تعهد "عدم العودة".. إجراء إسرائيلي يحرم أهالي غزة من السفر
يحول السفر الاختياري إلى إبعادٍ قسري
الإجراء الجديد يتيح لسكان غزّة السفر إلى دول الخارج شريطة التوقيع على تعهّد بعدم تقديم طلب للعودة إلى القطاع لمدة سنة.
تبدد حلم الفتى الفلسطيني مراد المصري بالسفر من قطاع غزة إلى الأردن لإجراء فحوصات طبية بعد اشتراط إسرائيل عليه التعهد بعدم العودة قبل عام من سفره؛ وهو الأمر الذي رفضه مع والده كي لا يضيع عليه العام الدراسي وخشية رفض عودته لاحقا.
وقال المصري لـ"العين الإخبارية": "حصلت على عدم الممانعة الأردنية (إجراء إلزامي لاستكمال إجراءات السفر للخارج)، وجهزت أوراقي للسفر، وقدم والدي للحصول على تصريح مرور عبر معبر بيت حانون (إيرز) عبر الارتباط المدني، وحصلت عليه، وعند السفر فوجئت أنهم يطلبون مني التوقيع على تعهد بعدم العودة إلى غزة لمدة عام".
ويعاني المصري (17 عامًا) من آلام في الظهر والرقبة إثر حادث سير تعرض له في غزة، وحجز له أحد أقاربه في الأردن لإجراء فحوصات طبية وعملية جراحية.
- فلسطينيون يرفعون حصار 10 سنوات لقطاع غزة للجنائية الدولية
- بالصور.. جدار "تحت الأرض".. حصار إسرائيل لغزة يمتد للأنفاق
وذكر المصري أنه رفض التوقيع على التعهد بعد التشاور مع والده؛ لأنه لا يريد تضييع العام الدراسي (ثانوية عامة) ولأنه لا يستطيع البقاء عامًا كاملًا بالأردن، فضلا عن خشيته أن يكون ذلك إبعادا قسريا له يمكن أن يستمر لأكثر من عام.
توقيع القاصرين!
ولم يكن المصري، الفلسطيني الأول الذي تفرض إسرائيل عليه التوقيع على تعهد بعدم العودة لمدة عام كامل، ما ترى فيه منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية انتهاكات للحق في السفر.
ويخضع معبر إيرز للسيطرة الإسرائيلية، وهو مخصص لحركة الأفراد من قطاع غزة، إلى الضفة الغربية وإسرائيل، شريطة الحصول على تصاريح خاصة، كثيرًا ما يماطل الاحتلال في إصداره، أو يمارس الابتزاز للفلسطينيين الراغبين بالسفر عبره.
وبخلاف، المصري، وافقت هديل (17 عامًا) وأشقاؤها الثلاثة الأصغر منها على التوقيع على تعهد عدم العودة عندما وصلت إلى المعبر في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، كي يتمكنوا من اللحاق بوالدهم في السويد.
انتهاكات مركّبة
ويقول الباحث الحقوقي ياسر عبد الغفور؛ إن الإجراء الإسرائيلي يمثل انتهاكا إضافيا لحق الفلسطينيين بالسفر، والذي يترتب عليه انتهاكات أخرى، متعلقة بالحق في الحصول على العلاج، والتعليم، والكرامة الإنسانية.
وأضاف عبد الغفور في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن الخطير في الإجراء الإسرائيلي، أنه "يتيح للقاصرين التوقيع على تعهد، دون حضور ولي الأمر، وهذا بحد ذاته إجراء مخالف للقانون؛ إذ لا يجوز توقيع القاصر على أمر له أهمية قانونية، دون موافقة وليه، ونحن هنا نتحدث عن ابتعاد عن البيت لمدة عام".
وأشار إلى أن هذا الإجراء ليس جديدًا وإنما فرضته قوات الاحتلال عام 2016، ولكنها زادت في الآونة الأخيرة من تطبيقه.
وأكد أن الاحتلال يقترف ما لا يقل عن 10 أنماط من الانتهاكات عبر المعبر، منها، المنع من السفر، والتأخير، والابتزاز الأمني، والاستجواب الأمني، وغيرها.
إجراء قديم وتفعيل حديث
ووفق مركز مسلك للدفاع عن حرية الحركة (منظمة حقوقية إسرائيلية) فإن مطلب الالتزام بعدم العودة إلى القطاع لمدة سنة شرط للسفر إلى الخارج، أضافه منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في فبراير من عام 2016، إلى وثيقة "وضع الأذونات" التي تفصّل فيها إسرائيل من يحق له، من سكان غزّة، التقدّم بطلب لاستصدار تصريح خروج.
ويتيح المعيار الجديد لسكان قطاع غزّة السفر إلى دول الخارج عبر معبر إيرز ومن ثم إلى معبر الكرامة، شريطة أن يوقّع هؤلاء على تعهّد بعدم تقديم طلب للعودة إلى القطاع لمدة سنة منذ يوم سفرهم.
إبعاد قسري!
وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية، وليد وهدان، إن الإجراء الإسرائيلي مرفوض، ولا يستند إلى أي مسوغ قانوني.
وشدد على أن الحق في السفر مكفول في كل المواثيق الإنسانية، ولا يعقل فرض شروط على من يسمح له باجتياز المعبر .
وأوضح أن الإجراء سيمنع مواطنين من السفر؛ إذ إن الكثير منهم يضطروا للمغادرة لأوقات محدودة، فلماذا يبقون خارج وطنهم مدة عام كامل، هنا يصبح الأمر إبعادا قسريا وليس سفرا اختياريا.
ووفق منظمة بتسيلم الإسرائيلية، فإن عدد حالات خروج الفلسطينيين عبر معبر إيرز شهد خلال عام 2017 انخفاضا حادا بنسبة 15% مقارنة بالعام الذي سبقه.
aXA6IDMuMTQyLjE1Ni41OCA= جزيرة ام اند امز