الكوابيس تداهم 6 من كل 10 أطفال في غزة
مركز حقوقي دولي لاحظ ارتفاع معدلات الكوابيس على نحو غير طبيعي بين الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة.. ما الحكاية؟
لاحظ مركز حقوقي دولي ارتفاع معدلات الكوابيس على نحو غير طبيعي بين الأطفال في قطاع غزة.
وقال المجلس النرويجي للاجئين في دراسة، الخميس، أرسل نسخة منها ل"العين الإخبارية"إنه "يعاني الأطفال الذين يعيشون في قطاع غزة من معدلات عالية إلى حد غير طبيعي من الكوابيس ويظهرون علامات متزايدة من التدهور النفسي والاجتماعي نتيجة للاستجابة العنيفة للاحتجاجات في غزة بعد أكثر من شهر بقليل على بدئها".
جاء ذلك إثر تقييم أجراه المركز شمل 300 تلميذ تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاماً في ثلاث مدارس في شمال وشرق غزة في الفترة ما بين 26 إلى 29 آذار/مارس، ومرة أخرى في الفترة ما بين 22 إلى 25 نيسان/ابريل.
وقال: "كان 56 % من الأطفال الفلسطينيين الذين شملهم التقييم يعانون من الكوابيس، وارتفعت هذه النسبة إلى 60 % بعد شهر من انطلاق مسيرات العودة الكبرى في آذار/مارس، والتي قُتل خلالها أكثر من 38 متظاهراً فلسطينياً، من بينهم 4 أطفال وصحفيان. كما أُصيب أكثر من 6400 فلسطيني، من بينهم ما لا يقل عن 530 طفلاً، ترك العديد منهم بأطراف مبتورة وإعاقات دائمة".
واضاف: "كوابيس أطفال غزة في ازدياد"، مشيرا إلى أن "6 من كل 10 أطفال تم إجراء تقييم عليهم يعانون من كوابيس أليمة".
كما شمل التقييم العشوائي مديري المدارس في 20 مدرسة في نيسان/ابريل 2018.
وقال المركز النرويجي :" أفاد مديرو عشرين مدرسة قابلهم المجلس النرويجي للاجئين أن هناك زيادة في أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لدى الأطفال، بما في ذلك الخوف والقلق والإجهاد والكوابيس. وعزا مديرو المدارس المستويات العالية من اضطراب ما بعد الصدمة وانخفاض التركيز في المدرسة إلى الاستجابة العنيفة للتظاهرات. فوضع المديرون زيادة الدعم النفسي والاجتماعي في المدارس على أعلى سلم أولويات احتياجاتهم في الوقت الحالي".
وقال أمين عام المجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند: "إن العنف الذي يشهده الأطفال في غزة يفاقم الوضع المتدهور مسبقاً والذي يؤثر سلباً على صحتهم العقلية، بما في ذلك العيش تحت الحصار طوال السنوات الإحدى عشرة الماضية، وفي ثلاث حروب مدمرة حرمت العديد من الأطفال من أقاربهم وأصدقائهم المقربين. والآن ها هم مرةً أخرى يواجهون احتمالاً مرعباً يتمثل في فقدان أحبائهم لأنهم يرون المزيد والمزيد من الأصدقاء والأقارب يتعرضون للقتل والإصابة".
وقد أثار استخدام قوات الاحتلال الذخيرة الحية ضد المدنيين غير المسلحين قلق الأطباء في مستشفيات غزة الذين يستقبلون أعداداً متزايدة من الأشخاص المصابين بأعيرة نارية وعضلات ممزقة وعظام محطمة.
وأضاف إيغلاند: "ندعو جميع التظاهرات إلى أن تكون غير عنيفة، كما يجب على إسرائيل وقف استخدام القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين ومحاسبة المسؤولين عن استخدامها".
وقد حددت المنظمات الإنسانية في غزة ثلاثة مجالات للتدخل لها أهمية قصوى في الاستجابة للاحتياجات العاجلة الناجمة عن الاحتجاجات الجارية في غزة وهي: توفير الرعاية الصحية الفورية المنقذة للحياة، ورصد انتهاكات الحماية المحتملة والتحقق منها وتوثيقها، وتوسيع نطاق توفير الصحة النفسية والدعم النفسي للأشخاص المصابين أو المتضررين من الأحداث.
ويقدم المجلس النرويجي للاجئين الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ويدرب المعلمين من خلال برنامج "نحو تعلم أفضل"، الذي تم تطويره بالشراكة مع جامعة ترومسو في النرويج.
ويشمل جزء من البرنامج فحص تلاميذ المدارس للكوابيس، وهي واحدة من أكثر علامات التدهور النفسي ذات الصلة،وتشمل الأنشطة تدريب الأطفال على القيام بتمارين التنفس ورسم أحلامهم.
ويقود جون-هاكون شولتز، وهو أستاذ في علم النفس التربوي في جامعة ترومسو، تنفيذ برنامج "نحو تعلم أفضل" في غزة منذ عام 2012.
وقال شولتز: "بالنسبة للأطفال الذين نعمل معهم، تستمر الكوابيس لديهم لعدة أشهر وسنوات بعد تعرضهم للعنف". ويشدد على أن هذه الكوابيس هي كوابيس مؤلمة، حيث يستيقظ الطفل في خوف بسببها. يكمل قائلاً: "إن الأزمة الحالية تعيد أيضا الصدمة السابقة وتشكل تهديدا مباشرا للصحة العقلية للأطفال وتنميتهم".
ومن جهته قال منسّق برنامج التعليم لدى المجلس النرويجي للاجئين في غزة أسعد عاشور: " يزداد نفاد صبر الأطفال الذين يعانون من الكوابيس في المدرسة ويصبحون أكثر تعاسة في حياتهم، فهم غير قادرين على التركيز في الصف".
وكأمثلة يشير التقرير الى أن ريهام القديح (14 عاماً) أظهرت تحسينات ملحوظة في التعامل مع الصدمة التي تعرضت لها غزة عام 2014 حتى أصيب والدها في ساقه أثناء التظاهرات. لديها الآن كوابيس يومية تحلم فيها بوفاة والدها أو بتر ساقه.
وينقل عن أرملة جهاد أبو جاموس -الذي استشهد أثناء تواجده في التظاهرات- المجلس النرويجي للاجئين حول استيقاظ أطفالها الأربعة في الليل وهم يصرخون ويبكون.
وتقول غدير: "يبقون شاردين دائماً ويرفضون تناول الطعام والشراب".