بعد زلزال تركيا اليوم.. هل باتت إسطنبول قريبة من الرعب الأكبر؟ (خاص)

عاشت مدينة إسطنبول، كبرى مدن تركيا، صباحا مضطربا بعد سلسلة من الزلازل بلغت قوة أعنفها 6.2 درجات على مقياس ريختر.
رغم أن أضرار زلزال تركيا كانت محدودة، إلا أن الهزات المتكررة أعادت إلى الواجهة كابوس الزلزال الكبير الذي يُحذر منه العلماء منذ سنوات، في ظل التوقعات الجيولوجية بوقوع زلزال مدمر يضرب المدينة في أي لحظة.
ولم تنس الذاكرة الجماعية لسكان إسطنبول بعد زلزال إزميت عام 1999، الذي بلغت قوته 7.6 درجات، وأسفر عن مقتل أكثر من 17 ألف شخص، وشُعر به بقوة في إسطنبول، ورغم مرور أكثر من عقدين على ذلك الزلزال، إلا أن الخبراء يؤكدون أن الخطر لم يختف، بل أصبح أقرب من أي وقت مضى.
وتقع إسطنبول على مقربة من أحد أكثر الفوالق الأرضية نشاطا في العالم، وهو فالق شمال الأناضول، الذي يمتد لأكثر من 1,200 كيلومتر، ويمر تحت بحر مرمرة القريب من المدينة، وهذا الفالق شهد سلسلة زلازل كبرى خلال القرن الماضي، تحركت تدريجيا من شرق تركيا باتجاه الغرب، مخلفة وراءها دمارا واسعا في كل مرة.
ويحذر الجيولوجيون من أن الجزء القريب من إسطنبول في هذا الفالق لم ينزلق منذ أكثر من 250 عاما، ما يعني تراكم كميات هائلة من الضغط التكتوني، الذي قد يفرغ في زلزال مدمر.
متى يحدث الزلزال؟
وتشير دراسات نشرت في دوريات علمية مرموقة إلى أن الخطر قادم لا محالة، منها دراسة نُشرت في مجلة "نيتشر جيوساينس"، أشارت أن هناك احتمالا يتجاوز 60 إلى 70% لوقوع زلزال كبير بقوة تزيد عن 7 درجات قرب إسطنبول خلال العقود القادمة، وبعض السيناريوهات تتوقع أن هذا الزلزال قد يحدث خلال الـ 20 عاما القادمة.
وتُظهر هذه الدراسة أن معدلات الانزلاق على الفالق تتراوح بين 12.8 و17.8 ملم سنويا، مما يشير إلى تراكم كبير للإجهاد التكتوني في المنطقة، ويعزز من احتمالية وقوع زلزال كبير في المستقبل.
واستخدمت دراسة أخرى نشرتها دورية "نيتشر"، نماذج لتغيرات الإجهاد الزلزالي لتحديد المناطق ذات الخطر المرتفع، وذلك بعد زلزال إزميت عام 1999، وأشارت النتائج إلى أن منطقتين تحت بحر مرمرة، جنوب إسطنبول، معرضتان لزلازل بقوة مماثلة أو أكبر من زلزال إزميت خلال العقود القادمة.
وباستخدام أجهزة قياس الزلازل القاعية، كشفت دراسة ثالثة نشرتها دورية "إيرث & بلانتس آند سبيس" عن نشاط زلزالي دوري بعمق 13 إلى 20 كم تحت فالق بحر مرمرة الرئيسي، مما يشير إلى تراكم الإجهاد الزلزالي وإمكانية حدوث زلازل مستقبلية.
وتظهر دراسة رابعة نشرتها دورية " جيوفيزيكال جورنال إنترناشونال"، أن الجزء الشرقي من فجوة مرمرة الزلزالية، بالقرب من شبه جزيرة هيرسك، لم يشهد زلزالا كبيرا منذ عام 1509، مما يشير إلى تراكم الإجهاد الزلزالي واحتمالية حدوث زلزال كبير في المستقبل.
ورغم جهود الحكومة التركية لتعزيز البنية التحتية، وتحسين جاهزية المباني ومرافق الطوارئ، إلا أن الكثافة السكانية العالية، والعمران العشوائي في بعض المناطق، لا تزال تمثل تحديا خطيرا حال وقوع الكارثة المرتقبة.
وكانت الزلازل التي ضربت المدينة اليوم الأربعاء بمثابة جرس إنذار جديد، يذكر السكان والسلطات معا بأن الرعب الأكبر لم يأتِ بعد، وأن الاستعداد له ليس خيارا بل ضرورة وجودية.