سلاح الغاز "القاتل".. أوروبا تهرول نحو "التخلي" وروسيا تتوعد
أصبح الغاز ورقة استراتيجية بين روسيا والغرب، فهو ثروة وشريان حياة تمتلكها موسكو، لكن واشنطن والاتحاد الأوروبي يعملان على تجميده.
واليوم، يحاول الغرب تصدير أن روسيا تتعنت في إمداد أوروبا بالغاز، وهذا يناقض تمامًا تأكيد موسكو أن مؤسساتها ومرافقها جاهزة لتزويد القارة العجوز بمورد الغاز الطبيعي. فأين الحقيقة من ذلك؟
"نورد ستريم 2" لا يزال جاهزًا لإمداد أوروبا بالغاز
أليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لشركة جازبروم الروسية، صرح على هامش منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي، بأن خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2 " لا يزال جاهزا لإمداد أوروبا بالغاز، إلا أنه لم يحصل على الموافقات اللازمة.
ونقلت وكالة "بلومبرج" للأنباء عنه القول إن العالم يشهد "تغيرات تكتونية" (في تركيبة) الأسواق، بما في ذلك التقلبات الضخمة في السلع وارتفاع التضخم. وحمّل الجهات التنظيمية المسؤولية عن ذلك، وخاصة تلك الموجودة في أوروبا".
ولفت إلى أن عقود التوريد طويلة الأجل توفر اليقين الذي يحتاج إليه منتجو الغاز لضخ استثمارات في المراحل الأولى من الصناعة.
وأفاد "ميلر" بأنه لا يوجد حتى الآن حل لمشكلة توربينات الغاز اللازمة لتشغيل خط أنابيب نورد ستريم.
ووصف مشكلات توربينات الغاز في محطة ضاغط بورتوفايا بأنها "معقدة للغاية"، وفقا لما نقلته عنه وكالة "بلومبرج" للأنباء.
وتقوم شركة سيمينس الألمانية بإنتاج جميع توربينات نورد ستريم، كما أن مصنعا واحدا من مصانع الشركة، موجود في كندا، هو فقط الذي يمكنه إجراء الصيانة لها.
وأعلنت سيمينس الثلاثاء 14 يونيو/حزيران 2022، أن السبل تقطعت بأحد التوربينات التي تم إرسالها لكندا للصيانة، بسبب العقوبات التي تفرضها أوتاوا، والتي تمنع تقديم الخدمات الفنية لصناعة النفط والغاز الروسية.
ووفقًا لبلومبرج، فإنه مع تراجع إمدادات جازبروم من الغاز لدول الاتحاد الأوروبي بسبب قضية التوربيات، قفزت أسعار الغاز، وبالتالي فإن الشركة لا تزال مستفيدة.
وتجدر الإشارة إلى أن خط نورد ستريم 2، المثير للجدل والذي كان مقررًا له أن ينقل الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا دون المرور عبر أوكرانيا، قد تعثّر في وقت سابق من هذا العام وسط تصاعد التوترات بشأن أوكرانيا.
هل يتوقف الغاز عن التدفق إلى ألمانيا؟
فيما قال مسؤول روسي الخميس 16 يونيو/حزيران 2022، إنه من الممكن توقف خط نقل الغاز الطبيعي لألمانيا " نورد ستريم 1" بصورة كاملة، وذلك في ظل استمرار الخلاف بين الكرملين والغرب بسبب إمدادات الغاز على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وقال السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلادمير تشيزوف في منتدى اقتصادي في سان بطرسبرج اليوم، إنه يمكن إغلاق خط الغاز بصور كاملة بسبب مشاكل تتعلق بإصلاحات التوربينات في كندا، وفقا لما ذكرته صحيفة كوميرسانت.
وأضاف أنه يتعين على ألمانيا التفكير في إصلاح التوربينات على أراضيها بحيث لا يتعين شحنها إلى كندا.
وقد تم خفض أقصى كمية غاز يمكن أن تمر عبر الخط بنسبة 60% منذ بداية الاسبوع. نفت الوكالة الاتحادية للشبكات في ألمانيا صحة ما قالته جازبروم عن تسبب التأخر في أعمال صيانة ضاغط للغاز في تقليص الكميات الموردة. وكان وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك صرح في وقت سابق من اليوم بأنه يعتقد بأن التقليص الأخير لواردات الغاز الروسي لألمانيا الذي تم الإعلان عنه أمس له دوافع سياسية.
