سائق السياسيين في ألمانيا.. نصف قرن بلا حوادث
5 ملايين كيلومتر "بلا حوادث" رقم صعب وربما مستحيل لأي قائد سيارة، لكن السائق "الذهبي" هورست سبيرلنج، نجح في تحقيقه على مدار نصف قرن من العمل مع السياسيين ورواد الأعمال.
لقبٌ حاز عليه سبيرلنج بفضل تكريم الملصق الذهبي الذي منحته إياه هيئة مراقبة المرور الألمانية، بعد 50 عاما قاد فيها مسافة خمسة ملايين كيلومتر خلت من أية حوادث.
وسبيرلنج (80 عاما) المنحدر من مدينة مولهايم غربي ألمانيا، كوّن الكثير من الخبرة في حياته المهنية كسائق للسياسيين وقادة الأعمال على مدار عقود من الزمن.
"العين الإخبارية" طالعت المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "بيلد" الألمانية، قال فيها "في الواقع، أقود السيارات بلا مشاكل منذ 62 عاما تقريبا، لكن في الـ12 عاما الأولى، لم يكن هناك أي زحام أو سيارات عديدة في الطرق وكان الأمر سهلا".
لكن هل يملك غيره هذه القدرة والسجل الخالي من الحوادث في يومنا هذا؟، بالتأكد "لا"، كما يجيب سبيرلنج .
بداية الطريق
عام 1959 حصل الفتى الصغير آنذاك سبيرلنج على رخصة القيادة الأولى، ليشق طريقا نحو حياة معمرة في هذه المهنة التي ورثها عن والده الذي ساعده في العثور على أول وظيفة في حياته كسائق في أواخر الخمسينيات.
في بداية حياته المهنية، عمل سبيرلنج سائقا لرجل الأعمال الألماني الشهير هانز هيلموت كونكه، حيث كان أصغر سائق بالشركة في ذلك الوقت.
وعن هذه الفترة، يقول سبيرلنج "قضيت سنوات رائعة. كنت أقود سيارتي حاملا عائلة كونكه إلى منزل عطلاتهم في سويسرا".
مستطردا "كانت علاقتي جيدة مع كونكه، حتى إنني ذهبت مع ابنه كريستيان إلى ويمبلدون عندما كان الأخير يحترف التنس ويلعب البطولة الشهيرة هناك".
كما لا ينسى سبيرلنج عمله لاحقا كسائق لرئيس الشؤون المالية في مدينة دوسلدورف الألمانية، هريبرت شاريك الذي فقد ذراعه في الحرب العالمية الثانية.
و"رغم فقدانه لذراعه، فإن شاريك كان يقرأ الجريدة دائمًا ويدخن السيجار في نفس الوقت. بل إنه كان يستخدم إبطه لتقليب الصفحات".
غير أن ذلك لم يشفع لستراته التي كان يحرقها بالسجائر، يُكمل سبيرلنج: "كان عليّ أن أحضر له سترات جديدة".
ولسنوات طويلة، عمل السائق الذهبي لدى لورنز ماير، السكرتير العام للحزب الديمقراطي المسيحي، أكبر أحزاب ألمانيا.
وفي تسعينيات القرن الماضي، كان سبيرلنج السائق الدائم لنائب رئيس برلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا "غرب"، واستمر في الوظيفة حتى بلغ عمره 62 عاما.
السيارة المفضلة
وعن سيارته المفضلة طيلة سنوات المهنة، كانت Audi A8 quattro، ونادرا ما كان يستمع للراديو أثناء القيادة، فهو يعتبر صوت المحركات "بمثابة الموسيقى لأذنه".
وظل سبيرلنج يعمل في مهنته حتى مارس 2016، عندما تعرض لأزمة قلبية، قرر على إثرها تعليق سترة السائق، بعد عقود يقول إنه عومل خلالها كـ"أمير".
وبعد عقود من مرافقة السياسيين وأصحاب المال، يقطع سبيرلنج الآن ما تبقى من الكيلو مترات بسيارته المرسيدس وإلى جانبه شريكة عمره.
وبينما يستمتع بالقيادة مع زوجته يقدم السائق الذهبي روشتة خالية من الحوادث لزملاء المهنة، فيها "كن بعيد النظر ودفاعيًا. ولا تدع نفسك تشعر بالتوتر بسبب ضغط الوقت وابحث عن طرق بديلة إذا لزم الأمر".