من 1992 إلى 2025 .. الجغرافيا تفسر تأثير الزلزال على مصر

من زلزال دهشور عام 1992 إلى هزة مايو/أيار 2025، تثبت الجغرافيا أن موقع الزلزال لا يقل أهمية عن قوته في تحديد حجم التأثير.
ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود، لا يزال زلزال عام 1992 حاضرا في ذاكرة المصريين، ليس فقط لأنه كان أحد أقوى الزلازل التي ضربت البلاد، بل لأنه كشف بوضوح كيف تلعب الجغرافيا دورا حاسما في تحديد حجم الخطر الزلزالي وتأثيره داخل مصر.
وفي 12 أكتوبر 1992، ضرب زلزال بقوة 5.8 درجة منطقة دهشور جنوب غرب القاهرة، ورغم أن هذه القوة تعتبر متوسطة مقارنة بالمقاييس العالمية، فإن قرب مركز الزلزال من العاصمة ووقوعه في منطقة مأهولة بالسكان زاد من التأثير التدميري، وخلال ثوان قليلة هي مدته، تسبب الزلزال في مقتل أكثر من 500 شخص و إصابة الآلاف، انهيار آلاف المنازل، خاصة في مناطق البناء العشوائي.
وفي 14 مايو 2025، شعر سكان القاهرة وعدة محافظات بهزة أرضية مصدرها جزيرة تكريت قرب اليونان، وبلغت قوة الزلزال 6.4 درجة، أي أقوى من زلزال 1992، لكنه لم يتسبب في أي خسائر مادية أو بشرية في مصر، واقتصر أثره على شعور المواطنين بالاهتزاز لثواني قليلة.

الجغرافيا تشرح الفرق
ويكمن الفارق الجوهري بين الزلزالين في الموقع الجغرافي لمركز كل منهما، فزلزال 1992 وقع داخل الأراضي المصرية، وتحديدا في منطقة نشطة زلزاليا بالقرب من تجمعات سكنية كثيفة، مما جعل تأثيره مباشرا ومدمرا، وساعد على ذلك البنية التحتية الهشة والتوسع العشوائي الذي كان سببا مباشرا في ارتفاع الخسائر.
أما زلزال 2025 فكان بعيدا عن الأراضي المصرية، حيث حدث تحت قاع البحر قرب اليونان، وبالتالي ضعُف تأثيره بشكل كبير قبل أن يصل إلى مصر، رغم قوته الأعلى.

دروس مستفادة
وتؤكد هذه المقارنة على حقيقة أن قوة الزلزال وحدها لا تحدد حجم تأثيره، بل إن قرب مركز الزلزال من المناطق السكنية، وطبيعة الأرض، وعمق الزلزال كلها عوامل تتحكم في مدى الضرر، كما تشير التجربة المصرية إلى أهمية التخطيط العمراني السليم وتطوير بنية تحتية مقاومة للكوارث.