«النزوح الثاني».. الفلسطينيون يودعون الذكريات بين ركام مدينة غزة
بضعة أميال، تصل إلى سبع، يطويها آلاف النازحين من شمال غزة إلى جنوبها، تاركين حيوات تحت أنقاض المنازل المهدمة والشوارع المهجورة.
سيدة مسنة عاصرت النكبة عام 1948، أجبرتها غارات الطائرات ودانات الدبابات، على توديع ذكرياتها مرة ثانية، والتوجه جنوبا سيرا على الأقدام، على أمل أن يكون وداعا مؤقتا هذه المرة.
الحاجة أنعام، البالغة من العمر 90 عاما، حركت أقدامها بصعوبة بالغة، لتترك موقع نزوحها الأول في مدينة غزة منذ النكبة عام 1948، إلى جنوب القطاع، في نزوح ثان وثقته لقطات فيديو صعبة.
ووفق مواطنين في غزة، فإن النازحين يسيرون أكثر من 7 كيلومترات على الأقدام، للخروج من الشمال المدمر باتجاه الجنوب.
ونقلت وسائل إعلام فلسطينية، عن مسؤولين بقطاع الصحة في غزة قولهم إن ما لا يقل عن ثلاثة فلسطينيين لقوا حتفهم جراء ضربة إسرائيلية على طريق يسلكه النازحون المتجهون إلى جنوب قطاع غزة.
وبصفة عامة، ذكر إعلام إسرائيلي، أن 180 ألف شخص نزحوا من شمال غزة إلى الجنوب خلال الأيام الـ3 الماضية، من بينهم 50 ألفًا اليوم الجمعة.
والتحق أيمن المصري بآلاف الباحثين عن الأمان في جنوب قطاع غزة اليوم الجمعة بعد فراره من مستشفى الشفاء الذي تعرض لما قال مسؤولون فلسطينيون إنها ضربة جوية إسرائيلية.
وقال المصري لرويترز، في أثناء توجهه جنوبا مع آخرين كان بعضهم يحملون بعض المتاع الشخصي، في حين كان آخرون يرفعون رايات بيضاء "اليوم ضربوا الشفا (مستشفى الشفاء)، والكل صار يجري في الشوارع ووصلنا لحد هنا مشي".
وتابع أنه وأسرته قطعوا 3 كيلومترات قبل المرور بدبابات إسرائيلية تقدمت إلى المدينة، ثم ساروا بضعة كيلومترات أخرى بعد الدبابات قبل أن يستقلوا وسيلة نقل.
وقال المصري "رجلي تؤلمني نار... اليوم رايحين (ذاهبون) من الشمال للجنوب وبكرة (غدا) يمكن يودونا (يدفعوا بنا) من الجنوب للشمال، هذا مش حل (ليس حلا)، بدنا (نريد) هدنة".
وقالت امرأة فرت من مستشفى الشفاء، اليوم الجمعة، إنها كانت تتلقى العلاج من جرح في قسم الولادة. وأضافت: "نحن كنا في الطابق الخامس، كنا جرحي وقاعدين (جالسون) هناك وفجأة لقينا القصف ينزل علينا".
وأظهر مقطع مصور رائج على وسائل التواصل الاجتماعي، وتيقنت منه رويترز، مشاهد فوضوية في منطقة خارجية مغطاة بالقرب من قسم العيادات الخارجية في مستشفى الشفاء.
وظهرت فتاة تنتحب من الألم بينما كانت ترتدي قميصا بنفسجيا، وخضبت الدماء وجهها ورقبتها ويديها اللتين كانت تلوح بهما بتوتر شديد. ورقد فتى بلا حراك على حشية ملقاة على الأرض وبركة دماء تحت رأسه، وتدلى ذراع وساق على جانب الحشية.
ولم تعلق إسرائيل فوراً لكنها تقول إن مقاتلي حماس يخفون مراكز قيادة وأنفاقا تحت الشفاء وهو ما تنفيه حماس.
وتقصف إسرائيل غزة من الجو والبحر والبر منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي شنه مسلحون من حركة حماس وقالت إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1400 شخص واحتجاز نحو 240 رهينة.
ومنذ بداية الحرب، أدت عمليات القصف العنيف إلى نزوح 1,5 مليون شخص داخل قطاع غزة، وفق الأمم المتحدة.
وتركّزت المعارك بين الجيش الإسرائيلي وحماس، منذ الأربعاء، في مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر بعد دخول الحرب شهرها الثاني.
وأعلنت إسرائيل أن جيشها بات "في قلب مدينة غزة"، بينما تتكثف عمليات القصف الجوي والمدفعي الذي أودى حتى الآن بـ10569 قتيلا، بينهم 4324 طفلا و2823 سيدة، بالإضافة إلى إصابة 26475 مواطنا، وفق وزارة الصحة في القطاع.
وبالإضافة إلى الموت والدمار الذي يحيط بهم من كل صوب، يعاني الفلسطينيون من نقص كبير في الماء خصوصا والمواد الغذائية والأدوية، فيما تستمر معاناة المستشفيات التي تحتاج إلى الوقود.
aXA6IDMuMTQ1LjcuMTg3IA== جزيرة ام اند امز