العودة للمربع الأول.. لماذا استأنفت إسرائيل حربها على غزة؟

لم يكد يمضي شهران على وقف إطلاق النار الهش في غزة، حتى انهار بالكامل في ليلة الثلاثاء، معلنا عودة الحرب مجددا.
ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية، تبرز تساؤلات حول أسباب هذه العودة المفاجئة إلى دائرة العنف.
فلماذا عادت إسرائيل إلى الحرب الآن؟
الحكومة الإسرائيلية قدمت أسبابا مختلفة. فوزير الدفاع يسرائيل كاتس، قال إن الهجمات جاءت "بسبب رفض حماس إطلاق سراح الرهائن وتهديداتها بإيذاء الجنود والمدن الإسرائيلية".
وتقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية: "إذا بدا هذا وكأنه نفس السبب الذي قدمته إسرائيل لشن حرب على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فهو كذلك بالفعل".
وأهداف الحرب في غزة هي إعادة الرهائن المتبقين الذين احتجزتهم حماس وتدمير قدرات الحركة على الحكم والعسكرة.
وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الهجمات جاءت بسبب "رفض حماس لمقترحين ملموسين للوساطة قدمهما مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف".
وأفاد مسؤول إسرائيلي في بيان تم توزيعه على وسائل الإعلام وتلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، أن الغارات الجوية على غزة هي المرحلة الأولى في سلسلة من العمليات العسكرية التصعيدية التي تهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح المزيد من الرهائن،
وهذا ما يمثل وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الضغط العسكري هو الطريقة الأكثر فعالية لتأمين إطلاق سراح الرهائن.
داخليا
لم يستسغ اليمين المتطرف في إسرائيل، اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قط، لأنه يعتبره استسلاما لحماس. ويريدون مغادرة جميع الفلسطينيين القطاع، وأن تعيد إسرائيل بناء المستوطنات التي أخلتها عام 2005.
وبالنسبة لنتنياهو فهو يحتاج هذا الفصيل ليبقى في الحكم، وفق "سي إن إن" التي لفتت إلى استقالة الوزير اليميني المتطرف إيتامار بن غفير، من الحكومة احتجاجا على وقف إطلاق النار.
وهدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بأنه سيغادر إذا لم تعد إسرائيل إلى الحرب.
كل ذلك كان من شأنه أن يُمزق ائتلاف نتنياهو الحكومي.
لكن يوم الثلاثاء، أعلن حزب بن غفير - "القوة اليهودية" - عودته إلى الحكومة، في خطوة اعتبرها كثيرون "نصرا سياسيا كبيرا لنتنياهو واستقرارا لائتلافه".
كما أن عودة الصراع في غزة ستصرف الانتباه عن رغبة نتنياهو في إقالة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك). وهو القرار الذي أثار دعوات لاحتجاجات حاشدة.
هشاشة الوضع
كان من المقرر أن يناقش الجانبان مرحلة ثانية تبدأ في 3 فبراير/شباط الماضي، لكن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت هذا الموعد النهائي.
وعلى عكس التقاليد المتبعة منذ عقود، بدأت الولايات المتحدة بالتحدث مباشرة مع حماس، التي تعتبرها منظمة إرهابية.
وقد أرسلت إسرائيل فرق تفاوض إلى قطر ومصر، يوم الأحد الماضي، "في محاولة لدفع المفاوضات إلى الأمام".
وتقول إسرائيل إن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اقترح تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر كامل حتى رمضان ثم عيد الفصح في أواخر أبريل/نيسان القادم، ولكن دون أي من الالتزامات التي قطعوها في يناير/كانون الثاني.
رفضت حماس هذه الخطة على الفور، معتبرة أن نتنياهو وحكومته ينفذان "انقلابا صارخا على اتفاق وقف إطلاق النار" الذي تم الاتفاق عليه بالفعل.
وفي هذا الصدد، أشارت "سي إن إن" إلى أن الجانبين أصبحا بعيدان كل البعد عن بعضهما البعض.
والأسبوع الماضي، عرضت حماس إطلاق سراح الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، إلى جانب جثث أربعة، مقابل التزام تل أبيب "باتفاق وقف إطلاق النار ثلاثي المراحل الذي وقعته جميع الأطراف في يناير".
ووصفت إسرائيل هذا العرض بأنه "حرب نفسية".
ويرى كلٌّ من سموتريتش وبن غفير أن إسرائيل كانت متباطئة للغاية في إدارة الحرب.
وقال سموتريتش يوم الثلاثاء: "هذه عملية تدريجية خططنا لها وبنيناها في الأسابيع الأخيرة منذ تولي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد منصبه. وستبدو مختلفة تماما عما تم إنجازه حتى الآن".
ماذا حدث لمحادثات وقف إطلاق النار؟
بدأت إسرائيل وحماس وقف إطلاق نار في 19 يناير/كانون الثاني. وكان من المفترض أن تستمر المرحلة الأولى 42 يوما.
بموجب شروط المرحلة الثانية، سيتعين على إسرائيل الانسحاب الكامل من غزة والالتزام بإنهاء الحرب بشكل دائم. في المقابل، ستفرج حماس عن جميع الأسرى الأحياء.
أوضحت إسرائيل رغبتها في شروط جديدة. أرادت أن تواصل حماس إطلاق سراح الأسرى مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ولكن دون أي التزام بإنهاء الحرب أو سحب قواتها.
هل استؤنفت الحرب بكامل قوتها؟
لم يُفصح الجيش الإسرائيلي إلا قليلا عن عمليته. وجاء في إعلانه الأول أنه ينفذ ضربات مكثفة على أهداف تابعة لحماس في قطاع غزة.
وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء، أمر الجيش الفلسطينيين في مناطق واسعة من غزة، على بُعد كيلومترات من الحدود مع إسرائيل، بمغادرة منازلهم.
وقد أثار ذلك تكهنات بأن إسرائيل ربما تُعد لغزو بري جديد، بل وربما تحاول احتلال المراكز الحضرية في غزة، وهو أمر لم تفعله حتى الآن.
ومن غير المرجح أن توقف إسرائيل هجومها العسكري المتصاعد دون اتفاق لإطلاق سراح المزيد من الرهائن، بحسب "سي إن إن" التي قالت إن تل أبيب عازمة على إجبار حماس على التفاوض تحت وطأة النيران.
وصرح المسؤول الإسرائيلي بأن لدى بلاده خطة لتصعيد عملياتها العسكرية تدريجيا في غزة، لكن لا يزال من غير الواضح متى ستتمكن من إرسال قوات برية إلى القتال في غزة مرة أخرى.
ماذا يعني هذا لسكان غزة؟
يُعد يوم الثلاثاء بالفعل اليوم الأكثر دموية في غزة منذ أكثر من عام - منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عندما قُتل 548 فلسطينيا.
مرّ أكثر من أسبوعين منذ أن منعت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية من دخول غزة - ردا، كما قالت، على رفض حماس الموافقة على شروط جديدة للهدنة.
ويوم أمس، شوهدت حشود من الفلسطينيين مرة أخرى في حالة نزوح، بأمر من الجيش بأخذ ما لديهم من القليل ومغادرة المناطق التي تُعتبر غير آمنة.
aXA6IDE4LjIxOC4yMjkuMjQ0IA== جزيرة ام اند امز