ورقة الغاز.. هل تنجح أمريكا في تعويض أوروبا؟
مع اشتداد برودة الشتاء والهبوط المتسارع لدرجات الحرارة، تلجأ دول أوروبا إلى السحب من مخازن الغاز، حتى أصبحت الاحتياطيات بها دون 90%.
أمر قد يدفع دول الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن بديل للغاز الروسي، وهنا تطفو الولايات المتحدة على السطح، بمساعيها الرامية للاستفادة قدر الإمكان من ورقة الغاز التي أصبحت بمثابة سلاح سياسي اليوم، والتحول إلى مصدر بديل للغاز الروسي. وقد بدأت بالفعل أمريكا في الكشف عن نواياها مع إعلانها التخطيط لزيادة صادراتها من الغاز المسال إلى بريطانيا.
احتياطيات الغاز الأوروبي دون الـ90% بمرافق التخزين
وحتى صباح 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري انخفضت احتياطات الغاز في مرافق التخزين بالاتحاد الأوروبي إلى 89,93% أي بنسبة 0,47 نقطة مئوية مما كان عليه قبل يوم واحد. وبغض النظر عن ذلك لا يزال معدل احتياطيات الغاز في مرافق التخزين عند مستوى مرتفع؛ حيث ارتفع هذا المؤشر بنسبة 11 نقطة مئوية تقريبا، مقارنة مع المؤشر المتوسط للسنوات الـ5 الماضية، في حين لا يزال معدل سحب الغاز أيضًا ضمن النطاق الطبيعي فبلغ متوسطه 0,39 نقطة مئوية في ديسمبر الجاري مقابل 0,16 نقطة مئوية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتم تسجيل أكبر وتائر لسحب الغاز من المخازن خلال اليوم الماضي في بلجيكا (1,49 نقطة مئوية) وفرنسا (0,87 نقطة مئوية) وسلوفاكيا (0,78 نقطة مئوية).
قفزة بواردات أوروبا من الغاز المسال
وفي الوقت ذاته كتب محللون من شركة "Rystad Energy" أن واردات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا سجلت نموا قياسيا في نوفمبر الماضي، أي في وقت زيادة الطلب في فصل الشتاء. وأشاروا إلى أن فرنسا وإسبانيا وبريطانيا استوردت حوالي نصف هذا الحجم.
وكتبوا في تقرير جديد لهم: "استمرت درجات الحرارة في أوروبا في الانخفاض في الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري، مما أسفر عن رفع سحب الغاز من مرافق التخزين إلى حوالي 470 مليون متر مكعب في اليوم. وسجلت واردات الغاز الطبيعي المسال نموا قياسيا شهريا بلغ 11,4 مليون طن في نوفمبر/تشرين الثاني".
وأضافوا: "بسبب أن درجة الحرارة ستواصل انخفاضها في الأسبوع الجاري، نتوقع أن سحب الغاز من المخازن سيتراوح بين 300 و500 مليون متر مكعب في اليوم. ويتم دعم سوق الغاز بالأحجام الكبيرة من واردات الغاز الطبيعي المسال وواردات الغاز عبر خطوط أنابيب الغاز من النرويج والواردات المستقرة من إفريقيا وأذربيجان".
مخطط أمريكي لتعويض الغاز الروسي
ولكون تحول الغاز اليوم إلى ورقة سياسية، تعمل الولايات المتحدة على تقوية علاقاتها مع حلفاءها الأوروبيين، وتعقيد الخلاف الروسي الأوروبي بسبب الأزمة الأوكرانية، والدخول كبديل استراتيجي للغاز الروسي، حتى وإن كان بأسعار مضاعفة.
وعلى أرض الواقع، أعلنت الولايات المتحدة في 7 ديسمبر/كانون الأول 2022، أنها ستزيد صادراتها من الغاز الطبيعي إلى المملكة المتحدة.
وكشف بيان للبيت الأبيض، أن العمل جار مع الشركاء الدوليين من أجل "ضمان نقل كميات من الغاز الطبيعي المسال لا تقل عن 9-10 مليارات متر مكعب إلى المملكة المتحدة خلال العام المقبل".
وأضاف البيان بأنه سيتم بحث تعزيز فرص دعم العقود التجارية التي ستضمن تأمين المخزون.
وتسجل أسعار النفط والغاز الطبيعي في أوروبا مستويات مرتفعة، منذ بداية 2022، خاصة بعد الأزمة الأوكرانية.
وفرضت الدول الغربية عقوبات على روسيا، على خلفية العملية العسكرية في إقليم دونباس، التي انطلقت في 24 شباط/فبراير الماضي، شملت قطاعي النفط والغاز؛ الأمر الذي شكل ضغوطاً على السوق العالمية، التي تعاني بالفعل من شح الإمدادات.
وأعلنت روسيا في أكثر من مناسبة، أنها مستعدة لإمداد أوروبا بكل الكميات التي تحتاجها من الغاز؛ شريطة رفع العقوبات التي فرضت عوائق، حالت دون تدفق إمدادات الغاز مرة أخرى إلى الدول الأوروبية.