برقية سرية.. تفاصيل لقاء أمريكي- فلسطيني عن «كامب ديفيد»
من المستوطنات للقدس، وثيقة سرية تسلط الضوء على لقاء استثنائي بين أمريكا وفلسطينيين بعد أسبوعين من اتفاقية السلام المصرية- الإسرائيلية.
وكشفت البرقية عن عقد لقاء أمريكي مع شخصيات فلسطينية من القدس والضفة الغربية وغزة، بعد توقيع مصر وإسرائيل على معاهدة السلام في 17 سبتمبر/أيلول 1978. سعت واشنطن من خلال هذا اللقاء إلى التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية. وعُقد اللقاء في 30 سبتمبر/أيلول 1978 في منزل القنصل العام الأمريكي بالقدس، وشارك فيه 6 شخصيات من القدس والضفة الغربية، و3 من غزة.
- «حرب مصغرة من غزة».. ماذا يحدث في شمال الضفة الغربية؟
- إجراء أمريكي صارم ضد مقوضي السلام في الضفة الغربية.. لا يستثني الإسرائيليين
تشير البرقية، التي رُفعت عنها السرية واطلعت "العين الإخبارية" عليها، إلى أن رؤساء البلديات المؤيدين لمنظمة التحرير الفلسطينية في نابلس وطولكرم ورام الله والبيرة وحلحول قاطعوا الاجتماع. كما غاب ثلاثة من سكان غزة المدعوين.
في ذلك الوقت، انتقدت منظمة التحرير الفلسطينية الاتفاقية التي تم توقيعها في البيت الأبيض بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن، بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وذلك بعد 12 يوماً من المفاوضات السرية في منتجع كامب ديفيد الأمريكي.
تجميد المستوطنات
ذكرت البرقية أن الدعوة للقاء وجهها السفير الأمريكي الأسبق في القاهرة، ألفرد أثيرتون، وأن الفلسطينيين أعربوا عن قلقهم إزاء أوجه القصور والغموض الملحوظة في إطار عمل كامب ديفيد، وتلقوا تفسيرات وتوضيحات أمريكية مفصلة.
وأضافت البرقية: "أوضح أثيرتون أن الولايات المتحدة تعترف بمركزية القضية الفلسطينية"، مقتبساً في هذا الصدد من خطاب وزير الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفقاً للبرقية، طالب الفلسطينيون، من بين أمور أخرى، بتجميد المستوطنات طوال الفترة الانتقالية، ومشاركة الملك الأردني الحسين بن طلال أو منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات لبحث ملف القدس، وضرورة تمكين السكان العرب في القدس الشرقية من التصويت للسلطة الانتقالية.
وأشارت البرقية إلى أن أثيرتون قال إن الفلسطينيين قد يجدون أن إطار عملهم الخاص ناقص في بعض النواحي، لكنه يقدم فرصًا حقيقية، ويجب عليهم أن يفكروا بعناية في البدائل المتاحة لهم.
ولفت أثيرتون إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، سيروس فانس، شخصياً طلب منه لقاء سكان الضفة الغربية وغزة أثناء وجوده في القدس، وأعرب عن سعادته بهذه الفرصة.
أضافت البرقية أن أثيرتون قدم وصفاً لقمة كامب ديفيد، واختتم بالقول إن الاجتماع كان "مثيراً للتشويق"، حيث تم التوصل إلى اتفاق في اليوم الأخير.
تابعت البرقية: "أحد العناصر الجديدة الرئيسية التي خرجت من الاجتماع هو المشاركة الشخصية للرئيس كارتر، وحقيقة أن الولايات المتحدة ستستمر في المشاركة الكاملة كشريك نشط في جميع المفاوضات التي تنبع من كامب ديفيد".
ثغرات كامب ديفيد
نقلت الوثيقة عن المشاركين الفلسطينيين في الاجتماع أن الاتفاقية تضمنت العديد من الثغرات ووضعت الفلسطينيين في موقف صعب، خاصة وأنها ضمنت لمصر الانسحاب الإسرائيلي الكامل من سيناء، بينما تركت الضفة الغربية إلى المفاوضات.