وكان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قد قال إن انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا عبر خط نورد ستريم ليست متعمدة لكنها نتيجة لمشاكل في إصلاح التوربينات بسبب العقوبات، في إشارة إلى تصريحات سابقة بأن روسيا غير قادرة على استعادة معدات أرسلتها إلى كندا للإصلاح.
وقالت ألمانيا إن حجة روسيا "لا أساس لها من الصحة" من الناحية الفنية، وإنها تهدف إلى رفع أسعار الغاز.
وقفزت أسعار الغاز بالجملة في هولندا، وهو معيار أوروبي لتداول الغاز، بنحو 30 بالمئة بعد ظهر اليوم الخميس.
وقال سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبي لوكالة الإعلام الروسية إن التدفقات عبر خط الأنابيب قد تتوقف بالكامل بسبب مشكلات تتعلق بإصلاح توربينات في كندا.
وقال أليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لشركة جازبروم، التي تحتكر صادرات الغاز الروسي عبر خط الأنابيب، إن العقوبات الغربية جعلت من المستحيل تأمين عودة المعدات من كندا لمحطة الضغط الخاصة بخط الأنابيب في بورتوفايا.
"جازبروم" تضخ ثلثي كمية الغاز المطلوبة
وقد أفادت شركة "إيني" الإيطالية بأن شركة "جازبروم" الروسية تواصل ضخ إمدادات غاز أقل لإيطاليا لليوم الثاني.
ووفقا لوكالة "بلومبرج" للأنباء فإن التخفيض يمثل 65% من الكميات المطلوبة ليوم الخميس.
وكان تم إبلاغ الشركة الإيطالية أمس بأن التدفقات ستتراجع بـ 15%، لتنضم الشركة بذلك لقائمة آخذة في الاتساع من شركات تضررت إمداداتها جراء تصاعد التوترات بين موسكو وأوروبا.
وأوضحت إيني أن كمية الغاز التي طلبتها من الغاز لليوم أعلى بنحو 44% عن اليوم السابق، وذلك للتعويض جزئيا عن الكمية التي لم تتسلمها يوم أمس.
وبشكل عام، ستقوم جازبروم بضخ حوالي 32 مليون متر مكعب، بارتفاع طفيف عن اليوم السابق.
وكان مكتب وزير الطاقة الإيطالي روبرتو سينجولاني أكد أمس أن البلاد لا تواجه نقصا حادا، وأن الحكومة تراقب الوضع عن كثب.
وذكرت إيني أن جازبروم أرجعت السبب وراء تراجع الإمدادات إلى مشكلات في محطة بورتوفايا التي تغذي خط أنابيب غاز نورد ستريم. وتقول ألمانيا إن خفض روسيا للإمدادات له "دوافع سياسية"، ويهدف إلى زعزعة استقرار الأسواق.
"تخلي" أوروبي.. و"التزام" روسي
وبدوره، دافع رئيس شركة "جازبروم" الروسية العملاقة أليكسي ميلر الخميس، عن قرارات المجموعة التي تواصل خفض شحناتها إلى أوروبا في سياق الهجوم الروسي على أوكرانيا والعقوبات الغربية ضد موسكو.
وقال ميلر في منتدى سانت بطرسبورج الاقتصادي "هذا منتجنا وهذه قواعدنا. نحن لا نعمل بموجب قواعد لم نضعها".
وأضاف "روسيا مورد طاقة موثوق لأصدقاء روسيا"، وهو شكل مختلف من المقولة التي كانت تكررها شركة جازبروم حول موثوقية المجموعة لعملائها.
وتشهد صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا انخفاضا متواصلا منذ فرض العقوبات الغربية ضد موسكو.
وإذا كان الاتحاد الأوروبي يسعى للتخلص من اعتماده على روسيا في مجال الطاقة، فإن شركة "جازبروم" كانت المبادِرة إلى وقف شحنات الغاز للعديد من العملاء الأوروبيين الذين رفضوا الدفع بالروبل، كما يطالب الكرملين الآن.
