أنفاق «مفخخة» ومعارك ضارية.. ماذا حققت إسرائيل من «توغلها» بغزة؟
مع اقترابها من وسط مدينة غزة، باتت القوات الإسرائيلية تتحسس طريقها خوفًا من معضلة الأنفاق، حيث يتحصن مقاتلو حركة حماس بأعداد كبيرة.
فبحسب جنود ومسؤولين حاليين وسابقين في إسرائيل، فإن مقاتلي حركة حماس، يهاجمون ثم ينسحبون أو يختفون تحت الأرض، مما يبطئ التقدم الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن نقيب إسرائيلي قاد وحدة دبابات احتياطية إلى شمال غزة في الأيام الأولى للغزو البري وقاتل في قلب المدينة: «كلما توغلنا أكثر، أصبحت المعركة أصعب».
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه قد يكون أحد أهداف إسرائيل – مستشفى الشفاء في المحيط الغربي لمدينة غزة – هو الأكثر تحديًا لها أيضًا، مشيرة إلى أن قواتها تجمعت في اليوم الأخير في المنشأة المترامية الأطراف، والتي تدعي أنها تحتوي على مخبأ رئيسي لقيادة حماس، وهو ادعاء نفته الحركة.
وكان ما بين 50 و60 ألف شخص يحتمون داخل أراضي المستشفى وحولها، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، بالإضافة إلى 2500 مريض بحاجة إلى الرعاية، إلا أن أطباء في غزة قالوا إنه بحلول وقت متأخر من يوم الجمعة، بقي أقل من 2000 نازح ونحو 700 مريض.
ويقول محللون لـ«وول ستريت»، إن استراتيجية إسرائيل تتمثل في «قتل ما يكفي من مقاتلي حماس وقادتها لتدمير الحركة، قبل أن تضطر إلى تقليص العملية، في حين أن هدف حماس هو الدفع بتل أبيب إلى طريق مسدود يسمح لها بالبقاء على قيد الحياة».
إلا أن إسرائيل تتعرض لضغوط دولية متزايدة لمنع سقوط قتلى في صفوف المدنيين وتخفيف الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وهي ضغوط قد تؤدي إلى وقف الحرب قبل تحقيق أهدافها، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ورغم ذلك، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم لن يقبلوا وقف إطلاق النار أو حتى وقفاً رسمياً للقتال حتى إطلاق سراح بعض الرهائن الذين يقدر عددهم بنحو 239 رهينة. لكن حتى المسؤولين الإسرائيليين يعترفون بأن التحرك بسرعة أمر بالغ الأهمية.
وقال ماتان فيلناي، الرئيس السابق للقيادة الجنوبية في إسرائيل الذي قاد في السابق القوات الإسرائيلية في غزة: «القضية الرئيسية الآن هي الوقت»، مشيرًا إلى أن حماس ربما تحتفظ بقواتها استعدادا لمعركة أكثر ضراوة داخل مدينة غزة.
فماذا حققت القوات الإسرائيلية في غزة حتى الآن؟
توغلت القوات الإسرائيلية والمركبات المدرعة في وسط قطاع غزة، لتعزل مدينة غزة عن بقية القطاع، فيما تقدمت قوات أخرى جنوبا على طول الساحل ومن الشمال الغربي، لتطوق الشبكة الحضرية التي يعتقد أن معظم مقاتلي حماس يتمركزون فيها.
وقال زوهار بالتي، المسؤول الكبير السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو الآن زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «إنها البداية فقط (..) لقد بدأنا بالضغط عليهم بشكل كبير جدًا، لكن لا يزال لديهم الكثير من القدرات»، في إشارة إلى حماس.
وفر عشرات الآلاف من سكان غزة، ويقول كثيرون منهم إن القتال ونقص الغذاء والماء جعل من المستحيل البقاء، فيما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الجمعة، إن النظام الصحي في قطاع غزة انهار.
وتقول «وول ستريت جورنال»، إنه مع مرور الوقت، لا يزال القادة الإسرائيليون يواجهون سلسلة من القرارات الصعبة: سواء مهاجمة المخابئ القريبة أو تلك التي تزعم إسرائيل أنها توجد تحت المستشفيات وغيرها من المرافق المدنية؛ وما إذا كانت ستنقل غزوها إلى جنوب غزة، حيث فر مئات الآلاف من السكان هربًا من القتال.
