ارتفع سعر برميل نفط برنت الخام ليبلغ يوم الأربعاء نحو 90 دولارا. مع معاناة مستوى العرض في أوروبا، والوضع الجيوسياسي المتعلق بالنزاع الروسي-الأوكراني، والخوف من انخفاض مستوى الواردات من النفط المحمول بحرا من البلطيق.
وقد ارتفع مستوى نفط برنت إلى أعلى مستوى له منذ عام 2014 مع انخفاض مستوى المخزونات في منصة كوشنج بأوكلاهوما.. وهي نقطة تسليم النفط الخام من نوع "وست تكساس الوسيط"، بمقدار يزيد على مليون برميل أخرى، طبقا لبيانات معهد البترول الأمريكي، وهي تعد أدنى نقطة منذ عام 2012، وهي تقل بأكثر من 30% عن متوسط مستوى المخزون خلال خمس سنوات.
كما شهدت نواتج التقطير سحبا كبيرا من المخزون، طبقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، حيث تم سحب 2.8 مليون برميل، ما أدى إلى أن تصل المخزونات إلى مستوياتها المنخفضة التي كانت عليها في عام 2014.
ويأتي على رأس قائمة أسباب ارتفاع الأسعار النزاع ما بين الغرب وروسيا حول أوكرانيا واستمراره في دفع الأسعار نحو الأعلى.
ففي يوم الثلاثاء الماضي، قال الرئيس جو بايدن معلقا على الأزمة الروسية-الأوكرانية: "لقد أعلنتها واضحة منذ وقت مبكر للرئيس بوتين فيما لو أنه تحرك نحو أوكرانيا، فإنه سوف تترتب على ذلك عواقب قاسية، بما في ذلك عقوبات اقتصادية مؤثرة، إلى جانب أنني سأشعر أني ملزم بدعم وجودنا -وجود حلف الناتو- في الجبهة الشرقية: بولندا، ورومانيا، إلخ".
وكانت التخوفات من أن العقوبات ضد روسيا قد تتسبب في نقص في النفط الخام والغاز الطبيعي، قد هزت أسواق السلع في الأيام الأخيرة.
والضغوط الأخيرة على أسعار النفط تأتي من صادرات روسيا من مواني بحر البلطيق، والتي من المنتظر أن تنخفض في الشهر المقبل إلى أقل مستوى لها في خمسة أشهر.
ومصدر القلق هنا هو أن روسيا لم يعد بوسعها بلوغ مستوى إنتاج النفط فيها إلى مستوى ما تحدده لها اتفاقية أوبك+ من حصة إنتاجية.
وعلى الرغم من ارتفاع مخزون النفط التجاري بمقدار 2.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 21 يناير الماضي، يقول أحد المعلقين إن مستوى مخزونات النفط كان على انخفاض لعدة أسابيع الآن، وإجمالي مستوى المخزونات هو بشكل واضح أقل من المستوى المعتاد في مثل هذا الوقت من السنة.
ويشير إلى أن سوق النفط العالمية تعاني من نقص مزمن في المعروض، مع ميل تحالف أوبك+ ومنتجي النفط الصخري الأمريكي، إما إلى عدم القدرة وإما عدم الرغبة في رفع الإنتاج بشكل ملموس.
وقد انخفضت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بمقدار 273 مليون برميل منذ أن بلغت ذروتها في يوليو 2020، وهو ما يوازي أكثر من الإضافة إلى المخزونات التي وصل إجماليها إلى 204 ملايين برميل خلال الموجة الأولى من الإغلاقات التي أعقبت تفجر الجائحة في عام 2020.
وإضافة إلى نقص المعروض النفطي في الولايات المتحدة، هناك قلق متزايد في السوق العالمية من انخفاض المعروض من النفط الخام، وهو ما يساعد على بقاء الأسعار مرتفعة، مع توقعات متزايدة بأن يبلغ سعر برميل برنت 100 دولار للبرميل في وقت لاحق.
والواقع أن تأثير العوامل الجيوسياسية على الأسعار كان متقلبا، فبعد أن مالت أسعار النفط للارتفاع بشكل ملحوظ في أعقاب الاعتداءات الإرهابية الحوثية على منشآت مدنية بالإمارات إلى جانب استمرار القلق من النزاع الأمريكي الغربي حول أوكرانيا، لم يعد هناك من أثر أو ذكر لتأثير الإرهاب الحوثي، إذ ثبت عدم تأثر الإمارات وعدم تأثر الإنتاج أو التصدير، بل إن الإمارات إلى جانب المملكة العربية السعودية هما الوحيدتان داخل تحالف أوبك+ اللتان لديهما طاقة إنتاجية فائضة يعتد بها يمكن أن يتم تزويد السوق بها في حالات الضرورة.
ومن ثم لم يعد مستمرا في التأثير على الأسعار من العوامل الجيوسياسية سوى النزاع الروسي-الغربي بشأن أوكرانيا، الذي يبدو أنه سيطول بعض الشيء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة