"سمعي بصري".. فتيات غزة يبدعن في صناعة الأفلام
مشروع يهتم بالنساء دون سن الأربعين في قطاع غزة ممن لديهن اهتمامات في مجال الإبداع الرقمي وصناعة الأفلام.
خريجات جامعيات من تخصصات مختلفة لديهن ملكة الكتابة الأدبية، الرسم، النحت، البرمجة الإلكترونية، وغيرها من المواهب التي تدخل في صناعة الأفلام، يجدن في غزة اليوم مَن يحترم قدراتهن، ويبني عليها بأصول احترافية، فيفتح المجال أمامهن للتدريب على يد متخصصين أجانب، وأصحاب خبرات في مجال الصناعة الرقمية بشكل عام، والإخراج بشكل خاص.
نحو عالم مشترك
تانيا مرتجى وهي من أصول بيلاروسية ومتزوجة من فلسطيني، تعد المشرفة على مشروع "سمعي بصري" في أيام المسرح بغزة، وتجيد اللغة العربية بطلاقة.
تقول تاليا لـ"العين الإخبارية": المشروع الذي نحن بصدده لتنمية قدرات المرأة وهو بالشراكة مع منظمة اليونسكو، تحديداً مع مبادرة يونسكو التي تدعمها خبيرة التنمية الرياضية سابينا خو.
وتضيف أن المشروع يهتم بالنساء دون سن الأربعين ممن لديهن اهتمامات في مجال الإبداع الرقمي، وهو مجال أوسع من مجال صناعة الأفلام، ما يمنحهن الفرصة وفق احتياجاتهن الإبداعية، و"لسنا خالقي فرص عمل لهن، ولكننا نمكنهن من الصناعة الرقمية، وخاصة صناعة الأفلام، لكي يستطعن خلق فرص عمل بأنفسهن فيما بعد".
وترى أن المجتمع في غزة يعتمد بشكل كبير على الذكور، ولا بد من تغيير نظرته بما يتعلق بالمرأة وإمكانياتها، خاصة النساء اللاتي يملكن المهارات والقدرات.
ولهذا السبب اختارت تاليا وفريقها مشروع "سمعي بصري" أو الإبداع الرقمي "لكي نساعد النساء في مجال بناء التقنيات الرقمية، بإشراف خبراء دوليين، يعطون تدريبات في فنون التصوير والإلقاء ومواجهة الكاميرا للإدلاء بشهادات ما، أو لسرد قصص عن الحياة، وكيفية صناعة هذا بأدوات متاحة، وكيفية ترويج ما صنعنه عبر الوسائل الإلكترونية المتوفرة".
وتشير إلى أن هناك نساء شاركن في المشروع الذي انطلق في عام 2018، وتابعن علم الصناعة الرقمية بشكل أكاديمي متسلحات بما تحصلن عليه من معرفة وتدريبات بالمشروع، ومنهن من حصل على جوائز دولية، لافتة إلى أن المشروع استوعب 106 سيدات ضمن برامج مختلفة، وفي نهاية البرامج تحصل كل سيدة على شهادة في مجال تدريبها.
بداية المشوار نقطة انطلاق الطموح
كاريمان المشهراوي (23 سنة) وهي خريجة جامعية في تخصص الهندسة المعمارية، تشارك في تدريبات صناعة الأفلام من خلال مشروع "سمعي بصري".
تقول كاريمان لـ"العين الإخبارية": "التدريب أتاح لي فرصة كبيرة لكي أنمّي موهبتي في الرسم، والتصميم، والفنون بشكل عام، وتحويلها إلى قصص محكية ومتحركة، تخلط بين عدة فنون في آن واحد، ولا نطلق عليها أفلام كرتون، ولكن محركات للمشاعر الإنسانية، فكل شيء نصنعه بإحساس نابع من الذات، لتظهر قدراتنا في الإخراج بشكل حرفي".
ورغم عملها الوظيفي في مجال الهندسة المعمارية، تنتظر الشابة الفلسطينية اللحظة التي تحضر فيها إلى ورشة التدريب "لكي أواصل موهبتي، وأحقق ذاتي، هنا أكون إنسانة مبدعة وطليقة، فالمرأة فيها طاقة مكنونة تحتاج إلى مَن يخرجها من أعماقها، ويفتح لها الآفاق لكي تثبت أنها المخلوق القادر والمقتدر على صناعة الحياة، لهذا طموحي أن أحصل على جائزة أوسكار في الإخراج، وأمشي الآن في طريق تنمية قدراتي بهذا المجال، وحتماً يوماً ما سأصل".
الموهبة قدرة كامنة والإرادة كاشفة
أحمد المدهون خريج كلية تجارة إنجليزي من جامعة الأزهر، يبلغ من العمر 26 عاماً، وهو قائد مجموعة مشروع "سمعي بصري" يقول لـ"العين الإخبارية": "المشروع عبارة عن أفكار شبابية تستحق الدراسة والجهد، وهو مشروع من الشباب إلى الشباب، ويلتقون هنا في مبنى أيام المسرح بغزة ويتعلمون من بعضهم البعض".
ويضيف: "يعمل الشباب ضمن استديو مؤهل لاستقبالهم، كما أن في المكان مسرح يتسع لـ50 شخصاً يتدرب فيه الفتيات للعروض المسرحية، وتنمية قدرات الإلقاء، وإنتاج الفنون المختلفة، وهذا المشروع يدعم بشكل ما قدرات صاحبات المواهب في صناعة الأفلام بشكل عام".
ويكتشف المشروع، بحسب المدهون، قدرات إضافية لدى المتدربات، ويستفدن منه معلوماتياً وفنياً، كما يخلق لديهن روحاً إبداعية قادرة على مواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.
ووفقاً للمدهون، فإنَّ المشرع يؤهل المتدربات لسوق العمل في مجال العمل المرئي والإخراج، وبعض الخريجات من المشروع وصلن فعلاً لمستوى متميز، وحصلن على جائزة دولية.
ويعزز المشروع الدافع الذاتي لدى كل متدربة، وباستطاعتها أن تعد وتصنع مادتها في الصناعة الرقمية بالطريقة الصحيحة ووفق ما حصلت عليه من معلومات خلال التدريبات المختلفة، ومن ثم ترويج صناعتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب قائد المجموعة.
ويعتبر المدهون هجرة الشباب من قطاع غزة للظروف القاسية، هروباً ولكنه لا يحسم موقفه الشخصي على حساب واقع كل شاب هاجر أو ينوي الهجرة، ولكنه يؤكد أن الحياة في قطاع غزة ممكنة ويمكن تطويرها.
الفائدة بالمتابعة والغاية ابنة الرغبة
وترى نرمين فتوح التي درست الأدب الإنجليزي في الجامعة، في مشروع "سمعي بصري" أنه مفيد لتنمية قدراتها نحو صناعة الأفلام.
واستطاعت نرمين (22 سنة) خلال مدة قصيرة كما تقول لـ"العين الإخبارية" إنتاج فيلم كامل بجهدها الشخصي، من كتابة سيناريو، ورسومات، وموسيقى، وتصوير، وإخراج، وكان هذا ضمن التدريبات التي تخضع لها حالياً.
وتناول الفيلم موضوع الزراعة المائية، واستخدمت فيه كاميرا المحمول، وهذا ضمن كيفية استعمال الأجهزة المتاحة لصناعة الأفلام، واكتشفت أنها قادرة أن تكون في المستقبل مخرجة رغم امتلاكها ملكة الكتابة.
الشباب طموح والعالمية ممكنة
أما سلسبيل أيوب وهي خريجة إعلام واتصال جماهيري من جامعة الأزهر وإحدى المتدربات في مشروع "سمعي بصري"، تقول لـ"العين الإخبارية": "وجدت في المشروع استفادة كبيرة من حيث تنمية معرفتي في الصناعة الرقمية، وكفتاة أعيش في غزة المحاصرة، أجد أنه من المفيد أن نتعلم هذه التقنيات بعد أن أصبحت متاحة، لإرسال رسائلنا للعالم بشكل متطور وإنساني يفهمه الجميع".
وتشير سلسبيل (23 سنة) إلى أنها تعلمت كيفية استخدام برنامج "البريمير" في المونتاج لصناعة الأفلام، والصور المتحركة، والمزج بين الوثائقي والأفلام التي تعتمد على الرسومات والتصاميم، وهي تطمح في الوصول إلى العالمية في مجال الإخراج.
aXA6IDMuMTQ1LjcuMTg3IA==
جزيرة ام اند امز