نقاط ضعف
وقال إد أرنولد، وهو زميل باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنه عندما تصل القوات الإسرائيلية إلى وسط مدينة غزة، فإنها قد تصبح أكثر عرضة للكمائن والتفجيرات الانتحارية، مضيفًا: «فكرة أنهم يمكن أن يصبحوا ثابتين هي نقطة ضعف في الخطة. من السهل جدًا أن يتم محاصرتك، وإذا أخطأوا في نفق يمكن أن يتم نصب كمين لهم بسهولة».
وأطلقت إسرائيل حملتها العسكرية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص، ردًا على هجمات حماس التي شنتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي.
وحول وضع قواته في غزة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات لـ«فوكس نيوز»، إن «الجيش يتقدم بشكل استثنائي ضد الإرهابيين على الأرض وتحت الأرض. إننا سنستمر حتى القضاء على حماس ولن يوقفنا شيء».
وأضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية: نمضي قدما خطوة بخطوة، بحيث نقلل من خسائرنا بينما نحاول التقليل والتخفيف من الخسائر المدنية وزيادة خسائر عناصر حماس إلى أقصى حد».
في السياق نفسه، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي يوم الجمعة، في تغريدة عبر حسابه بمنصة «إكس» (تويتر سابقًا) «السيطرة على موقع بدر التابع لكتيبة الشاطئ لحماس وقتل 150 مسلحا من الحركة».
فيما أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة حماس في وقت سابق تدمير 136 مدرعة وآلية عسكرية إسرائيلية منذ بدء التوغل البري.
فهل من صعوبات؟
رغم المعارك المكثفة حتى الآن، إلا أن قادة حماس ربما يحافظون على معظم قواتهم، بحسب بعض المسؤولين الإسرائيليين، بينهم اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الذي أضاف: «ربما يكونون مختبئين، ويرسلون قوات لضرب المركبات المدرعة ثم ينسحبون ويعودون تحت الأرض ويختبئون، مستخدمين تكتيكات التأخير».
وتقول «وول ستريت جورنال»، إن كبار قادة حماس في غزة تمكنوا -حتى الآن- من التملص من إسرائيل، بما في ذلك يحيى السنوار، الذي أمضى أكثر من عشرين عاما في السجون الإسرائيلية، ومحمد ضيف، القائد العسكري الغامض الذي حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وتكرارا.
ويقول الضباط الإسرائيليون إنهم لا يخططون للقتال داخل الأنفاق لأن الممرات من المرجح أن تكون مفخخة، إلا أنه بدلاً من ذلك، تقوم القوات الإسرائيلية بهدم الأنفاق عندما تجدها.
لكن في الأيام الأخيرة تحدث المسؤولون العسكريون عن القتال فوق الأرض وتحتها، حيث تخبئ حركة حماس بعض الرهائن الإسرائيليين تحت الأرض.
ويقول جاكوب ناجل، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق والزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إنه حتى الآن يقول الجيش الإسرائيلي إنه دمر ما لا يقل عن 130 ممرًا للأنفاق، باستخدام الغارات الجوية وفرق الهندسة على الأرض.
وقال قائد الدبابة الإسرائيلية، الذي لا يمكن الكشف عن هويته بموجب القواعد التي وضعها الجيش الإسرائيلي، إن فصيلته تعرضت لهجوم بقنابل مخبأة وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف صاروخية أو آر بي جي ونيران القناصة وطائرات بدون طيار من قبل قوات حماس.
وزعم العسكري الإسرائيلي، أن قواته دخلت في وقت ما مدرسة حيث عثروا على نموذج لدبابة ميركافا إسرائيلية تستخدمها قوات حماس للتدريب، مشيرًا إلى أنه تعرض للإصابة في يده بقذيفة آر بي جي بينما كانت دبابته تناور باتجاه مجموعة من الجنود الذين وقعوا تحت نيران قناصة كثيفة.
فهل يمكن أن تحقق إسرائيل أهدافها؟
قال شخص مطلع على المعلومات الاستخبارية إن مجتمع الاستخبارات الأمريكي يشكك في قدرة إسرائيل على تحقيق هدفها العسكري المعلن المتمثل في القضاء على الجماعة التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية.
وأضاف المصدر أنه في حين أن الحملة يمكن أن تلحق الضرر بحماس وبنيتها التحتية، إلا أنها لا تستطيع القضاء على أيديولوجيتها.
وقال مسؤول في الكونغرس: «أعتقد أن الهدف الأكثر واقعية هو شراء الأمن لسنوات، ولكن ليس إلى الأبد».
aXA6IDE4LjExOS4xNDMuNDUg
جزيرة ام اند امز