نائبة وترامب وروسيا.. 3 ألغاز محيرة في تحقيقات "انقلاب ألمانيا"
لا تزال تحقيقات الانقلاب المحبط في ألمانيا تفشي بأسرارها رغم مرور أسبوعين على أكبر مداهمات ضد خلية إرهابية في تاريخ البلاد الحديث.
فقبل أسبوعين، داهم 5000 من عناصر الشرطة والقوات الخاصة بالشرطة، 137 هدفا في 11 ولاية، في حملة استهدفت خلية مرتبطة بتنظيم "مواطني الرايخ" اليميني المتطرف، خططت لانقلاب دموي وتأسيس نظام ملكي في البلاد.
ومن بين أعضاء الخلية التي ضمت وفق التحقيقات أكثر من 50 عضوا نشطا، بالإضافة لأعضاء فرعيين ومؤيدين، برز اسم الأمير هنري الثالث عشر؛ الملك المنتظر بعد الانقلاب، والنائبة السابقة بالبرلمان الألماني، بيرغيت مالساك-وينكمان.
وبالنسبة للأمير هنري فقد قتل بحثا في الأيام الماضية، ونشرت "العين الإخبارية" بروفايل تفصيليا عنه في يوم المداهمات، لكن وينكمان التي عملت أيضا كقاضية في برلين، لا يعرف عنها أو عن دورها في الخلية الكثير، حتى اليوم.
وعلى حد وصف مجلة دير شبيغل الألمانية فإن وينكمان "تعبد" الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، فالأخير بالنسبة لها "رجل دولة حقيقي"، رغم أن هناك بعض الاتهامات السياسية له بتحريض أنصاره على اقتحام مبنى الكابتول الأمريكي يوم 6 يناير/كانون ثاني 2021.
لكن وينكمان قالت كلمات الإطراء في حق ترامب بعد 6 أشهر من محاولة اقتحام الكابيتول، عندما كانت لا تزال عضوة في البرلمان الألماني وتستعد لخوض سباق الانتخابات للحفاظ على مقعدها.
وخلال خطاب أمام أعضاء حزبها البديل لأجل ألمانيا "يمين متطرف" من أجل تأمين موقع متقدم بقائمة الحزب، اقتبست وينكمان عن "مثلها الأعلى العظيم ترامب"، قوله: "القادة الأذكياء يضعون دائمًا رفاهية شعبهم وبلدهم أولاً".
النائبة السابقة بالبرلمان الألماني، بيرغيت مالساك-وينكمان، علقت على كلمات ترامب بقولها إنها تريد أن تفعل ذلك في ألمانيا.
وفي الخطاب أيضا، تحدثت عن قيود كورونا، والتي مهدت لـ"تعليق تعسفي" للحقوق الأساسية، وبالطبع عن اللاجئين الذين نادرًا ما يتم ترحيلهم، ورددت عبارات نظرية المؤامرة الرائجة في اليمين المتطرف.
وقدرت قيادة حزب البديل لأجل ألمانيا، الخطاب الحماسي لنائبته، وانتهى بها الأمر في المركز الخامس في قائمة الحزب عن ولاية برلين، لكن أداء البديل لأجل ألمانيا المتراجع لم يمكنها من دخول البرلمان، ونجح أصحاب المراكز الثلاثة الأولى فقط في تأمين مقاعد.
وبعد هذا الفشل الانتخابي، عملت وينكمان خارج السياسة مرة أخرى، كقاضية في محكمة برلين الإقليمية، حتى حدوث المداهمات والقبض عليها في واحدة من كبرى العمليات الأمنية في العقود الأخيرة.
القاضية والنائبة السابقة التي تملك سلاحين ناريين مرخصين، متهمة بعضوية جماعة إرهابية من أوساط "مواطني الرايخ" خططت سرا لانقلاب دموي في البلاد.
وعن دور النائبة السابقة في خطط الانقلاب، يقول محققون إنها كانت مفتاح دخول البرلمان للسيطرة عليه، واعتقال النواب، إذ لا يزال لديها بطاقة هوية تتيح لها دخول المبنى.