أضاف السفير الأمريكي شرحًا تاريخيًا لجهود إدارة كارتر للتوصل إلى تسوية شاملة للسلام في الشرق الأوسط، مذكراً الفلسطينيين بأن السادات كان بإمكانه عقد صفقة ثنائية في وقت مبكر من نوفمبر/تشرين الثاني، لكنه اختار التفاوض على إطار عمل يشمل جميع الأطراف.
اعترف أثيرتون بأن اتفاقيات كامب ديفيد لم تحقق كل ما يرغب فيه الفلسطينيون، لكنه أكد أن الخيار أصبح إما تحقيق ما يمكن تحقيقه أو عدم تحقيق أي شيء على الإطلاق.
وأوضح أن الولايات المتحدة مقتنعة بأن الاتفاقيات تدفع العملية إلى الأمام وتمثل تغييرات كبيرة في المواقف الإسرائيلية.
وأكدت الوثيقة أن أثيرتون أشار إلى أن "الاتفاقيات تتجاوز قرار مجلس الأمن رقم 242، حيث تعترف إسرائيل للمرة الأولى بالمشكلة الفلسطينية باعتبارها ذات أبعاد سياسية وإقليمية، وليس مجرد مشكلة لاجئين".
واختتم أثيرتون حديثه قائلاً: "على الرغم من عدم حل جميع القضايا في كامب ديفيد، فإن السادات لم يتنازل عن أي مواقف عربية هناك".
5 مخاوف فلسطينية
وبحسب البرقية فإن "أثيرتون شرح بالتفصيل اتفاقيات كامب ديفيد، وحث الفلسطينيين على التركيز على الجوانب الإيجابية، وليس السلبية، ونصحهم بالتركيز على صياغة الاتفاقيات بدلاً من التصريحات اللاحقة من قبل الإسرائيليين أو الأطراف الأخرى".
وقدمت البرقية شرحا للقضايا التي أثارها الفلسطينيون في اللقاء، وتضمنت البرقية ردا على 5 مخاوف فلسطينية رئيسية تمثلت في: تأكيد الفلسطينيين على الحاجة، لالتزام إسرائيل بتجميد المستوطنات خلال الفترة الانتقالية، أكد أثيرتون على تفهم الولايات المتحدة لهذه القضية.
وحول مخاوف معارضة إسرائيل حق 100 ألف عربي في القدس الشرقية، في الانتخابات في الضفة، قال أثيرتون إنه غير متأكد من أن هذا هو الموقف الإسرائيلي واقترح سؤال ديان.
كما سأل العديد من الفلسطينيين، متى سيسمح للنازحين من عام 1967 بالعودة، فقال أثيرتون إن اتفاقية الإطار تنص على العودة خلال فترة انتقالية.
القيود على الأفراد
وتمضي الوثيقة بالقول إن السفير الأمريكي، تحدث عن إطار شامل للمفاوضات، من أجل وضع أشكال الانتخابات لسلطة الحكم الذاتي، وأنه لا يوجد حد زمني، وذلك ردا على ما تضمنته الاتفاقية بإنهاء الحكم العسكري في الضفة الغربية/غزة في غضون 3 أشهر.
وحول ما يتعلق بالقيود المفروضة على الأفراد، قال أثيرتون إنه لا توجد قيود على سكان الضفة الغربية/غزة، ولكن أولئك القادمين من الخارج، لابد وأن يكونوا مقبولين من قبل جميع الأطراف.
وتكشف البرقية "خلال المناقشة، كانت هناك إشارات متكررة من جانب سكان الضفة الغربية إلى عدم قدرتهم على تمثيل جميع الفلسطينيين ودعوة الولايات المتحدة إلى التحدث إلى منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها "حركة التحرير الوطني" لفلسطين".
aXA6IDMuMjM3LjE1LjE0NSA= جزيرة ام اند امز