غزة تطفو على أشلاء سكانها.. والقتال يحتدم فوق الأرض وتحتها
جثة طفل صغير تخرج من تحت الأنقاض مغطاة بالغبار والدماء، وامرأة تبكي أمام جثث ملفوفة في أكفان بيضاء، وطوابير طويلة تنشد إطفاء ظمئها.
هكذا تبدو غزة في اليوم الـ34 لحرب حولت مبانيها إلى ركام، ودفنت قسما من سكانها تحت الأنقاض، فيما يكابد الناجون من أجل لقمة يسدون بها رمقهم وقطرات مياه يطفئون بها لهيب الظمأ والرعب.
مآس إنسانية تتواتر لتصبح عنصرا قارا في يوميات القطاع المحاصر، فيما تتعالى أصوات القصف من كل جانب، معلنة استمرار محنة لم تضع أوزارها منذ أكثر من شهر.
وقتل ما لا يقل عن 1400 شخص في هجوم شنته حركة حماس داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
بينما تسببت عمليات القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي المتواصلة منذ الهجوم، بمقتل 10812 شخصا بينهم 4412 طفلا، بالإضافة إلى إصابة الآلاف في قطاع غزة وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ولا يزال مئات آلاف الفلسطينيين شمال غزة، خاصة في المدينة، "في وضع إنساني كارثي" بحسب الأمم المتحدة، في حين "يكافحون من أجل الحصول على حد أدنى من المياه والمواد الغذائية الضرورية لاستمراريتهم".
والخميس، أعلن الجيش السيطرة "بعد عشر ساعات من القتال" على "معقل" لحركة حماس في مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، مشيرا إلى أنه كان موقعا "تدرب فيه الإرهابيون ونفذوا هجمات".
واشتبكت القوات الإسرائيلية مع مسلحين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي "في المعقل، فوق وتحت الأرض".
وبحسب الجيش، فإن القوات "صادرت العديد من الأسلحة، وكشفت فتحات أنفاق (..) بينها نفق يقع بجوار روضة أطفال، ويؤدي إلى شبكة واسعة تحت الأرض".
وأعلنت إسرائيل أيضا أن غارة جوية استهدفت قياديا عسكريا في حماس يدعى إبراهيم أبومغيصب الذي كان مسؤولا عن وحدة الصواريخ المضادة للدبابات.
وتم العثور على 130 مدخلا لأنفاق منذ بدء العملية التي أدت إلى مقتل 34 جنديا إسرائيليا.
وتمكنت وكالة فرانس برس، الأربعاء، من الاقتراب من مركز المعارك في شمال قطاع غزة، في إطار زيارة نظمها الجيش الإسرائيلي، وشاهدت دمارا معمما وأشجار نخيل متفحمة ومصابيح شوارع ملتوية على امتداد أنقاض الطريق الساحلي سابقا.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن 50 ألفا تقريبا غادروا الأربعاء مدينة غزة، ما رفع العدد إلى 72 ألف شخص انتقلوا منذ ذلك التاريخ، وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا).
وأضاف أن "ممر الإخلاء" الذي يفتح لساعات قليلة يوميا منذ 3 أيام باتجاه جنوب قطاع غزة، سيكون مفتوحا الخميس.
"لا أزمة"
أكد مسؤول عسكري إسرائيلي، الخميس، أن "لا أزمة إنسانية في قطاع غزة"، مقرا في الوقت نفسه بوجود تحديات عدة في القطاع الفلسطيني مع استمرار الحرب الشرسة.
وقال رئيس هيئة تنسيق الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية التابعة لوزارة الدفاع (كوغات)، موشيه تيترو: "نعلم أن هناك الكثير من الصعوبات، ولكن يمكنني القول إن لا أزمة إنسانية في قطاع غزة".
وبحسب تيترو، فإن الجيش الإسرائيلي يسهل نقل المساعدات إلى غزة لا سيما "الماء والغذاء والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية للملاجئ".
وتفرض إسرائيل منذ التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي "حصارا مطبقا" على قطاع غزة، حارمة سكانه من المياه والكهرباء والمواد الغذائية والوقود. ويخضع القطاع أساسا لحصار إسرائيلي بحري وجوي وبري منذ تولي حركة حماس السلطة فيه عام 2007.
واستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا، أمس الأربعاء، أي وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن الرهائن الذين اختطفتهم حماس خلال هجومها غير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية.
فيما أكد مصدر مقرب من حركة حماس في غزة لوكالة فرانس برس، وجود مفاوضات حول "هدنة إنسانية لثلاثة أيام" مقابل إطلاق سراح 12 رهينة "نصفهم أمريكيون".
وكانت مصادر أكدت لوكالة فرانس برس، أن قطر تقود جهودا للإفراج عن عدد من الأسرى لدى حماس مقابل هدنة ليوم أو يومين.
وقال مصدر مطلع على الوساطة لفرانس برس -شرط عدم كشف اسمه لحساسية المحادثات-: "تجري مفاوضات بوساطة قطرية بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لتأمين إطلاق سراح 10 إلى 15 رهينة مقابل وقف إطلاق نار لمدة يوم أو يومين" في غزة.
وبحسب أرقام جديدة صادرة عن السلطات الإسرائيلية، أمس الأربعاء، تحتجز حركة حماس 239 رهينة.
اكتظاظ
عند وصولها إلى جنوب قطاع غزة إلى حيث انتقل مئات آلاف النازحين في ظروف مزرية، قالت الفلسطينية علا الغول لوكالة فرانس برس، إن الرحلة كانت "مرعبة"، مضيفة "كنا كثر ونرفع أعلاما بيضاء. كنا نشعر بالخوف، لكننا نجحنا بالمرور في نهاية المطاف".
وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن 1,5 مليون شخص من أصل 2,4 مليون هو عدد سكان القطاع، نزحوا جنوبا.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن اكتظاظ ملاجئ الأمم المتحدة وتدهور الظروف الصحية "يشكل مصدر قلق رئيسيا"، مشددة على أن "المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والحبوب والزيت النباتي نفدت بالكامل تقريبا".
وقال «أوتشا»، إن 756 شاحنة مساعدات دخلت القطاع منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع إعادة فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر، وهو الوحيد الذي يربط المنطقة بالعالم الخارجي جزئيا.
وأفاد مسؤول فلسطيني بأن عمليات إجلاء الجرحى الفلسطينيين وحاملي الجنسيات المزدوجة توقفت مجددا أمس الأربعاء.
وفي الضفة الغربية، قُتل 8 فلسطينيين وجرح أكثر من 14 في عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة جنين، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه ينفّذ عمليات في جنين، وسيصدر بيانا بعد الانتهاء منها من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4xODkg جزيرة ام اند امز