اجتماع "غير مسبوق" لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بالإمارات
انطلق، الأربعاء، اجتماع الجمعية العامة السادس عشر لبرلمان البحر الأبيض المتوسط في دبي الذي يستضيفه المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي ليومين.
وبدأت الاجتماعات بحضور "120" مشاركا يمثلون برلمانات وحكومات ومؤسسات حكومية ومدنية، في سابقة هي الأولى التي ينعقد فيها هذا الاجتماع في دولة برلمانها عضو منتسب في برلمان البحر المتوسط.
وحضر افتتاح الاجتماعات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري وجينارو ميجليوري رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط، ومحمد أبو العينين نائب رئيس مجلس النواب المصري، وحمد أحمد الرحومي النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، وناعمة عبدالله الشرهان النائب الثاني لرئيس المجلس، وعدد من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي.
وفي كلمته، رحب صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، بالمشاركين في الاجتماع على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة التي حرصت كل الحرص على أن تستضيف أعمال الجمعية السادسة عشر لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، وذلك للمكانة المتميزة التي يحظى بها هذا البرلمان بين أكثر المؤسسات البرلمانية تأثيرا في تعزيز السلم، والأمن والتعاون.
وأكد على أن استضافة المجلس الوطني الاتحادي لاجتماعات برلمان البحر الأبيض المتوسط ينبع من ثقته في أنَّ تلك الاجتماعات تتوافق مع توجهات السياسة الخارجية لدولة الإمارات، تلك السياسة التي تقوم على مبادئ الانفتاح على كل دول العالم المتمسكة بالسلام، وبالحوار، والتسامح، والسعي في كل ما يخدم أمن البشرية ورفاهيتها، الأمر الذي يمثل طبيعة قيادة وشعب دولة الإمارات وثقافتهم، ويعكس نشاطا دبلوماسيتنا البرلمانية الحريصة على ترسيخ حوار الحضارات، والتي تَجلت في أبهى صورها عندما احتضنت دولة الإمارات حوار الحضارات وملتقى الأديان وأكدت وثيقة الإخوة الإنسانية عام2019 التي تم توقيعها على أرض الإمارات بأننا نعيش معا في مجتمع إنساني واحد من أجل تحقيق العدل والمساواة للجميع.
وأضاف: "كما جاء الاتفاق الإبراهيمي الذي تبنته دولة الإمارات ليقدم مقاربة جديدة لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي الذي مضى عليه ما يزيد على سبعين عاما، وأيضا من خلال تصدي الإمارات مع شقيقتها المملكةِ العربية السعودية لقوى الدمار والإرهاب المتمثلة في جماعة الحوثي التي صوت مجلس الأمن الدولي قبل أيام قليلة على أنها جماعة إرهابية".
وثمن اختيار الجمعية لموضوعات الحوار الثلاثة التي تعبر عن مسؤوليتنا المشتركة حيال تحليل الوضع الذي تعيشه المنطق العربية ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط بشكل خاص، ومدى تأثيره وتأثره بالوضع الدولي القائم، مما يجعلنا نتطلع لأن تكون نتائج هذه الجمعية العامة فعالة وإيجابية ونشطة، لتحقق رسالات شعوبنا وطموحاتها المشتركة في نبذ الحروب، وفي تأكيد الأمن، والسلم، والتعايش، والتسامح لكل البشرية، وأيضا في مراجعة التشريعات والاستراتيجيات الوطنية والإقليمية التي من شأنها تعزيز مبادئ التعايش والتسامح، وتحقيق السلم والأمن الدوليين، والتصدي لتغير المناخ، ومكافحة الإرهاب.
وأعرب عن شكره وتقديره للقائمين على تنظيم وعقد هذا الملتقى، سيما الأمانة العامة لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، والأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي.
بدوره، قال جينارو ميجليوري، رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط، في كلمة له، إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أرحب بكم جميعا في الجلسة العامة السادسة عشرة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، وهي الجلسة الأولى التي تُعقد حضوريا بعد تفشي جائحة كورونا عام 2020.
