إعلان بانتظار السريان.. غزة تتنفس هدنة
لا أحد بإمكانه وصف الشعور الذي يتملك المرء وهو يتلقى إعلان الهدنة أكثر من فلسطينيي غزة الذين تجرعوا مرارة حرب أجبروا على خوضها.
ومساء الأربعاء، توصلت إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل رهائن محتجزين في قطاع غزة ومعتقلين فلسطينيين، بعد أكثر من 15 شهرا من حرب دامية.
إعلان بانتظار سريان الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ وفق مواعيد محددة ضمن بنود الصفقة، تمنح القطاع المدمر متنفسا بعد أشهر طويلة من الحرب والدمار.
ويعد هذا الاختراق الثاني الذي يضاف لآخر وحيد أثمر هدنة استمرت أسبوعا في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قبل أن تصطدم المفاوضات غير المباشرة منذ ذلك الحين بتصلب الطرفين.
مد وجزر حكمته محطات بارزة، برعاية إقليمية ودولية، في مقدمتها مصر وقطر وأمريكا، ضمن محادثات ومفاوضات حاولت على مر الوقت التوصل لاتفاق لإنهاء مأساة القطاع.
وإجمالا، تشكل مسار التفاوض من جلسات كان بعضها غير مباشر، فيما كان البعض الآخر لوسطاء دون مشاركة حماس أو إسرائيل.
وقبل وقت قصير من الإعلان، أشاد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بالتوصل إلى اتفاق قبل 5 أيام فقط من عودته إلى السلطة.
وكتب ترامب على صفحته على منصته للتواصل الاجتماعي"تروث سوشيال" : "لدينا اتفاق بشأن الرهائن في الشرق الأوسط. سيتم إطلاق سراحهم قريبا. شكرا لكم!".
وقبل أيام قليلة من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تكثفت المباحثات غير المباشرة في الدوحة من أجل التوصل إلى هدنة مصحوبة بالإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة منذ هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل.
اللحظات الأخيرة
كانت قطر التي تقوم بدور الوساطة إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، قد أكدت الثلاثاء أن المفاوضات باتت "في مراحلها النهائية" وأن العقبات الأخيرة التي تعترض التوصل إلى اتفاق "تمت تسويتها".
ومن بين النقاط الشائكة في الجولات المتعاقبة من المحادثات، كانت الخلافات حول استمرار أي وقف لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية وحجم المساعدات الإنسانية للأراضي الفلسطينية.
ويعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تعهد بـ"سحق" حماس ردّا على هجومها غير المسبوق على الدولة العبرية، أي دور للحركة بعد الحرب.
وخطف 251 شخصا في الهجوم ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم. كذلك قتل في الهجوم 1210 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وقُتل أكثر من 46707 فلسطينيين، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
ومنذ اندلاع الحرب، لم يتم التوصل سوى إلى هدنة واحدة استمرت أسبوعا في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، واصطدمت المفاوضات غير المباشرة التي تجري منذ ذلك الحين بتصلب الطرفين.
لكن الضغوط الدولية اشتدت للتوصل إلى اتفاق مع اقتراب عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وهو توعد بتحويل المنطقة إلى "جحيم" في حال عدم الإفراج عن الرهائن بحلول تنصيبه.
وفور الإعلان عن الاتفاق، بدأ آلاف الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من قطاع غزة في الاحتفال.