«مهلا مهلا يا هلال».. كيف تستعد غزة لرمضان؟
"كيف تستعدون لرمضان؟".. سؤال لو طرحته على سكان غزة قبل خمسة أشهر، لأعطوك من طرف اللسان حلاوة للشهر الفضيل.
لكن الأمر اليوم ليس كما كان، فسكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، يتمنون بنوايا صادقة أن يتمهل رمضان، تلاشيا لحسرات تُقلّب المواجع. فلا لمّة عائلية ولا لقمة هنية ولا شُربة نقية.
فغالبية هؤلاء، باتوا يسكنون في الخيام والمدارس وفي العراء، بعد أن سوّت الحرب منازلهم بالأرض، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
كل ذلك يأتي مع نقص حاد في الإمدادات الغذائية، واستمرار الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على غزة، فبات الحديث عن حلول الشهر الفضيل كالعود الذي ينبش في جرح نازف، فلا هو بمعالجه ولا هو بتاركه ليندمل بمفرده.
وجبة الإفطار
إذا ما سألت عن الإفطار، فخيارات طعامهم محدودة إن لم تكن أغلبها غائبة، في ظل ندرتها وارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه.
فسعر كيلو اللحمة وصل إلى 80 دولارا في بعض مناطق قطاع غزة.
أما كيس الدقيق الذي يزن 25 كيلوغراما، وغاب لمدة أشهر عن بعض المناطق، فبلغ سعره في شمال القطاع، قرابة ألف دولار، بعد أن كان يباع بـ16 دولارا قبل الحرب.
وكذلك الأرز الذي يباع الكيلو منه بـ16 دولارا بعد أن كان بأقل من دولار واحد.
والأمر نفسه بالنسبة للخضراوات وبقية المواد الغذائية، التي وصلت إلى أسعار خيالية لا يقدرون عليها.
وفي محاولة الصمود أمام الجوع، اضطر مواطن في شمال قطاع غزة، خلال أيام الحصار، إلى ذبح حصانَيه الاثنين لإطعام أطفاله وجيرانه.
فيما دفع الجوع آخرين إلى تناول أوراق الشجر والنباتات وعلف الحيوانات.
ومنذ عدة أشهر، تحذر مؤسسات دولية من حالة يأس تزداد حدة بين المدنيين في غزة، وتقول الأمم المتحدة إن انتشار المجاعة على نطاق واسع "يكاد يكون حتميا" في القطاع.
وتشير التقديرات الأممية إلى أن 2,2 مليون شخص - هم الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة - مهددون بالمجاعة، خاصة في المناطق الشمالية المحيطة بمدينة غزة.
"لمة العيلة"
ولأن رمضان شهر تتزاور فيه العائلات وتصل رحمها، يختلف المشهد في غزة. فالحرب قلبت التقاليد ونسفت موائد وتقاليد.
فبدلا من أن تجتمع العائلات في منازل بعضها البعض، قد تلتقي عند قبور أبناء وأحبة فارقوا الحياة على مدار الحرب.
خيارٌ سابق قد يكون متاحا في حال الهدنة، وغير ذلك سيكون الأمر بمثابة لقاء في خيمة متهالكة حول طبق لا يسد رمقا ولا يغني من جوع.
صلاة التراويح
لم تكن المنازل وحدها هي هدف إسرائيل، بل طالت الحرب مئات المساجد في شمال ووسط وجنوب القطاع
وأمام هذا المشهد سيجد الفلسطينيون أنفسهم مضطرون لأداء الصلاة في خيامهم وفي الفصول الدراسية وداخل منازل أقارب لجأوا إليهم.
أما إذا منّوا عليهم بهدنة، فيقول كثيرون إنهم سيؤدون الصلاة على أنقاض المساجد والمنازل المهدمة.
وما بين المشهدين، تجد أهل غزة وقد تعودوا على مذاق الصعوبات وإن كان مُرا، ليكتبوا فصلا جديدا من الصمود والتحدي.