الرئاسي الليبي والدبيبة في تراشق يصل لـ"التخوين".. خلافات تهدد المصالحة
طفت على السطح مؤخرا بوادر خلافات حادة وصلت للتراشق واتهامات تصل لحد "التخوين" بين المجلس الرئاسي الليبي ورئيس حكومة الوحدة منتهية الولاية والمتشبثة بالسلطة عبدالحمد الدبيبة.
ورغم أن الرئاسي والحكومة يجمعهما ذات المصير، حيث تم تشكيلهما بناء على اتفاق واحد أبرم في جنيف 2021، بعد تصويت لجنة الحوار السياسي، إلا أن الرئاسي دائما ما يحاول الظهور في صورة المحايد مع الانقسام السياسي في البلاد، حيث ترفض حكومة الدبيبة تسليم السلطة لخلفها التي شكلها مجلس النواب الليبي ويترأسها فتحي باشاغا.
أبرز الخلافات:
- تسليم أبوجيلة
أبدى المجلس الرئاسي الليبي اعتراضا مؤخرا على بعض قرارات حكومة الدبيبة واتفاقاتها.
حيث عارض المجلس تسليم حكومة الدبيبة للمواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي -أحد المتهمين في قضية إسقاط الطائرة بمنطقة لوكيربي 1988- لواشنطن.
وطالب الحكومة بتقديم توضيحات بشأن عملية التسليم، كما أحال شكوى عائلة أبوعجيلة من عملية التسليم إلى النائب العام، مطالبا إياه باتخاذ الإجراءات اللازمة.
- الاتفاقات مع تركيا
احتجّ المجلس الرئاسي الليبي ضدّ توقيع حكومة الدبيبة اتفاقيات جديدة مع تركيا في مجال التنقيب على النفط والغاز في المياه الليبية، معتبرا أن التعاون بين الدول تضبطه ويتطلب اعتمادها التصديق من المجالس التشريعية.
وازداد التصعيد بين الجانبين حتى وصل إلى تراشق بالكلمات بين المجلس الرئاسي والحكومة فيما يخص المصالحة الوطنية التي يختص بها الأول وفقا للاتفاق السياسي.
- جهود المصالحة
اليوم السبت، انتقد الدبيبة، علانية، جهود المصالحة الوطنية التي يقودها المجلس الرئاسي الليبي، رافضا هذه الجهود.
وقال الدبيبة في تصريحات له: "لا يجب أن تجرى بواسطة خيوط لعبة أجنيية أو المخابرات الدولية، أو في أفخم الفنادق".
وأضاف الدبيبة، خلال مشاركته في ملتقى بمدينة مصراتة مسقط رأسه، أن المصالح يجب أن تجري من خلال أصحاب الشأن، معتبرا أن بعضا من يشاركون في جهود المصالحة "من المجرمين الذين يحاولون تصفية أمور إجرامهم وقتلهم الليبيين، وهؤلاء يجب أن يحاكموا ويقتص القضاء منهم" وفق قوله.
المجلس الرئاسي لم يمرر هذه التصريحات، ورد عليها عبدالله اللافي نائب رئيس المجلس في تغريدة عبر "تويتر" قائلا: "إن المصالحة بين الليبيين ليست مجال تجارة أو مزايدة سياسية، فكل يعمل على شاكلته، وكل يرى الناس بعين طبعه".
يأتي هذا التصعيد بين الجانبين في ظل تقارب واضح بين المجلس الرئاسي ورئيس مجلس النواب، الغريم التقليدي لحكومة الدبيبة والذي سحب منه الثقة وعين حكومة أخرى خلفا لها.
واتخذ المجلس الرئاسي خطوات أظهرت تفاهما كبيرا مع مجلس النواب، حين دعا لعقد اجتماع مع رئيسه عقيلة صالح ورئيس ما يعرف بمجلس الدولة في مدينة غدامس الليبية، لبحث سبل دعم العملية السياسية والتوافق على القاعدة الدستورية للانتخابات المؤجلة.
