاق علاقة بحصول إسرائيل مؤخراً على حكم في التحكيم الدولي بحوالي 1.7 مليار دولار؟، وهل هناك علاقة للحكومة المصرية بهذا الاتفاق؟، وهل حصلت الشركة على موافقة السلطات المصرية وتحديداً جهاز تنظيم سوق الغاز المنشأ حديثاً؟.
في محاولة للإجابة عن التساؤلات وتخفيف حدة الجدل، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال، الأربعاء، إن بلاده "أحرزت هدفاً" باتفاق استيراد الغاز من إسرائيل الذي وقعته شركة خاصة هذا الأسبوع، مضيفاً أنه بذلك تكون بلاده قد وضعت قدمها على الطريق صوب أن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة في منطقة شرق المتوسط.
وأضاف أن مصر تهدف إلى جذب الغاز الخام المكتشف في كل من قبرص وإسرائيل ولبنان ودول المنطقة الأخرى ومعالجته في منشآتها قبل إعادة تصديره أو استغلاله في الصناعات المصرية.
وقال السيسي إن مصر اقتنصت الفرصة من دول أخرى في المنطقة، كانت تريد أن تصبح المركز الإقليمي للطاقة، وذلك في إشارة على ما يبدو إلى تركيا التي انتقدت في الآونة الأخيرة اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص.
كان الشركاء في حقلي تمار ولوثيان البحريين الإسرائيليين للغاز قالوا، الإثنين، إنهم وقّعوا اتفاقات مع شركة دولفينوس المصرية الخاصة، لتصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعي الإسرائيلي، وذلك في صفقة تصدير رئيسية تأمل إسرائيل في أن تقوي العلاقات الدبلوماسية مع مصر.
وينص الاتفاق على توريد كمية إجمالية قدرها 64 مليار متر مكعب من الغاز على مدى عشر سنوات. وتقود مجموعة ديليك الإسرائيلية ونوبل إنرجي، التي مقرها تكساس، مشروعي الغاز الإسرائيليين.
اتفاق قديم جديد
فيما يتعلق بالتوقيت أكدت مصادر لـ "العين الإخبارية" أن سبب إثارة هذا الملف يرجع إلى أنه مؤخراً أصدرت مصر اللائحة التنفيذية لقانون استيراد وبيع الغاز، وهو ما يعتبر بداية التطبيق الفعلي للقانون، الذي يسمح للقطاع الخاص باستيراد وبيع الغاز الطبيعي، مؤكده أن الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" وافقت مبدئياً على الطلب المقدم من شركة دولفينوس المصرية، ضمن الأربع شركات التى تم الموافقة لها للسماح لها باستيراد الغاز الطبيعي وبيعه للقطاع الخاص بالسوق المحلي عن طريق استخدام الشبكة القومية للغازات الطبيعية.
وأضافت أنه سيتم إصدار الرخص خلال الفترة المقبلة، بعد أن أقر مجلس الوزراء المصري اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم سوق الغاز، مؤكده أن الحكومة ليست طرفاً في عقود الغاز مع إسرائيل، وستكون تعاقدات بين القطاع الخاص المصري وتل أبيب، قائلاً: "ولكن وضعنا شروطاً لقبول تنفيذ العقد وتم الموافقة عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية".
وهو ما أشار إليه السيسي في تصريحاته، الأربعاء، مؤكداً أن الحكومة المصرية ليست طرفاً في الاتفاق، مضيفاً "نتيح للشركات أنها تستورد الغاز وتشتغل عليه ونحن كدولة تبقى التسهيلات التي عندنا والمنشآت التي عندنا نأخذ في مقابلها".
وفي وقت سابق الأسبوع الجاري، قال وزير البترول المصري طارق الملا، في تصريحات، الإثنين، إن مصر لم تتلقَ طلباً رسمياً من الشركة التي وقعت عقد استيراد غاز طبيعي من إسرائيل.
وأضاف الملا في مداخلة هاتفية مع قناة "دي إم سي" الفضائية المصرية الخاصة، أن هناك شركتين من القطاع الخاص في مصر توصلتا إلى اتفاق لاستيراد الغاز من إسرائيل، لكنهما لم تأتيا "إلينا كدولة لنعطيهم هذا التصريح بالاستيراد".
قضايا التحكيم
وهناك نزاع تحكيمي قائم بين مصر وإسرائيل بشأن إنهاء مصر لاتفاق تصدير الغاز إلى إسرائيل في 2012، نتيجة تعرض خط الأنابيب العابر للحدود لأعمال تخريب استمرت لشهور منذ 2011.
وحصلت إسرائيل على حكم تحكيم من غرفة التجارة الدولية بجنيف، يلزم مصر بدفع تعويضات عن فترات توقف تصدير الغاز تقدر قيمتها بنحو 1,7 مليار دولار.
وفيما يتعلق بعلاقة الاتفاق وحل النزاع التحكيمي بين البلدين، كشفت المصادر لـ"العين الإخبارية" أن اتفاق دولفينوس سيتضمن قيام تل أبيب بالتنازل عن قضية التحكيم الدولي، التى رفعتها ضد مصر، بسبب وقف توريد الغاز لشركة كهرباء إسرائيل منذ عام 2011.
ومن جانبه، أشار وزير البترول المصري، في تصريحات تليفزيونية، إلى أن الحكومة المصرية أبدت موافقة مبدئية على استيراد الغاز من إسرائيل بتحقق 3 شروط هي "موافقة الحكومة، وأن يُحقّق التعاقد القيمة المضافة للاقتصاد المصري، وإنهاء النزاعات التحكيمية القائمة".
وقال الملا إنه يتعين تسوية الخلافات المعلقة مع إسرائيل من أجل إنجاز الاتفاق، مشيراً إلى طعن مصري على حكم أصدرته غرفة التجارة الدولية في 2015، يأمر مصر بدفع تعويض يبلغ ملياري دولار بعد انهيار اتفاق تصدير الغاز إلى إسرائيل.
نقل الغاز وبيعه بالسوق المصري
وتجري دراسة عدة خيارات لنقل الغاز الإسرائيلي إلى مصر من بينها استخدام خط أنابيب غاز شرق المتوسط، وفقاً لتصريحات مصادر لـ"العين الإخبارية".
ومن جانبها، أوضحت مجموعة ديليك الإسرائيلية، في بيان، أن ديليك للحفر وشريكتها نوبل إنرجي التي مقرها تكساس تنويان البدء في مفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط، لاستخدام خط الأنابيب.
ومن بين الخيارات الأخرى قيد الدراسة لتصدير كمية الغاز البالغة 64 مليار متر مكعب، استخدام خط الأنابيب الأردني الإسرائيلي الجاري بناؤه في إطار اتفاق لتزويد شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز من حقل لوثيان.
وفيما يتعلق ببيع هذا الغاز في السوق المصري، أكدت المصادر لـ"العين الإخبارية" أن الجزء الرئيسي من الغاز سيتم إعادة تصديره خارج السوق المصري، لتحقيق قيمة مضافة عليه بعد إجراء عمليات الإسالة، وإنه سيترك للشركة بيع جزء منه بالسوق المحلي بعد الحصول على موافقة جهاز تنظيم سوق الغاز والذي تم إنشاؤه مؤخراً.
وأضافت أن العائد من الاتفاقية فيما يتعلق بمصر، من خلال رسوم الاستخدام لخطوط الغاز والمرافق ومحطات التسييل، بخلاف أنها تساعد على خلق فرص عمل جديدة، وجذب استثمارات أجنبية للسوق المصري.