بين الترقب والتوتر.. مصير هدنة غزة في مهب مفاوضات متعثرة

حالةٌ من الترقب وعدم اليقين يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة المدمّر، بشأن مدى استمرارية وقف إطلاق النار.
فبعد ما يقرب من أسبوع على انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، أصبح الفلسطينيون والإسرائيليون غير متأكدين من المدة التي ستصمد فيها الهدنة.
في المقابل، تتجادل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والدول العربية وإسرائيل وحماس وآخرون حول مستقبل قطاع غزة في سلسلة معقدة من المفاوضات، بعضها يتكشف عبر قنوات مختلفة، مما يزيد من حالة الارتباك. وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
وأمس الخميس، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن الخطة المصرية بشأن غزة التي تم التوافق عليها في القمة العربية الطارئة "لا تلبي تطلعات" الرئيس دونالد ترامب.
وجاء حديث بروس بعيد إشادة ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، بجهود مصر، من دون أن يؤيد تفاصيل الخطة.
وكان ترامب قد اقترح سيطرة أمريكية على قطاع غزة وتهجير سكانه، وهي فكرة أثارت تنديدا واسع النطاق في جميع أنحاء العالم.
وطرح القادة العرب في قمتهم الأخيرة، خطة بديلة لتمويل إعادة الإعمار في غزة من خلال صندوق ائتماني، وأجمعوا على عدم تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وبعد 15 شهرا من الحرب المدمرة، وافقت إسرائيل وحماس، في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، على هدنة من شأنها إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة منذ الهجوم الذي قادته الحركة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن الاتفاق لم ينه الحرب. وبدلا من ذلك، تمسك الجانبان بخطة معقدة ومتعددة المراحل تهدف إلى بناء الزخم نحو وقف إطلاق نار شامل.
وكان من المفترض أن يتفاوضا على شروط الهدنة الكاملة خلال المرحلة الأولى، التي استمرت ستة أسابيع.
ونهاية الأسبوع الماضي، انقضت الأسابيع الستة دون نجاح واضح نحو هذا الهدف، على الرغم من الجهود التي بذلتها قطر ومصر، اللتان كانتا تتوسطان في المحادثات. (لا تتفاوض إسرائيل وحماس بشكل مباشر).
إغلاق المعابر
ثم أغلقت إسرائيل المعابر إلى قطاع غزة، مما منع المساعدات من الدخول للوصول إلى الفلسطينيين الذين ما زالوا يكافحون للتعافي من عام من الجوع والدمار.
وقوبل قرار إسرائيل إغلاق المعابر بإدانات واسعة، واعتبر "انتهاكا" لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينص على أن 600 شاحنة تحمل الغذاء والوقود والسلع الأخرى يجب أن تدخل غزة يوميا.
بالتوازي مع ذلك، تقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن إدارة ترامب أرسلت إشارات متضاربة بشأن الخطوات التالية. وقال المسؤولون إنهم يأملون في الوصول إلى المرحلة الثانية الشاملة من وقف إطلاق النار.
إسرائيل وأمريكا.. مساران مختلفان
ولفتت الصحيفة إلى أن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل، تتحدثان عن مسار مختلف.
بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان وقف القتال الجزء السهل، لكنه كان مترددا في إعلان انتهاء الحرب ضد حماس طالما أن الحركة ما زالت باقية في غزة.
ومع انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، أعلن نتنياهو، أن بلاده قبلت اقتراحا جديدا قدمه ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط.
ويختلف هذا الاقتراح بشكل كبير عن الهدنة التي تم توقيعها في منتصف يناير.
وبموجب الاقتراح الجديد، ستستعيد إسرائيل على الفور نصف الرهائن المتبقين مقابل 50 يوما أخرى من "وقف إطلاق النار المؤقت". وخلال ذلك الوقت، ستواصل إسرائيل وحماس المحادثات بشأن إنهاء دائم للحرب.
وقال نتنياهو إن الرهائن المتبقين سيتم إطلاق سراحهم "إذا توصلنا إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار الدائم".
اقتراح ويتكوف وموقف حماس
وفي هذا الصدد، لفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن مقترح ويتكوف من شأنه "أن يسمح لإسرائيل فعليا باستعادة المزيد من الرهائن دون إعطاء حماس أيا من مطالبها الأساسية".
من جهتها، دعت حماس كلا من إسرائيل والولايات المتحدة إلى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، "كما هو مكتوب"، وبحسب "نيويورك تايمز" يبدو أنها تستبعد الصفقة باعتبارها غير قابلة للتنفيذ.
ولكن في الوقت نفسه، أصدر ترامب مقترحات هزّت المنطقة، بما في ذلك حثه لسكان غزة على النزوح الدائم، والاستيلاء على الجيب الفلسطيني بقيادة الولايات المتحدة.
كما توعد في منشور شديد اللهجة على وسائل التواصل الاجتماعي، الأربعاء، سكان غزة بـ"الموت" في حال لم تفرج حماس عن الرهائن، وذلك في ظل تعثر اتفاق وقف إطلاق النار بين الحركة واسرائيل.
واعتبرت حماس أن تهديدات ترامب تشجع إسرائيل على تجنب التفاوض على إنهاء الحرب.
وجاء تهديد ترامب بعيد تأكيد الولايات المتحدة أنها أجرت، بالتشاور مع إسرائيل، اتصالات سرية مباشرة مع حماس تركزت على الرهائن الأمريكيين في القطاع، وذلك في تغيير جذري عن سياسة طويلة الأمد للولايات المتحدة، قضت بعدم إجراء محادثات مباشرة مع مجموعات تصنفها "إرهابية".
وفي حديثه للصحفيين في البيت الأبيض يوم الخميس، قال ويتكوف إن الرئيس ترامب عازم على تأمين إطلاق سراح عيدان ألكسندر، وهو رهينة أمريكي كان يخدم في الجيش الإسرائيلي عندما تم القبض عليه.
ويُعتقد أن ألكسندر هو آخر رهينة أمريكي على قيد الحياة في غزة.
وأضاف ويتكوف "إيدان ألكسندر مهم جدا بالنسبة لنا. إنه مصاب وهو أولوية قصوى"، مشيرا إلى أن ترامب يريد من حماس إطلاق سراحه لإظهار جديتها بشأن المفاوضات.
aXA6IDE4LjIyMS40Ny41MSA= جزيرة ام اند امز