وأعرب عن فخر برلمان البحر الأبيض المتوسط بأن تنعقد هذه الاجتماعات تحت رعاية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مؤكدا أن التزام الإمارات بأنشطة الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط يحظى بتقدير عميق من قبل جميع الوفود المشاركة.
وثمن الجهود التي قام بها المجلس الوطني الاتحادي لاستضافة وتنظيم هذا لاجتماع رغم كل التعقيدات والقيود الناجمة عن جائحة كورونا، مضيفا أنه بعد جائحة كورونا أصبح عالمنا أكثر تعقيدًا وخطورة، مضيفا أن الدبلوماسية البرلمانية تبقى أداة حاسمة في ظل ما تتعرض له حقوق الإنسان والاستقرار الاقتصادي والمؤسسات الديمقراطية في هذه البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية متعددة الأوجه.
وأشار إلى أهمية دور البرلمانيين الذي يحتاج إلى مرونة أكثر عندما تكون التوترات عالية في العالم، للمساهمة في وقف تصعيد النزاع وتنسيق إجراءات إنسانية محددة، مؤكدا أن على البرلمانيين واجب تحسين الأمن والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تطوير وتنمية دور المؤسسات البرلمانية.
وأضاف: "سنرحب لاحقا بعضوين جديدين هما: دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، اللتان أتمتا بنجاح وبقدر كبير من الالتزام عملية الانضمام وفقًا لقواعدنا وقرار الجمعية السابق، وكما تعلمون جميعًا أن دول الخليج لها دور ايجابيا رئيسيا الدبلوماسية البرلمانية التي هي عملنا الأساسي".
وتابع: "في السنوات القليلة الماضية، كان للمجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة دور فاعل في جميع أنشطة المجلس؛ خاصة فيما يتعلق بمبادرات مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف".
فيما تناول الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في رسالة مصورة جهود المنظمة في مواجهة التحديات الصحية التي تواجه دول وشعوب العالم، وجهود المؤسسات البرلمانية في دعم توجهات الحكومات والدول في مواجهة جائحة كورنا ومتحوراتها.
وأضاف: "ندعو كل الشعوب إلى بناء استراتيجية جديدة للاستجابة إلى جائحة جديدة بما في ذلك توقيع اتفاق، وسنواصل عملنا معا للمساهمة في عالم أكثر عدالة واستقرار لشعوب الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط".
كما رحب أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة له بالمشاركين قائلا: "يسرني أن أرحب بكم في هذا الاجتماع فعملكم هو على غرار عمل المشرعين في كل أنحاء العالم، فأنتم تواجهون العديد من التحديات مثل جائحة كوفيد 19، وللمضي قدما بأهداف التنمية المستدامة علينا أن نعمل سويا لبناء اقتصاديات لا تترك أي شخص خلفها.
وأضاف أن أدواركم مهمة جدا بينما نستعد لعقد منتدى استعراض الهجرة الثالث كما أن مساهماتكم ستكون مهمة جدا في منتدى التعليم الذي سوف يعقد في شهر سبتمبر المقبل، مؤكدا أن للبرلمانات مهمة في وضع الشعوب في قلب السياسات داعيا إلى بناء شبكة بناءة تشمل البرلمانات والمجتمعات المدنية وقطاعات أخرى، وقال يمكننا أن ننتعش من الجائحة إذا عملنا سويا وأن ننهي الحرب إن علمنا سويا وبمكننا أن نبني عالم أكثر استقرارا.
وتعرض اللجنة الدائمة الثالثة في الاجتماع موضوعا حول حوار الحضارات وحقوق الإنسان وحول أنشطتها لعام 2022م، ويشارك ضرار حميد بالهول الفلاسي عضو المجلس الوطني الاتحادي في تقديم ورقة برلمان البحر الأبيض المتوسط حول "الأطفال والنزاع المسلح".
