جنيف 5.. مقدمات لا تبشر بالأمل
قبل يومين من "جنيف 5" لا يبدو أن هناك معطيات جديدة بالأزمة السورية يمكن أن تفضي إلى نتائج مختلفة
في علم الرياضيات، تستطيع من خلال المعطيات المتوفرة لديك الوصول إلى نتيجة، والأمر نفسه ينطبق على علم السياسة؛ إذ يجتهد المحللون دوما في الربط بين المشاهد التي تسبق أي فعالية لاستخلاص ما ستؤول إليه الأمور من تغيرات.
فماذا لو حاولنا اختبار هذه النظرية مع مؤتمر "جنيف 5" للأزمة السورية، والذي سيبدأ فعالياته بعد غد الخميس؟.. هل من المتوقع أن يفضي إلى جديد عن سابقه، في ضوء المعطيات المتوفرة على الأرض؟
لم يحمل المؤتمر السابق "جنيف 4" أي جديد، وتمثلت المعطيات السياسية والعسكرية التي سبقت انعقاده في حرب مستعرة في عدة مناطق، ومعارضة بشقيها السياسي والعسكري منقسمة على نفسها؛ إذ شاركت السياسية منها بثلاثة وفود مختلفة، هي الهيئة العليا للمفاوضات ومنصتا القاهرة وموسكو، وكل منها كان يحمل أفكارا متباينة لحل الأزمة السورية، أما العسكرية فقد أدى تنازعها وتقاتلها مع بعضها، إلى إضعاف سيطرتها في عده مناطق من غوطة دمشق إلى جنوبها إلى شمال سوريا.
وكان النظام السوري في المقابل، يكسب المزيد من الأراضي، ويحقق أهدافه في السيطرة على بعض المناطق، بموجب اتفاقيات تمنح مقاتلي المعارضة ممرات آمنة إلى مناطق خاضعة لسيطرتهم في شمال سوريا.
الأمم المتحدة: الحكومة السورية والمعارضة تشاركان في مفاوضات جنيف
دي ميستورا في روسيا قبل مفاوضات جنيف الخميس
وقبل يومين من "جنيف 5" لا يبدو أن هناك تغييرا حدث في تلك المعطيات على الأرض السورية، فالجيش السوري يسعى لتنفيذ خطته لتهجير المعارضة من حي جوبر شرقي دمشق بعد أن شن ما لا يقل عن 143 ضربة جوية، وقبل يومين نجح في تهجير سكان حي الوعر بحمص، ولم يحدث أي تغيير يذكر في أداء المعارضة السورية، كأن يُعقد مؤتمر وطني يوحد رؤيتها.
وفي المقابل، كان هناك تغيرات نوعية كبيرة في العلاقات بين الدول الفاعلة في الملف السوري؛ إذ تشهد العلاقات التركية الروسية المزيد من التنسيق والتعاون، وكذلك يشهد وضع القوى العسكرية الدولية داخل الأراضي السورية تغييرا واضحا، لا سيما بعد إرسال الولايات المتحدة للمزيد من قواتها الخاصة إلى هناك.
أبوالغيط: ليس مُفيداً ترحيل الأزمة السورية لأطراف دولية دون العرب
لافروف يناقش الأزمة السورية مع نظيريه التركي والإيراني
فهل سينعكس هذا الوضع الخارجي على "جنيف 5"، أم أنها لن تفضي إلى جديد مثل "جنيف 4"؟
إذا كان حل الأزمة السورية في يد السوريين أنفسهم، فلا يتصور أن يأتي "جنيف 5" بجديد، فالنظام السوري ماض في تحقيق أهدافه مستندا إلى دعم روسي وإيراني، والمعارضة تخسر كل يوم، بما يجعل فرصتها في التفاوض ضعيفة.
وستكون فرصة "جنيف 5" في تحقيق أي تقدم ملموس في اتجاه الحل، هو حدوث توافق بين القوى الفاعلة في الملف السوري، وهذا الأمر بات حقيقة أقر بها المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا نفسه، والذي قال في إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي في 8 من الشهر الجاري: "إن مستقبل سوريا ليس في أيدي السوريين فحسب".
ويرى مراقبون أن هذا التوافق لم يحدث بعد، وكان من شواهده، أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان متسقا مع روسيا ويعتبر الحديث عن رحيل بشار الأسد ضربا من الجنون تغير.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، إنه "لا مجال للقبول ببشار الأسد في المرحلة الانتقالية"، مضيفا أن الأسد "رجل وحشي قاد بلاده إلى الفوضى، والولايات المتحدة تؤمن بعملية انتقال (سياسي) من دونه".
وفي ضوء ذلك، لا يتوقع أن يأتي "جنيف 5" بجديد، وسيكون مجرد قناع لمساومات دولية تُجرى في مكان آخر غير جنيف.
aXA6IDMuMTQzLjIwMy4xMjkg جزيرة ام اند امز