بالصور.. صناعة الفخار بغزة: مهنة تصارع للبقاء
بمهارة وخفة يد يلعب الفلسطيني سيد أبو غالي بقطع الطين، لتدور على آلة متحركة لتتشكل بعد لحظات إلى جسم فخاري يعكس الجمال والأصالة.
لا تغادر الابتسامة وجه "سيد" (40 عاماً) وهو يشرح لـ"العين الإخبارية" رحلته في عالم صناعة الفخار في معمله شرق دير البلح وسط قطاع غزة، الذي تنتشر به مئات القطع الفخارية المتنوعة.
وتصارع مهنة صناعة الفخار للبقاء مع شيوع استخدام الأواني الزجاجية والفضية، في حين يتمسك به الكثير من باب التراث والعراقة.
وراثة مهنة الأجداد
ورث "سيد" صناعة الفخار أبًا عن جد، حيث بدأ والده العمل عام 1945، وهو يستعد لتوريثه لأبنائه الذين يشاركوه العمل في الفاخورة.
لمسات وضربات تبدو عشوائية لكنها محسوبة، تتحرك يدا "سيد" المجبولتان بالطين لتشكل الجسم المراد تصميمه "كل حركة وكل لفة لها دور في تشكيل وتصميم معين".
بانسيابية وليونة تتحرك قطع الطين بين يدي "سيد"، كأن بينهما تناغم وفهم مشترك بعد قرابة 30 عامًا من العمل في هذا المجال الذي يبدو أقرب إلى ممارسة فن بعشق أكثر من مهنة يكتسب منها قوت عياله.
وبدأ "سيد" رحلته مع عالم الفخار وهو لا يزال طفلاً صغيرا يعود من مدرسته ليلتحق بمعمل والده يتعلم منه ويهيم شغفا بقطع الفخار التي تأخذ أشكالا جمالية متعددة بطابع تراثي أصيل.
مراحل صناعة الفخار
وتمر صناعة الفخار بعدة مراحل، وفق سيد أبو غالي، الذي يوضح أن المرحلة الأولى تتمثل في جلب الطين الخام من الأراضي، ثم يجري تجفيفه لمدة أسبوع ليوضع بعد ذلك في حفرة كبيرة عمقها متر، ويمزج جيداً ويصفى من الشوائب.
ويضيف أن الطين يوضع بعد ذلك في حوض مساحته 5 أمتار ويعرض تحت أشعة الشمس لمدة 3-4 أيام، ليصبح جاهزاً للمرور عبر آلة خاصة تُشكله إلى أعمدة، وبعد ذلك يكون الطين وصل لمرحلة التشكيل اليدوي بواسطة الدواليب.
ويجري التشكيل حسب متطلبات السوق، فهناك: الزبادي، وأباريق الفخار، وفخاريات الرز، والزير، وأشكال أخرى للزينة.
ويؤكد أنه بعد اكتمال تشكيل الجسم الفخاري يجري عرضه تحت أشعة الشمس لمدة أسبوع كي يجف من الماء، ومن ثم يتم إدخاله إلى فرن تصل درجة الحرارة فيه إلى 900 درجة مئوية.
تراجع وهذا هو السبب
وبحسب سيد أبو غالي فإن سكان قطاع غزة اعتمدوا كثيرا في الماضي على الفخار في الطهي وحفظ المياه وتخزين الزيتون، ولاحقا انخفض الاهتمام بها مع شيوع استخدام الأواني الزجاجية والبلاستيكية.
وأثر ذلك على صناعة الفخار، فتراجع عدد المعامل الخاصة بصناعته من 50 معملا بين 1950-1970 إلى 3 معامل فقط حاليا، وفق "سيد".
وذكر أنه في السابق كان لديه عددا كبيرا من العمال أما حاليا فيعمل فقط بمساعدة أبنائه نظراً لانخفاض حجم الطلب وبالتالي انعكس ذلك على الإنتاج.
وقال: في السابق كنا نصدر الفخار إلى إسرائيل وحتى إلى دول أوروبية، وبالتالي كان هناك عمل متواصل وضغط أما حاليا فنغطي حاجة السوق المحلي، ويؤكد أن عمله في هذا المجال، يعتبر نوعا من الفن والعشق وليس فقط مجرد عمل للدخل المالي مع أهمية ذلك لتلبية متطلبات الحياة.