بالصور.. صيادو غزة.. معاناة متواصلة أمام بحر يضيق بأرزاقهم
مطاردة البحرية الإسرائيلية لمراكب الصيد تجرى بشكل شبه يومية، وخلال عام 2018 تمت مصادرة 36 قارب صيد واعتقال 160 صيادا فلسطينيا
تبدأ رحلة السعي بحراً في قطاع غزة طلباً للرزق كلما تراجعت إسرائيل عن فرض شروطها القاسية واطمأن الصيادون إلى الخروج والعودة سالمين وتلاشي خطر الاعتقال.
معاناة لا ترتبط فقط بالاحتلال الذي يسيطر على البحر، لكن بالظروف الداخلية التي يعيشها القطاع؛ فالانقسام له آثاره المعقدة على لقمة عيش الصيادين، والضرائب التي ترهقهم، وقلة حيلة كثير منهم في صيانة المراكب والشباك التي تحبط مساعيهم في حصادهم القليل.
أكبر مشاكل هؤلاء الصيادين تتمثل في إحالة الغالبية العظمى منهم إلى عاطلين عن العمل، والانتظار على طوابير المساعدات والمعونات المحلية والدولية، ومن نجا منهم بعمل ولو بشق الأنفس وقع في مصيدة كبار التجار فيضطر إلى بيع شقاه بثمن بخس.
"العين الإخبارية" تجولت على شاطئ بحر غزة لنقل هموم الصيادين وتسليط الضوء على معاناتهم:
يقول أحمد أبوحمادة من نقابة الصيادين الفلسطينيين: إن الواقع الصعب في القطاع بشكل عام أثر سلباً على شريحة الصيادين، بل جعلهم أكثر الشرائح في المجتمع الفلسطيني تهديداً في لقمة العيش، خصوصاً أن إسرائيل تتعامل أمنياً مع البحارة والمراكب وحتى الشباك، لذلك لا توجد مسافة بحرية ثابتة للسماح في التعامل معها من قبل الصيادين.
ويضيف: إن وجدت هذه المساحة لفترة قصيرة فالمنطقة الشمالية لقطاع غزة، وتسمى المنطقة "K" منطقة محرمة على الصيادين، ومن منطقة مدينة غزة حتى وادي غزة جنوب المدينة فالصيد مسموح في 6 أميال فقط، بينما من وادي غزة إلى منطقة رفح جنوب القطاع 12 ميلاً، وتنحسر إلى 6 أميال بشكل مفاجئ وغير معلوم للصيادين، ما يؤدي إلى اعتقالهم، واحتجاز مراكبهم، فيما تبقى منطقة رفح الحدودية منطقة محرمة على الصيادين الفلسطينيين.
وعن المضايقات الإسرائيلية، يقول أبوحمادة: إن مطاردة البحرية الإسرائيلية لمراكب الصيد شبه يومية، فخلال عام 2018 تمت مصادرة 36 قارب صيد واعتقال 160 صيادا فلسطينيا، وهؤلاء تختلف فترات اعتقالهم، فمنهم من يقضي أسبوعاً، ومنهم من يبقى سنة أو سنتين، وهناك 25 صياداً معتقلاً منذ سنوات.
ويوضح: تحتجز إسرائيل 85 مركب صيد بأحجام مختلفة، ويتم التفاوض حولها منذ سنوات، في حين استشهد 8 صيادين منذ عام 2015، ووصلت الإصابات بالرصاص الحي إلى 58 إصابة و80 إصابة بالرصاص المطاطي، بينما تم دهس مركب صيد من قبل طراد إسرائيلي وفُقِد ربان المركب محمد الهسي، وحتى اللحظة لم يتم العثور على جثته، وفي هذا العام الذي نعيش أيامه الأولى تمت مصادرة 3 مراكب، ويمكن القول إنه منذ أسر جلعاد شاليط خلال عام 2006 حتى الآن والصيادون يعيشون حالة شديدة من التعقيدات، والمضايقات.
ويضيف أحمد أبوحمادة: نتوجه كنقابة صيادين إلى مراكز حقوق الإنسان كجهات يمكنها أن تنقل معاناتنا، وتطالب بحقوقنا، وهناك الكثير من القضايا المرفوعة التي تنتظر أجوبة أو قرارات، خصوصا ملف الاعتقالات واحتجاز مراكب الصيد. وبخصوص التعويضات التي يستحقها الصيادون من إطلاق النار عليهم، وعلى مراكبهم وإغراق بعضها لم يتحصل الصيادون على أي من هذه الأموال بعد، رغم وجود العديد من قضايا التعويضات المرفوعة من قبل محامين إسرائيليين ضد البحرية الإسرائيلية.
وعن الأوضاع الداخلية وتأثر الصيادين بها يقول أبوحمادة: رغم ظروف العمل الصعبة التي تفرضها إسرائيل على واقع الصيد في قطاع غزة، فإن الإجراءات التي أفرزها الانقسام الداخلي تلعب دوراً معقداً في حياة الصيادين، ومنها الضرائب المفروضة، والتراخيص السنوية، وعدم وجود مصادر دعم للصيادين في حال انقطعوا عن العمل، لذلك نجد أن معظم الصيادين فقراء، ويعيشون تحت خط الفقر، بينما إنتاجهم يقل كلما فرضت عليهم شروط عمل لا يطيقونها، ويقع البعض العامل منهم في مصيدة كبار التجار الذين يشترون الأسماك بأسعار لا تتناسب بالمطلق مع تكاليف الصيد ومخاطره، وبالمختصر فإن واقع الصيد في قطاع غزة مهدد في أي لحظة، والصيادون ضحايا واقع مأزوم بكل تفاصيله.
من جانبه، يقول الصياد أحمد النجار: احتجزت البحرية الإسرائيلية مركب الصيد الذي أعمل فيه منذ سنتين تقريباً دون أي مخالفة، وباءت كل محاولات استرجاعه بالفشل، ومنذ احتجازه وأنا أعيش على المعونات الإنسانية.
ويضيف: أعيل 11 شخصاً إضافة إلى إخوتي الذين كانوا يعملون معي على المركب، كلهم تعطلوا عن العمل ولجأنا إلى طلب المساعدة من وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، ولكن المعونات التي تصرف كل 3 أو 4 أشهر لا تعيلنا لأيام معدودة، واقعنا أقل ما يقال عنه إنه مزرٍ.
ويقول بائع الأسماك مبروك حجو: إن تجار الأسماك معروفون في قطاع غزة، وهو سوق محتكر لجهتين فقط تجمعان حصاد الصيادين وتصدرّه إلى إسرائيل والضفة الغربية، وإذا لم يخرج السمك من معابر غزة فسيعود إلى السوق المحلي بأسعار متدنية جداً، وبهذا يخسر التجار، خصوصاً أن إسرائيل لا تمنح دائماً تصاريح لتجار الأسماك لتصديرها، وتطبق عليهم شروطا تعجيزية، لذلك يضطر التاجر إلى الضغط على الصياد البسيط بالأسعار، تقديراً لأسوأ الحالات وهي رفض إسرائيل دخول السمك عبر المعابر.