"العين الإخبارية" تكشف فحوى جلسة برلمان ألمانيا بشأن "الإخوان"
يبدو أن البرلمان الألماني بدأ يضع يده على النقاط الأساسية في أي استراتيجية فعالة لمكافحة تمويل الإسلام السياسي والإخوان الإرهابية.
وفي هذا الإطار، نظمت لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني، جلسة استماع، استمرت على مدار ساعتين من (الثالثة عصرا حتى الخامسة مساء) بالتوقيت المحلي، في مقر البرلمان ببرلين.
وحضر الجلسة أعضاء لجنة الشؤون الداخلية من كافة الكتل الحزبية، بالإضافة إلى ٩ خبراء وأكاديميين متخصصين في شؤون الإسلام السياسي.
محور الجلسة
الجلسة التي جرت تحت عنوان "كشف ومنع تمويل الإسلام السياسي في ألمانيا"، ركزت على مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي، أكبر تكتل معارض في البلاد، في منتصف مارس/آذار الماضي، ويطالب بكشف ومنع تمويل الإسلام السياسي بألمانيا، وانفردت "العين الإخبارية" قبل أشهر بهذا المشروع وأهم بنوده.
ودارت الجلسة حول طلبات الاتحاد المسيحي، بفرض التزام على الشركات والجمعيات بالكشف عن مصادر التمويل الأجنبية للسلطات الضريبية المسؤولة، وتوسيع صلاحيات هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في مجال التحقيقات المالية.
وكانت "العين الإخبارية" انفردت قبل أشهر، بمناقشة لجنة الشؤون الداخلية ببرلمان ألمانيا مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي، يعد أكبر ضربة يتلقاها تنظيم الإخوان من ألمانيا، لأنه يأتي من تكتل سياسي كبير حكم البلاد لـ16 عاما بزعامة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
وقسمت جلسة الاستماع، وفق ما رصدته "العين الإخبارية"، إلى 3 أجزاء رئيسية، حيث مٌنح كل خبير 3 دقائق لتقديم ملخص حول رؤيته لمشروع قرار الاتحاد المسيحي ومكافحة تمويل الإسلام السياسي بشكل عام.
ثم تبع ذلك تعليق مقتضب من ممثلي الكتل البرلمانية الحاضرين في الجلسة، وطرح أسئلة على الخبراء فيما يتعلق بالموضوع الرئيسي أو ما يرتبط به من مواضيع فرعية مثل مكافحة التطرف بشكل عام.
بعدها، منح الخبراء وقت للإجابة عن الأسئلة الأولى، قبل أن يطرح ممثلو الكتل البرلمانية مجموعة من الأسئلة الأخرى، ويجيب عنها الخبراء.
"التمويل المحلي"
وبدأ الدكتور عاصم الدفراوي، الخبير في مؤسسة كانديد التي تملك مقرات في برلين وباريس، الحديث وفق الترتيب الأبجدي، وتحدث عن اتفاقه مع مشروع قرار الاتحاد المسيحي، في أن الإسلام السياسي يمثل خطرا على ألمانيا.
وطرح الدفراوي فكرتين خلال حديثه المقتضب "يجب تمويل مجتمعات وجمعيات المساجد من المصادر الألمانية، وهذا يتطلب مؤسسة تمثل المسلمين الألمان الذين يرغبون في ذلك يكون معترفا بها كهيئة عامة".
وتابع "من الضروري أيضًا إنشاء مؤسسة تنسيقية مدعومة فيدراليًا لتعزيز التماسك الاجتماعي ومكافحة جميع أشكال التطرف، على سبيل المثال في شكل مؤسسة أو سلطة اتحادية أو أمانة دولة.. يجب محاربة كل التطرفات في نفس الوقت، لأنها تغذي بعضها البعض".
فيما قال هايكو هاينش، الخبير بمركز توثيق الإسلام السياسي بالنمسا، في الجلسة "تهيمن منظمات الإسلام السياسي اليوم على الجمعيات الإسلامية الكبيرة. يجلس ممثلوهم على طاولة واحدة على مستويات مختلفة مع صانعي القرار السياسي والكنائس والمنظمات غير الحكومية".
وتابع "استطاعت منظمات مثل جماعة الإخوان المسلمين وشقيقتها التركية، حركة ملي جوروش، الاستفادة من موجات الهجمات في أوروبا وأمريكا الشمالية وظهور تنظيم داعش والتعبئة المرتبطة به في أوروبا الغربية".
وأضاف "لقد استفادت هذه التنظيمات، لأن صناع القرار السياسي في أوروبا كانوا يبحثون بيأس عن اتصالات مع الجاليات المسلمة على أمل نبذ أو على الأقل احتواء تهديد التطرف الديني"، متابعا "لقد أدركت منظمات الإسلام السياسي هذا وقدمت نفسها على أنها ممثلة لجميع المسلمين".
بدوره، قال مهند خورشيد، رئيس مركز العقيدة الإسلامية في جامعة مونستر الألمانية، إن الإسلام السياسي والعنصرية ضد المسلمين، ظاهرتان متقابلتان يجب التعامل معهما.
وتابع "نعرف القليل عن تمويل شبكات الإسلام السياسي، ويحب تكثيف البحث في هذا المجال.. يتطلب الأمر تعاون المؤسسات العامة والأوساط البحثية".