كما تعرض اللجنة مشروع القرار حول "معوقات التعليم في منطقة برلمان البحر الأبيض المتوسط"، ومشروع القرار بشأن الهجرة "التزام متوسطي قبل مراجعة عام 2022 للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية".
كما تعرض اللجنة الدائمة الثانية موضوع التعاون والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لعام 2022، ويشارك في الاجتماع الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، حيث سيتم عرض التقرير ومشروع القرار بشأن "إعادة البناء بشكل أفضل: الانتعاش الاقتصادي والاستجابات السياسية لتأثير Covid-19 في المنطقة الأورومتوسطية والخليجية في عام 2021"، والتقرير ومشروع القرار بشأن "تغير المناخ والتدهور البيئي في حوض البحر الأبيض المتوسط: الحاجة إلى عمل مشترك فوري".
كما تناقش اللجنة الدائمة الأولى التعاون والأنشطة السياسية والأمنية لعام 2022، وسيتم خلال المناقشات عرض التقرير ومشروع القرار بشأن "القضايا الأمنية التي تؤثر على منطقة برلمان البحر الأبيض المتوسط"، والتقرير ومشروع القرار بشأن "مواجهة التهديد المتطور للإرهاب في المنطقة الأور ومتوسطية".
كما سيتم خلال اجتماعات الجمعية الإعلان الرسمي عن انضمام المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الشورى القطري إلى عضوية برلمان البحر الأبيض المتوسط، والإعلان عن الفائزين بجائزة برلمان البحر الأبيض المتوسط لعام 2022، وعرض تقديمي لأنشطة برلمان البحر الأبيض المتوسط 2021 والتقرير المالي، وعرض الموقع الإلكتروني الجديد لـبرلمان البحر الأبيض المتوسط.
ويعد برلمان البحر الأبيض المتوسط الذي يرأسه جينارو ميليوري، ويتخذ من مالطا مقرا رئيسيا له، أحد المحافل البرلمانية التي تلتقي فيه البرلمانات لإصدار توصيات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية خاصة ببرلمانات الدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط.
كما يعتبر البرلمان منظمة دولية "مراقب" في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع وضع قانوني دولي محدد، ويلعب البرلمان دوراً أساسياً كأداة للدبلوماسية البرلمانية للبرلمانات الأعضاء، ويدعم عمل الهيئات الدولية الأخرى المكلفة بمسؤولية تعزيز الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة الأورو-متوسطية.
ويضم برلمان البحر المتوسط في عضويته 28 برلماناً، وينتسب إليه 5 برلمانات منها المجلس الوطني الاتحادي، الذي سيتم الإعلان عن عضويته في هذا الاجتماع، كما سيتم قبول عضوية دولة قطر.
ويهدف برلمان البحر الأبيض المتوسط إلى تعزيز وبناء الثقة بين الدول الأورومتوسطية، وضمان الأمن الإقليمي والاستقرار وتعزيز السلام، وتعزيز مساعي الدول الأورومتوسطية، وتقديم الآراء والتوصيات إلى البرلمانات الوطنية والحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية.
ويحظى برلمان البحر الأبيض المتوسط بعلاقات قوية ومتنامية مع المجلس الوطني الاتحادي، حيث تم عام 2019م، في مقر المجلس، التوقيع على اتفاقية تعاون بين الجانبين.
وتنص الاتفاقية على التنسيق بين المجلس وبرلمان البحر الأبيض المتوسط في القضايا الهامة التي تخص العلاقات فيما بينهما واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمساهمة في توحيد مواقف الجانبين تجاهها في المحافل الدولية، والتعاون في مختلف الاجتماعات والمؤتمرات والندوات والعمل على توحيد المواقف بين الجانبين في المحافل الدولية، وتبادل الخبرات.
aXA6IDMuMTQ1LjE2NC40NyA= جزيرة ام اند امز