كما أن هناك محادثة مسجلة بينها وبين قيادات الخلية، عبرت فيها عن "خيبة أملها" لتأخر تحرك "جيش المجموعة" رغم المعلومات الثمينة التي قدمتها؛ والتي لم يكشف عنها حتى اليوم.
ووينكمان قاضية في محكمة ببرلين وحاصلة على درجة الدكتوراه في القانون، إذ درست في جامعة هايدلبرغ العريقة في العاصمة الألمانية، وأدت تدريبها القانوني هناك، فضلا عن تدريب خاص من البروفيسور بول كيرشوف، الذي كان قاض في المحكمة الدستورية الفيدرالية
وانضمت القاضية إلى حزب البديل من أجل ألمانيا في أبريل/نيسان 2013، بعد شهرين من تأسيسه، واعتبرت نفسها جزءا من الجناح المعتدل في الحزب.
لكن القاضية لفتت نظر هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" قبل سنوات، عندما كتبت على "فيسبوك": "ألمانيا تستورد جرائم العنف: طالبو اللجوء يرتكبون جرائم عنيفة أكثر من 180 مرة مثل بقية السكان".
وصنعت السيدة الجدل مرة أخرى خلال خطاب ألقته في البوندستاغ عام 2018، زعمت فيه أن واحدا من كل أربعة لاجئين "يعج جسده ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية"، مطالبة بوضع كل مهاجر في الحجر الصحي عند وصوله وإخضاعه "لفحص طبي شامل".
ومع بداية أزمة كورونا، نشرت وينكمان أخبارًا كاذبة حول الفيروس واستخدمت وفاة فتاة تبلغ من العمر 13 عامًا في دعايتها السلبية، إذ ادعت أن الطفلة ربما مات لأنه كان يرتدي قناعا طبيا.
وقالت مصادر لـ"دير شبيغل" إن وينكمان كان لها تأثير "رائد" على خط حزب البديل لأجل ألمانيا حيال كورونا، ودفعته لمعارضة الإغلاق في مارس/آذار 2020، وكان الحزب الوحيد الذي اتخذ هذا الموقف.
كما يبدو أنها أقامت صداقات مع أنصار أيديولوجية "مواطني الرايخ" في وقت مبكر، ونشرت على حساباتها على الإنترنت نصا غامضا جاء فيه أن "الإمبراطور الألماني" قد عاد من المنفى، وتساءلت: هل هذا صحيح؟
النص الغامض، الذي لم يذكر فيه حتى اسم الإمبراطور، ينص من بين أمور أخرى، على أن المفاوضات جارية بالفعل لوضع "القوات الأجنبية المتمركزة على الأراضي الألمانية تحت قيادة الإمبراطور الألماني"، بالإضافة إلى إشارات عن "الرايخ الألماني" و"حكومة الرايخ".
الأكثر من ذلك أن فريق عمل القاضية إبان عضويتها بالبرلمان، ضم ألمانيًا من أصل روسي سافر إلى بيلاروسيا مع ممثلين عن الجناح المتطرف في حزب البديل لأجل ألمانيا، في عام 2019، لزيارة حزب يميني متطرف هناك.
وفي عام 2021، سافر نفس الشخص إلى دمشق في سوريا برفقة نواب من حزب البديل من أجل ألمانيا، وأصدرت المجموعة بيانا على عودة الهدوء في أجزاء كبيرة من سوريا، في محاولة لإجبار حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ترحيل نحو مليون سوري إلى بلدهم.
وحتى اليوم، يشارك هذا الموظف السابق في فريق وينكمان بجدية الدعاية الروسية على الشبكات الاجتماعية، ويصف الوزراء الألمان بأنهم "مضطربون" و"أكبر تهديد لبلدنا"، وفق دير شبيغل.
ولا يزال ملف وينكمان وعلاقاتها مع اليمين المتطرف وموظفيها السابقين، وما قدمته من معلومات إلى خلية الانقلاب، ألغاز بحاجة للحل في التحقيقات الجارية حاليا، وفق المصدر ذاته.
aXA6IDMuMjEuNDYuMjQg
جزيرة ام اند امز