كما التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في لقاء غير معلن الأسبوع الماضي في القاهرة لأول مرة منذ شهور بالمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والذي انتقد سابقا انحياز المجلس الرئاسي لحكومة الدبيبة، وتم الاتفاق على تسوية عدد من النقاط الخلافية وفق تسريبات سابقة من الاجتماع.
رسائل مهمة
وفي قراءة لهذا المشهد السياسي المعقد وما برز من خلافات بين المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة تصل لحد "التخوين" يرى الخبير السياسي والحقوقي الليبي محمد صالح جبريل أن المجلس الرئاسي والحكومة منتهية الولاية يجمعهما ذات المصير كونهما جاءا باتفاق سياسي واحد.
واستدرك جبريل في تصريح لـ"العين الإخبارية" بالقول "إلا أن الحكومة تتصرف في السلطة بشكل منفرد، وضيقت أيضا موارده ما دعا الرئاسي للتحرك هو أيضا بعيدا عنها سياسيا حفاظا على دوره المنوط به في الاتفاق".
وتابع الخبير الليبي أن الحكومة تعدت مهامه وتجاهلت الرئاسي في أكثر من مناسبة، ورغم ذلك الرئاسي تعامل معها باعتبارها التي تسيطر على العاصمة التي يتخذها مقرا له ولكنهما يجمعهما ذات المصير.
وأضاف أن الرئاسي يتشكل من الأقاليم الثلاثة ولذلك يعمل على المصالحة المكلف بها في الاتفاق السياسي، وأن انتقاد الدبيبة لهذا الدور غير مبرر، وبطبيعة الحال فإن المصالحة لا بد أن تضم جميع الأطراف، بما فيهم من يراهم بعض الأطراف مجرمين، طالما أنهم ليسوا إرهابيين.
وعن التفاهم اللافت بين مجلسي النواب والرئاسي قال جبريل إن "المجلس الرئاسي يعرف أن النواب هو الجسم التشريعي الشرعي، وهو المنوط به القاعدة الدستورية وتشكيل الحكومة فلذلك يعمل على التعاون معه، وهو ما يخشى منه الدبيبة على اعتبار أن النواب غريمه التقليدي، وخشية الاتفاق على حكومة جديدة تزيحه من منصبه بدعم دولي وداخلي هذه المرة لارتباطها بالقاعدة الدستورية في اتفاق واحد".
واعتبر أن الخلافات بين المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة هو مؤشر مهم على أين تتجه العملية السياسية والتوجه الدولي والرسائل التي وصلت الدبيبة في الزيارات الأخيرة، إلا أنها لن تتطور أكثر وستبقى في حيز التراشق بالكلمات، والاختلاف على القرارات.
ولفت الخبير السياسي الليبي إلى أن "ملف المصالحة تحديدا يجب أن يقبل فيه الجميع بالآخر وإلا فكيف ستكون المصالحة من الأساس إذا كان مجرد القبول غير موجود".
يشار إلى أن "المصالحة الوطنية الشاملة" هو مشروع أطلقه المجلس الرئاسي الليبي للم شمل الليبيين وذلك وفق مهمته الأولى التي كلف بها من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي رعته الأمم المتحدة بين أطراف النزاع الليبي في جنيف، والذي انبثق عنه المجلس الرئاسي كسلطة ليبية في 5 فبراير/شباط 2021.
وفي حين أعلن المجلس الرئاسي الليبي في 9 سبتمبر/أيلول 2021 عن المشروع، فقد بدأ فعليا في مارس/آذار الماضي العمل عليه، مع دعم دوي متزايد، عبر إجراء حوارات مع فئات عديدة من الشعب الليبي، منهم الأحزاب والقبائل والسياسيون ومنظمات المجتمع المدني، مدفوعا بنية حل الأزمة التي شهدتها البلاد بالتزامن مع ذلك التاريخ.
aXA6IDE4LjIyMi45Mi41NiA= جزيرة ام اند امز