تصريح مفاجئ لإدارة ترامب على وقع تقدم الأسد
بينما يحقق بشار الأسد أهدافه تباعا، خرجت علينا إدارة ترامب بتصريح وصف بأنه يعتبر انقلابا في موقفها منه
قبل أيام سئلت قناة "فينيكس" الصينية الرئيس السوري بشار الأسد عن رؤيته لحل أزمة بلاده التي دخلت عامها السابع، فقال: "لا أرى حلا إلا بعقد مصالحات مع المعارضة، تمكنني من السيطرة على المدن والأحياء تباعا"، مستشهدا بنجاحه في ذلك بعده مناطق.
والمصالحات التي يقصدها، هي إبرام صفقات تحصل المعارضة بموجبها على فرصة الانتقال الآمن إلى إحدى المدن التي تسيطر عليها المعارضة، مقابل ترك المدينة لقوات الأسد.
وبينما كان الأسد يحقق أهدافه تباعا، وينجح في عقد صفقة تضمن خروج المعارضة من حي الوعر في حمص باتجاه مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة تدعمها أنقرة على الحدود السورية التركية، خرجت علينا إدارة ترامب بتصريح وصف بأنه يعتبر انقلابا في موقفها من بشار الأسد.
وخلال حملته الانتخابية، كان ترامب يعتبر الأسد شريكا في الحرب على الإرهاب، ووصف المطالبة برحيله بأنها ضرب من الجنون، ولكن المتحدث باسم وزارة الخارجية في إدارته، خرج يوم الجمعة بتصريح مفاجئ، عده المراقبون انقلابا في الموقف الأمريكي، إذ قال إنه "لا مجال للقبول ببشار الأسد في المرحلة الانتقالية"، مضيفا أن الأسد "رجل وحشي قاد بلاده إلى الفوضى، والولايات المتحدة تؤمن بعملية انتقال (سياسي) من دونه".
تستطيع إدراك مدى أهمية هذا التصريح من حجم السعادة التي استقبلته بها المعارضة السورية، التي قال أحد رموزها وهو منذر أقبيق، القيادي في تيار الغد السوري، إنه "يعطي البعض من الطمأنينة للشعب السوري ومعارضي النظام بعد أشهر من المخاوف والشكوك حول موقف الإدارة الجديدة من الأسد، وما إذا كانت سوف تعمل معه بحجة الحرب على الإرهاب".
والحقيقة أن التصريح، وإن كان يمثل موقفا مفاجئا، إلا أنه يعكس في الإطار ذاته أن الولايات المتحدة وروسيا لم يتوصلا بعد إلى رؤية موحدة لحل الأزمة السورية، إذ لا يزال التباين في المواقف بينهما حائلا دون الوصول لحل.
ونعيد المهللين لهذا التصريح إلى تصريحات شبيهة أطلقها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وكان يؤكد فيها دوما أنه لا وجود لبشار الأسد في مستقبل سوريا، ولكن لم تنعكس تلك التصريحات على المواقف الأمريكية، التي لم تتبلور في حل يؤدي إلى إنهاء الأزمة.
في المقابل، فإن روسيا التي تتحدث دوما عن دعمها لبشار الأسد، تترجم ذلك إلى أفعال، فخرجت أمس السبت الدفعة الأولى من مهجّري حي الوعر بحمص بعد اجتماعات مطولة بين الفصائل العسكرية في الحي والجانب الروسي الذي قاد العملية بشكل كامل.
وجاء تنفيذ هذا الاتفاق بموجب تفاهم بين أنقرة وموسكو، باعتبار أن جرابلس تقع ضمن مناطق سيطرة فصائل «درع الفرات» التي يدعمها الجيش التركي.
إذن فالنظام السوري ماض في تحقيق رؤيته بالدعم الروسي، وأمريكا في المقابل تكتفي بالتصريحات، التي لن تتحول إلى أفعال إلا عندما تفرض روسيا واقعا جديدا على الأرض السورية.
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4yMyA= جزيرة ام اند امز