وأوضح ميلر "حتى الآن، ليس هناك أي طريقة لمعالجة" هذه المشكلة، مؤكدا أن "سيمنز ما زالت تلتزم الصمت" في هذا الصدد.
وتابع "نعم سنخفض الإمدادات إلى أوروبا"، مشيرا إلى أنه "في المستقبل القريب جدا، سينمو الطلب على الغاز الطبيعي المسال في سوق آسيا والمحيط الهادئ".
وقال في انتقاد للأوروبيين "قالوا إن العقود الطويلة الأجل ليست ضرورية، فإذا ليست هناك حاجة إليها... لقد وفينا بالتزاماتنا تجاهكم".
* سباق أوروبي لإعادة ملء الخزانات
لدى نورد ستريم 1 القدرة على ضخ نحو 55 مليار متر مكعب سنويا إلى الاتحاد الأوروبي الذي استورد العام الماضي 140 مليار متر مكعب تقريبا من الغاز من روسيا عبر خطوط الأنابيب.
وتسعى ألمانيا جاهدة، مثل الدول الأوروبية الأخرى، لإعادة ملء منشآت تخزين الغاز لديها بحيث تكون ممتلئة بنسبة 80 بالمئة بحلول أكتوبر تشرين الأول و90 بالمئة بحلول نوفمبر تشرين الثاني، قبل قدوم فصل الشتاء. وتصل نسبة امتلاء هذه المرافق حاليا إلى 52 بالمئة.
وقال كلاوس مولر رئيس هيئة تنظيم الطاقة في ألمانيا إن قطع التدفقات عبر نورد ستريم 1 سيجعل هذه المهمة أصعب.
وأضاف مولر لصحيفة راينيشه بوست الصادرة اليوم الخميس "ربما يمكننا اجتياز الصيف مع انتهاء موسم التدفئة. لكن من الضروري أن نملأ مرافق التخزين لتجاوز الشتاء".
وقالت شركة يونيبر، أكبر مستورد للغاز الروسي بألمانيا، إن الإمدادات تراجعت بمقدار الربع مقارنة بالكميات المتفق عليها، لكنها ربما تعوض الكميات المفقودة من مصادر أخرى. وقالت شركة إنتاج الطاقة آر.دبليو.إي إنها واجهت قيودا في اليومين الماضيين.
ويستهدف الاتحاد الأوروبي ضمان امتلاء مرافق تخزين الغاز في جميع أنحاء الكتلة المؤلفة من 27 دولة بنسبة 80 بالمئة بحلول نوفمبر تشرين الثاني. لكن الدول الأوروبية الأخرى تواجه أيضا تراجع الإمدادات الروسية.
وقالت شركة إس.بي.بي، شركة استيراد الغاز المملوكة للدولة في سلوفاكيا، إنها تتوقع خفض شحنات الغاز الروسي اليوم الخميس بنحو 30 بالمئة، في حين قالت شركة الكهرباء التشيكية سي.إي.زد إنها واجهت تراجعا مماثلا لكنها تعوض الفجوة من مصادر أخرى.
وقالت شركة أو.إم.في النمساوية إن جازبروم أبلغتها بتقليص الإمدادات، وذكرت شركة إنجي الفرنسية أن التدفقات تراجعت لكن العملاء لم يتأثروا، بينما قالت شركة إيني الإيطالية إنها ستتلقى 65 بالمئة من الكميات التي طلبتها من جازبروم.
ومما يزيد من صعوبة الأمر، سيتم إغلاق نورد ستريم 1 تماما أثناء الصيانة السنوية بين 11 و21 يوليو تموز.
من جهة أخرى، وعدت روسيا اليوم الخميس بتعجيل المحادثات بشأن زيادة مبيعات الغاز إلى الصين، وهددت بأن أوروبا ستدفع ثمنا باهظا لحظرها النفط الروسي.
وقال نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك إن أوروبا ستتكبد 400 مليار دولار إضافية مقابل الحصول على الطاقة بسعر أعلى، وربما تواجه نقصا في المنتجات النفطية، دون أن يذكر إطارا زمنيا لذلك.
aXA6IDE4LjExNy4xMDcuNzgg جزيرة ام اند امز