معركة الغاز والنفط.. روسيا تفتح أسواقا جديدة وأوروبا تجهز البديل
قبل الحرب الروسية الأوكرانية، كانت أوروبا تنظر لموسكو على أنها المصدر الأهم لأمن الطاقة بالنسبة للقارة العجوز.
وفي 24 فبراير/شباط، ومع وصول الأزمة بين أوكرانيا وروسيا لنقطة اللاعودة، مع بدء الاشتباكات العسكرية، تغيرت الصورة تماما بالنسبة للقارة العجوز، وأصبح على أوروبا أن تبحث عن بديل للغاز والنفط الروسي.
نهاية "نورد ستريم 2"
قبل بداية الحرب وخلال سنوات بناء خط "نورد ستريم 2"، اتهم بعض الساسة والخبراء الأوروبيين روسيا باستخدام إمداداتها للطاقة كأداة ضغط سياسية داعين إلى تقليص الاعتماد على الصادرات الروسية.
ورغم اكتمال بناء خط الأنابيب البالغ قيمته 11 مليار دولار والذي واجه معارضة قوية من الولايات المتحدة، في سبتمبر/أيلول الماضي عبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا، إلا أنه ظل خارج الخدمة، فهو لن يحصل على موافقة الهيئات الناظمة في ألمانيا والاتحاد الأوروبي، خاصة بعد الحرب
في حال تشغيل خط الغاز الجديد كان سيضاعف الطاقة السنوية الحالية لخط الأنابيب القائم نورد ستريم عبر بحر البلطيق إلى 110 مليارات متر مكعب من الغاز أو أكثر من نصف صادرات الغاز لروسيا عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا.
لكن المشروعين كليهما مصممان للالتفاف حول أوكرانيا، وهي طريق رئيسي لصادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، مما سيحرم كييف من مليارات الدولارات من إيرادات رسوم المرور.
أرقام روسية
وتتلقى الدول الأوروبية 4 ملايين برميل من النفط الروسي يوميًا، إلا أن الحرب الروسية على أوكرانيا، دفعت بالاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على واردات النفط الروسي.
تمد روسيا دول الاتحاد بنحو 40% من احتياجاته من الغاز و27% من احتياجاته من النفط.
وتعتبر روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالميًا بصادرات تبلغ 29.3 مليون طن من الغاز في 2021، وثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد كل من أمريكا والسعودية على الترتيب، بحسب الموقع الرسمي لوزارة الطاقة الأمريكية.
وتعد موسكو من أكبر المنتجين للنفط والغاز في العالم، لذلك فعقوبات المرتبطة بقطاع الطاقة الروسي هي الأبرز في سلسلة العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا منذ بداية الحرب.
عقوبات غربية
وفرضت الولايات المتحدة حظرًا على واردات النفط الخام والغاز والفحم الروسي، كما أعلنت بريطانيا نيتها تعيلق شراء النفط الروسي بشكل تدريجي بنهاية العام الجاري، فضلاً عن حظر الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد للطاقة من روسيا، استيراد الفحم الروسي، ويدرس حظر واردات النفط أو الغاز أيضا، فيما قررت ألمانيا إلغاء خط أنابيب نورد ستريم 2، وكان مخطط لهذا المشروع أن يسمح بتدفق مزيد من الغاز الروسي إلى ألمانيا.
حل روسي
في ظل هذا الطريق المسدود بين روسيا والغرب، يتعين على أوروبا أن تبحث عن بدائل آمنة لمصادر الطاقة، خاصة بعد أن وجهت روسيا الصادرات النفطية التي ترفضها أوروبا إلى مناطق أخرى.
يأتي التحرك الروسي، بعد أن أدت العقوبات إلى انخفاض إنتاج النفط الروسي في أبريل/ نيسان بنسبة 9% عن الشهر السابق له.
بلغ إنتاج روسيا النفطي 9.16 مليون برميل يوميًا في أبريل/نيسان، وفقًا لبيانات من مصادر ثانوية جمعتها أوبك +، بانخفاض نحو 860 ألف برميل يوميًا من مارس/ آذار، وهو ما يمثل أكبر انخفاض في إنتاج البلاد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في التسعينيات.
وتبرز الصين كواحدة من الحلول التي أنقذت النفط الروسي من الركود، حيث زادت صادرات النفط والغاز الروسي إلى الصين بشكل مطرد، إذ تعد روسيا ثاني أكبر مورد للنفط للصين بعد المملكة العربية السعودية، وبلغ متوسط الحجم 1.59 مليون برميل يوميًا العام الماضي، أو 15.5% من الواردات الصينية، وفقا لبيانات فوربس.
يتدفق حوالي 40% من الإمدادات عبر خط أنابيب شرق سيبيريا والمحيط الهادئ (ESPO) الذي يبلغ طوله 4070 كيلومترًا (2540 ميلًا) والذي تم تمويله بقروض صينية بقيمة 50 مليار دولار.
كما تعد روسيا أيضًا المورد رقم 3 للغاز لبكين، حيث صدرت 16.5 مليار متر مكعب من الوقود إلى الصين في 2021، ما لبى حوالي 5% من الطلب الصيني، وتعد روسيا أيضًا المورد الثاني للفحم للصين في 2021.
كذلك كشف بوتين النقاب عن صفقات نفط وغاز روسية جديدة مع الصين تقدر قيمتها بنحو 117.5 مليار دولار.
خطة أوروبية
ولم تقف أوروبا التي تبحث عن بديل للغاز والنفط الروسي مكتوفة الأيدي، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي في 18 مايو/أيار الجاري عن خطة استثمارية تصل قيمتها إلى 315 مليار دولار للاستغناء عن النفط الروسي بحلول عام 2030.
تشمل الخطة استثمارات بقيمة 10.5 مليار دولار للبنية التحتية للغاز، و2.1 مليار دولار للنفط على أن يخصص الباقي لاستثمارات الطاقة النظيفة.