زيارة ميلوني لطرابلس تثير أزمة الشرعية.. كيف تنظر إيطاليا لحكومتي ليبيا؟
فيما تحاول ليبيا عبور أزمتها التي دخلت عامها الثاني عشر، وقفت عوامل عدة حائلا أمام ذلك الأمل المنشود، واضعة عراقيل على الطريق "الشائك".
فمن "قوة قاهرة" مرورًا بمليشيات مسلحة إلى انقسام مؤسساتي، تنوعت العراقيل، لكنها اتحدت في هدفها الأخير، بإبقاء ليبيا في حالة من عدم الاستقرار.
تلك الحالة كما انعكست داخليًا، كان لها تأثير خارجي على صورة البلد الأفريقي، في المحافل الدولية والإقليمية، والتي اتضحت جليًا في اجتماع طرابلس التشاوري الأخير، والذي قاطعته دول عربية عدة، على وطأة الخلاف بشأن أي الحكومتين تمثل ليبيا: هل حكومة فتحي باشاغا التي منحت ثقة البرلمان في مارس/آذار من العام الماضي، أم حكومة عبدالحميد الدبيبة منزوعة الثقة والتي انتهت ولايتها في يونيو/حزيران 2022.
تحذير وتنديد
وعلى وطأة ذلك الخلاف، كان الإعلان عن زيارة مرتقبة لرئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى العاصمة طرابلس، كفيلة بإشعال أزمة الشرعية مجددا.
ومع إعلان حكومة الدبيبة إجراء استعدادات وترتيبات لاستقبال ميلوني، كانت حكومة باشاغا تقف في الجهة المقابلة منددة بالزيارة المرتقبة التي سيوقع على هامشها "الاتفاق النفطي الجديد".
وهاجمت حكومة باشاغا في بيان صدر عنها قبل أيام، ما وصفته بـ"الإعداد لصفقة غامضة بين حكومة الدبيبة وشركة (إيني) الإيطالية يقضي بزيادة حصة الشريك الأجنبي وتقليص حصة الشريك الوطني"، مؤكدة "عدم أهلية الحكومة منتهية الولاية توقيع أية اتفاقيات أو مذكرات تفاهم وأنها غير مخولة أصلاً بذلك طبقاً لنص المادة (10) من الاتفاق السياسي (جنيف) الذي رعته الأمم المتحدة حتى في الفترة التي كانت تتمتع فيها بالشرعية".
وحذرت حكومة باشاغا من "أن الدولة الليبية لن تلتزم بأية اتفاقيات أو مذكرات تفاهم مشبوهة الغرض والمآلات، وأنها في منأى عن كل الآثار القانونية والمادية التي تأتي بها مثل هذه الاتفاقيات".
وهددت حكومة باشاغا بـ"أنها ستلجأ للقضاء الوطني والذي كان وما زال حصناً منيعاً دون اختراق للسيادة الوطنية، وقد أبطل في أكثر من مناسبة اتفاقيات غير مشروعة تفوح منها رائحة الانتهازية السياسية البشعة" في إشارة لحكم محكمة طرابلس بوقف العمل في الاتفاقية النفطية الموقعة بين تركيا وحكومة الدبيبة قبل أربعة أشهر.
أزمة الشرعية
صراع حكومتي الدبيبة وباشاغا على الشرعية، قال عنه المحلل السياسي الليبي بشير البوسيفي، إنه "يؤثر كثيرا على وضع دولة ليبيا في الخارج"، مشيرًا إلى أن "مسألة شرعية إحدى الحكومتين لدى المجتمع الدولي محل خلاف لن يُحل إلا بعد أن يُفصل في الأمر داخليا".
المحلل الليبي أكد أن الأمر "بالنسبة للمجتمع الدولي يتعلق بالمصالح؛ فبعض الدول لا تهتم كثيرًا بمسألة الشرعية، بقدر اهتمامها بمن يتحكم ويملك القرار على أرض الواقع".
وأشار إلى أن "مصلحة إيطاليا مع حكومة عبد الحميد الدبيبة؛ كونه المسيطر على الأرض والمتحكم فعليا في إمدادات الغاز لإيطاليا، ناهيك عن أنه المسيطر على غرب ليبيا، تلك المنطقة التي تنطلق منها قوارب الهجرة غير الشرعية نحو روما"
المصالح أولا
الأمر نفسه أشار إليه أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية صالح المبروك، والذي قال في حديث لـ"العين الإخبارية" إنه "لا مكان للشرعية في قاموس الدول عندما يتعلق الأمر بالمصالح".
واستدل الأكاديمي الليبي على رؤيته بقوله إن "إيطاليا لديها سفارة في طرابلس (غرب) وتتعامل مع حكومة الدبيبة ولديها قنصلية في بنغازي (شرق) تتعامل من خلالها مع حكومة باشاغا".
وأشار إلى أن الحكومة الإيطالية أرسلت أطباء إلى مدينة بنغازي لإجراء عمليات قلب للأطفال، بالاتفاق مع حكومة باشاغا، كونها المسيطرة على شرقي ليبيا، ما يدل على أن المسيطر على الأرض، هو من تتوجه إليه الدول لعقد مفاوضات في أي شأن يخصها.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNS42NiA= جزيرة ام اند امز