سكان غزة في زمن القصف.. هروب من مرارة الحرب إلى ملوحة البحر
تتدلى خيوط شمس الصباح في قطاع غزة، تاركة العنان لنهارٍ يزيح ستاره عن فارين من مرارة الحرب إلى ملوحة البحر.
أطفال ونساء وشباب ورجال، اقتطعوا تذكرة من "جحيم" غزة. وعلى خطوط القصف الإسرائيلي أقلعوا إلى البحر، باحثين عن أمن تحت زُرقة سمائه، وعن استحمام في ملوحة مياهه.
فشاطئ غزة، لم يعد هذه الأيام ملاذ المصطافين والعاطلين عن العمل، فقط، بل ملجأ للفارين من شظايا الحرب المتواصلة لليوم الرابع والعشرين على التوالي.
فنقص المياه في غزة بعد أن قطعتها إسرائيل عن القطاع المكتظ، أجبر فلسطينيين على اللجوء إلى البحر للاستحمام وغسل الملابس.
على أحد شواطئ غزة، يجلس صبي صغير فوق حوض بلاستيكي مملوء بالماء والصابون والغسيل.
وفي مكان قريب، امرأة تستخدم الرمل لتنظيف الأواني المعدنية.
وفي مياه البحر، يقف رجل حتى خصره ينظف زوجا من السراويل الرياضية، بينما في مكان آخر، تجلس ثلاث نساء في البحر الأبيض المتوسط المالح وتترك الأمواج المتلاطمة تغسل أثوابهن.
ولا يحصل سكان قطاع غزة المحاصر البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على مياه نظيفة وجارية بعد أن قطعت إسرائيل المياه والكهرباء عن القطاع.
حتى وإن تقطرت المياه من الصنبور، يقول السكان إنها ملوثة للغاية بمياه الصرف الصحي لدرجة أنها غير صالحة للشرب.
وفي ظل هذه الظروف، يضطر البعض إلى استخدام البحر للاستحمام وغسل الملابس وتنظيف أواني الطبخ.
وأمس الأحد، دخلت ما يقرب من ثلاثين شاحنة إلى غزة، في أكبر قافلة مساعدات منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
لكن العاملين في المجال الإنساني، أكدوا أن المساعدات لا تزال أقل بكثير من الاحتياجات بعد فرار آلاف الأشخاص إلى المستودعات للحصول على الدقيق ومنتجات النظافة الأساسية.
وقال توماس وايت، مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة، إن اقتحام مستودعات المساعدات كان "علامة مثيرة للقلق على أن النظام المدني بدأ في الانهيار بعد ثلاثة أسابيع من الحرب والحصار المشدد على غزة". مضيفا "الناس خائفون ومحبطون ويائسون."
في هذه الأثناء، ذكرت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى الفلسطينيين تجاوز 8000، معظمهم من النساء والقاصرين، في حصيلة لم يسبق لها مثيل منذ عقود من العنف الإسرائيلي الفلسطيني.
بينما كانت الدبابات والمشاة الإسرائيلية تلاحق ما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “المرحلة الثانية” في الحرب التي أشعلها هجوم حماس الذي قُتل فيه 1400 شخص، بحسب مسؤولين إسرائيليين.
وبعد زيارة معبر رفح، وصف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، معاناة المدنيين بأنها "عميقة"، وقال إنه لم يتمكن من دخول غزة.
ودعا خان إسرائيل إلى احترام القانون الدولي لكنه لم يصل إلى حد اتهامها بارتكاب جرائم حرب.
فيما وصف هجوم حماس في 7 أكتوبر، بأنه انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي.
وأمس الأحد، كرر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، دعواته لسكان غزة للتحرك جنوبا، قائلا إنه سيكون لديهم وصول أفضل إلى الغذاء والماء والدواء هناك.
لكن إسرائيل قصفت أيضا ما تسميها "المناطق الآمنة" في وسط وجنوب القطاع، والتي فرّ إليها أكثر من 1.4 مليون شخص من منازلهم.
في الوقت نفسه، تعرضت المستشفيات المزدحمة في غزة لتهديد متزايد. وقال سكان يعيشون بالقرب من مستشفى الشفاء، وهو أكبر مستشفى في المنطقة، إن الغارات الجوية الإسرائيلية التي وقعت الليلة الماضية، استهدفت منازل بالقرب من المجمع الذي يحتمي به عشرات الآلاف من المدنيين.
وقالت خدمة الإنقاذ التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني إن غارات جوية إسرائيلية قريبة دمرت أجزاء من مستشفى القدس بمنطقة تل الهوى، بمدينة غزة، بعد أن تلقت مكالمتين من السلطات الإسرائيلية يوم الأحد تأمرها بالإخلاء.
aXA6IDMuMTQ1LjYxLjE5OSA=
جزيرة ام اند امز