انفراد.. مكافحة الإخوان تفرض نفسها على جلسة جديدة للبرلمان الألماني
للمرة الثانية في 2023، تفرض مكافحة الإخوان نفسها مرة أخرى على جلسات البرلمان الألماني.
لكن الضربة أقوى هذه المرة، وتمهد لكثير من الإجراءات لمكافحة نفوذ تيارات الإسلام السياسي في ألمانيا، خاصة في الأمور المتعلقة بالتعليم ونشر التطرف وما تمثله هذه التنظيمات من تهديدات للديمقراطية.
كما أن حركة البرلمان الألماني في أول 3 أشهر من 2023، في مسار مكافحة الإخوان والإسلام السياسي، تعد أسرع وأكثر كثافة من العام الماضي، إذ شهد الأخير في 12 شهرا جلستين فقط لمناقشة ملف الإخوان، فيما عادل العام الحالي هذا الرقم في 90 يوما.
وتفصيلا، تعقد لجنة الأسرة والمرأة والشباب بالبرلمان الألماني، الإثنين المقبل، جلسة استماع عامة حول مشروع قانون قدمته الحكومة الفيدرالية بعنوان "مشروع قانون لتعزيز التدابير الرامية إلى تعزيز الديمقراطية والتنوع ومنع التطرف".
هذه المناقشة المهمة تأتي بعد أيام من رسم وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيسر، الأهداف الرئيسية لمشروع القانون؛ الذي يعد أقوى مشروع قانون يقدم في مسار مكافحة الإسلام السياسي وغيره من أشكال التطرف، لأنه يأتي من الحكومة وتمريره في البرلمان مؤكد لامتلاك الحكومة الأغلبية.
"الإسلاموية" وخطرها على المجتمعات
وقالت فيسر في خطاب أمام البرلمان عن مشروع القانون قبل أيام، "ومع ذلك، فإن المتطرفين اليمينيين ليسوا الأعداء الوحيدين لمجتمعنا المفتوح، فالإسلاموية (مصطلح يستخدم لوصف الإسلام السياسي) وأشكال التطرف الأخرى تهدد ديمقراطيتنا".
وتابعت "هناك شيء واحد واضح: يجب مكافحة كل شكل من أشكال التطرف ومعاداة الديمقراطية بحزم.. أعتقد أن الديمقراطيين في هذا البرلمان لهم نفس الرأي".
ومضت قائلة "تمكنت سلطاتنا الأمنية من منع 21 هجوما إسلامويا منذ مطلع الألفية، كان آخرها في يناير (كانون الثاني الماضي)، وحسب المعلومات الحالية، فقد خطط شقيقان لهجوم بغاز سام في ألمانيا".
وأضافت "نحن متيقظون وسنظل يقظين للغاية".
وفي ١٦ مارس/آذار الجاري، أحال البرلمان مشروع قانون "تعزيز الديمقراطية ومنع التطرف" إلى لجنة الأسرة والشباب والمرأة لمناقشته ورفع نسخة نهائية بتوصية إلى البرلمان، لمناقشته في جلسة عامة والتصويت عليه.
ويهدف مشروع القانون إلى "حماية الديمقراطية في ألمانيا كشكل من أشكال المجتمع وأساس للتعايش، وتقويتها لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية".
ووفقًا لمشروع القانون، فإن تعزيز الديمقراطية واحترام القانون وسيادته ليست مهمة دولة فحسب، وإنما هي اهتمام مشترك للدولة ومجتمع مدني ديمقراطي حيوي.
ومن أجل تعزيز الديمقراطية، ومنع أي شكل من أشكال التطرف، تريد الحكومة الفيدرالية تنفيذ التدابير الفيدرالية على أساس تفويض قانوني صريح، لذلك قدمت هذا المشروع للبرلمان.
نص مشروع القانون نفسه، المتاح لـ"العين الإخبارية"، يقر بوضوح على "تزايد التطرف الإسلاموي" في ألمانيا في السنوات الماضية، كما حدد أحد أهدافه في مكافحة "الإسلاموية المتطرفة"، واضعا إياها بين أشكال التطرف التي تعادي النظام الديمقراطي الحر والمتنوع.
ومضى المشروع مؤكدا أن محاربة الآراء والنوايا السياسية المتطرفة وتعزيز القبول الاجتماعي للدولة الدستورية الديمقراطية تقع في صميم مهام الحكومة الفيدرالية".
ووفق مراقبين، فإن هذا المشروع يمهد إلى منح الحكومة الأساس القانوني، لاتخاذ إجراءات قوية لمكافحة الإسلام السياسي والتطرف اليميني وغيرها من أشكال التطرف في المجتمع الألماني، في الفترة المقبلة.
الإسلام السياسي.. أطر المواجهة
ويأتي طرح هذا المشروع بالتزامن مع استعدادات الحكومة الألمانية لتنظيم مؤتمر حول الإسلام السياسي بحضور أعضاء فريق خبراء في هذه التيارات، في الصيف المقبل.
وبالعودة إلى جلسة اجتماع لجنة الأسرة والشباب والمرأة حول مشروع قانون "تعزيز الديمقراطية ومنع التطرف"، تفرض مكافحة الإسلام السياسي نفسها بقوة أيضا على أوراق أعدها الخبراء الذين ستستمع إليهم اللجنة في جلستها الإثنين المقبل.
وفي ورقته التي سلمها للبرلمان والمتاحة أيضا لـ"العين الإخبارية"، كتب الخبير علي أورتان المشارك في جلسة الاستماع المقبلة كمتحدث رئيسي "الإسلام السياسي الذي يبدو ظاهريًا غير عنيف ولكنه مناهض للدستور في أهدافه، يمثل أيضًا تهديدًا لمجتمعنا المنفتح والليبرالي وللتماسك الاجتماعي، لأنه يدعو إلى التشكيك في القيم الدستورية الأساسية مثل المساواة وحماية الأقليات وأولوية قوانين الدولة على القواعد الدينية".
ومضى قائلا "لذلك يجب علينا أن نكافح بحزم الإسلام السياسي؛ فالإضافة إلى العمل المهم للسلطات الأمنية، فإن تعزيز برامج الوقاية من التطرف، وتقديم دورات تدريبية للمعلمين وغيرهم من المؤثرين وتعزيز الدراسات والمشروعات البحثية التي تتعامل مع أنشطة وتأثير الإسلام السياسي، أمور ضرورية".
ويشمل هذا على وجه الخصوص، إجراء دراسة علمية عن الصراعات في المدارس التي تسبب فيها الدين في سياق الإسلاموية، والبحث في أسباب ومسار عمليات التطرف وكذلك الروابط بين الإسلاموية ومعاداة السامية".
وعليه يرى الخبير أورتان، أن عروض التمويل التي ستقدمها الحكومة الفيدرالية في إطار مشروع القانون الحالي، "يجب أن تكون موجهة أيضًا نحو تنفيذ هذه المقترحات".
ومنتصف الشهر الجاري، وفي أول تحرك ضد الإخوان والإسلام السياسي بـ2023، ناقش البرلمان الألماني مشروعي قانون عن مكافحة تمويل تنظيمات الإسلام السياسي، وخاصة الإخوان.
وتمحورت المناقشات حول مشروعي قرار قدمهما الاتحاد المسيحي (يمين وسط)، والبديل لأجل ألمانيا (شعبوي) العام الماضي، وانفردت "العين الإخبارية" بنشرهما في حينه.