العقاد "جامع العبقريات".. ذكرى ميلاد عملاق الأدب العربي
الأديب المصري الراحل عباس محمود العقاد لم يكن من المؤيدين لفكرة الوظيفة الحكومية وكان يراها قيدًا كبيرًا على الشباب المثقف.
تمر، الجمعة، ذكرى ميلاد الأديب الكبير عباس محمود العقاد الذي يعد واحدًا من المثقفين القلائل الذين تمتعوا بثقافة موسوعية، وكانت لهم كتابات مهمة ومؤثرة في مجالات مختلفة، إذ كتب في التاريخ والاجتماع والأدب والسياسة، فضلًا عن أكثر من مؤلف في مجال الدراسات اللغوية والنقدية، كما ترك عشرات المؤلفات في مجال الفكر الإسلامي.
ولد العقاد في محافظة أسوان جنوب مصر في 28 يونيو/حزيران 1889، واقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط، لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة أسوان، كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان، وبذلك اعتمد العقاد فقط على ذكائه الكبير ورغبته القوية في التعلم والمعرفة، إذ إنه ثقف نفسه بنفسه.
عمل العقاد موظفًا في الحكومة بمدينة قنا سنة 1905 ثم نُقل إلى الزقازيق 1907 وعمل في القسم المالي بمديرية الشرقية، وبعدها ترك وظائف الدولة وعمل في الصحافة، وأول ظهور له كان في سنة 1907 حين عمل في جريدة الدستور اليومية مع الكاتب محمد فريد وجدي الذي كان يصدرها، ثم عاد في 1912 إلى الوظيفة بديوان الأوقاف، غير أنه لم يلبث أن ضاق من الأمر فعاد للصحافة من جديد، من خلال اشتراكه في تحرير جريدة المؤيد التي كان يصدرها الشيخ علي يوسف، ليتركها هي الأخرى بسبب صدامه مع سياساتها التحريرية التي لم تروق له.
ولم يكن العقاد من المؤيدين لفكرة الوظيفة الحكومية وكان يراها قيدًا كبيرًا على الشباب المثقف، وقد كتب عنها ذات مرة: "ومن السوابق التي أغتبط بها أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصري استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار في طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأي عند الأكثرين. وليس في الوظيفة الحكومية لذاتها معابة على أحد، بل هي واجب يؤديه من يستطيع، ولكنها إذا كانت باب المستقبل الوحيد أمام الشاب المتعلم فهذه هي المعابة على المجتمع بأسره".
واشتهر العقاد بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي، والدكتور طه حسين، والدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن، كما اختلف مع زميل مدرسته الشعرية الشاعر عبد الرحمن شكري، وأصدر كتابًا من تأليفهِ مع المازني بعنوان "الديوان" هاجم فيهِ أمير الشعراء أحمد شوقي، وأرسى فيه قواعد مدرسته الخاصة بالشعر.
وكان العقاد كاتبًا سياسيًا من طراز رفيع، وفي مرحلة من حياته بات هو الكاتب الأول لحزب الوفد، وتم انتخابه عضوًا بمجلس النواب، ومن مواقفه الشهيرة حين أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان قال العقاد "إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه"، وتسببت هذه المقولة في حبس العقاد 9 أشهر في عام 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية.
وبعد تلك الواقعة انسحب العقاد من العمل السياسي وبدأ نشاطُه الصحفي يقل واتجه أكثر إلى مجال تأليف الكتب، وهي الفترة التي انتعشت فيها قدرته على الكتابة وبدأ وقتها في تأليف العبقريات وأنجز منها "عبقرية محمد" و"عبقرية عمر" و"عبقرية الإمام."
ومن أبرز مؤلفات العقاد، الذي توفي في 12 مارس/آذار 1964، العبقريات، مطالعات في الكتب والحياة، مراجعات في الأدب والفنون، جحا الضاحك المضحك، الديوان في النقد والأدب، الحكم المطلق في القرن العشرين، هتلر في الميزان، أفيون الشعوب، فلاسفة الحكم في العصر الحديث، الشيوعية والإسلام، النازية والأديان، ولا شيوعية ولا استعمار.
وتُرجمت بعض كتبه إلى اللغات الأخرى، حيث تُرجم كتابه "الله" إلى الفارسية، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي، وأبو الشهداء إلى الفارسية، والأردية، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية والإنجليزية.
aXA6IDE4LjIxNy4xMTguNyA= جزيرة ام اند امز