"صندوق أسود"
أما الخبيرة الألمانية البارزة، ربيكا شوننباخ، فقالت في مداخلتها أمام لجنة الشؤون الداخلية "على مدار 50 عامًا، نظم الإسلاميون أنفسهم في البلدان الأوروبية بطريقة لا مركزية، لكنهم مرتبطون بشبكات دولية من أجل متابعة أجندتهم المناهضة للديمقراطية وسيادة القانون".
وتحدثت شوننباخ عن أن الجمعيات الإسلاموية في ألمانيا تشبه "الصندوق الأسود"، في إشارة إلى عدم وجود معلومات كافية عن طريقة تحركها وأنشطتها، والحاجة لتكثيف البحث العلمي في هذا الإطار.
ثم التقط هانز ياكوب شيندلر، مدير برنامج مكافحة التطرف بألمانيا، طرف الخيط، وقال "يقوم مشروع مكافحة التطرف بجمع المعلومات حول بعض هذه المنظمات الإسلامية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، منذ سنوات ويحذر بانتظام من الأخطار التي تهدد النظام الاجتماعي الحر التي تنبع من هذه المنظمة الشبكية".
لكنه لفت إلى قصور في النظام القانوني الألماني، وقال "نظرًا لعدم وجود تعريف قانوني للمصطلح (الإسلام السياسي)، لا توجد أيضًا جريمة جنائية لتمويل هذا النوع من التطرف في ألمانيا".
وأضاف "هذا يعني أن أنشطة تمويل الجهود المتطرفة، الموجهة ضد النظام الأساسي الديمقراطي الحر، تظل بلا عقاب إلى حد كبير من الناحية العملية".
خطوة مهمة
وفيما يتعلق بالنواب، تحدث كريستوف دي فريس، النائب البارز عن الاتحاد المسيحي خلال الجلسة، وقال إن تمويل تنظيمات الإسلام السياسي "موضوع هام"، لافتا إلى أن المشروع الذي صاغه الاتحاد المسيحي، يعد خطوة مهمة في طريق مواجهة هذا الخطر "الإسلام السياسي".
وتساءل فريس عن مدى قدرة المؤسسات الأمنية في تتبع تمويل تنظيمات الإسلام السياسي في ظل الوضعية الحالية في النظام القانوني الألماني.
أما النائب عن حزب البديل لأجل ألمانيا "شعبوي"، غوتفريد كوريو فأثار خلال الجلسة قضية التمويل الخارجي لمؤسسات الإسلام السياسي، وأكد على ضرورة تدشين قواعد شفافة للكشف عن هذا التمويل والجهات المستفيدة منه.
كما تحدث عن تأسيس كراسي في الجامعات لدراسة الإسلام السياسي بشكل نقدي، وتوفير المعلومات والمعرفة المطلوبة التي تسهل عملية مكافحة هذه التنظيمات.
وبعد جلسة الاستماع التي جرت اليوم، من المقرر أن تستمر لجنة الشؤون الداخلية في مناقشة مشروع القرار الذي قدمه الاتحاد المسيحي منتصف مارس/آذار الماضي، وكان محور جلسة الاستماع اليوم.
وقبل أشهر، انفردت "العين الإخبارية" بمناقشة لجنة الشؤون الداخلية ببرلمان ألمانيا مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي، يعد أكبر ضربة يتلقاها تنظيم الإخوان من ألمانيا، لأنه يأتي من تكتل سياسي كبير حكم البلاد لـ16 عاما بزعامة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
أهم بنود المشروع
ويدعو مشروع القرار الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إلى فرض التزام قانوني على الشركات والجمعيات، للكشف عن مصادر التمويل الأجنبية التي تحصل عليها بشكل دوري.
كما يطالب المشروع أيضا، الحكومة الفيدرالية، بتوسيع سلطات هيئة حماية الدستور (الاستخبارات المالية) في مجال التحقيقات المالية المتعلقة بجمعيات وتنظيمات الإسلام السياسي، بشكل يمكنها من "توضيح النفوذ السياسي والمالي بشكل أفضل، خاصة فيما يتعلق بالإسلام السياسي"، وفق الوثيقة.
ووفقًا للمشروع، ينبغي توسيع صلاحيات هيئة حماية الدستور، لتشمل تقديم طلبات إلى "وحدة الاستخبارات المالية"، للتحقيق في حالات تمويل التطرف.
وظهرت الفجوة بين هيئة حماية الدستور ووحدة الاستخبارات المالية، قبل أشهر، مع تفجر قضية استحواذ مؤسسة "أوروبا ترست"، صندوق الإخوان الاستثماري، على عقار في حي فيدنج في برلين، مقابل أربعة ملايين يورو، وانتقال منظمات إخوانية للعمل من العقار فيما بعد، دون امتلاك الأجهزة الأمنية الإمكانات المطلوبة للتحقيق في أمر هذه الصفقة.
كما يدعو المشروع، الحكومة الفيدرالية إلى الدخول في حوار مع إدارات المساجد المحلية، بهدف تعزيز الانفتاح والشفافية في التمويل.
وبحسب المسودة، يتعين أيضًا على الحكومة، إجراء محادثات مع دول بعينها، بهدف "إنهاء الدعم المالي لمنظمات الإسلام السياسي من هذه الدول".
ويحمل مشروع القرار توقيع فريدريش ميرتس زعيم الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي، وزعيم المعارضة، فضلا عن الكتلة البرلمانية للاتحاد، ما يجعل هذا المشروع قويا وقادرا على فرض نفسه في التصويت العام.