قبل انتزاع الحكم.. هاجس سيناريو 2017 يؤرق "الخضر" في ألمانيا
قبل 4 سنوات، أحدث تسمية مارتن شولتز مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمستشارية، ضجة كبيرة ودفع الحزب كثيرا في استطلاعات الرأي.
ورغم وصول الحزب بقيادة شولتز إلى حاجز الـ30% من معدلات التأييد في ذلك الوقت، وتسرب المخاوف للاتحاد المسيحي بقيادة أنجيلا ميركل، إلا أن الزخم وصل نهايته مع حلول صيف 2017، وبدأ الاشتراكيون رحلة تراجع سريعة انتهت بأفول نجم مرشحهم وهزيمة كبيرة في الانتخابات في خريف نفس العام.
والآن، يتكرر الأمر مع أنالينا بربوك وحزب الخضر "يسار"، مع اختلاف رئيسي يتمثل في أن الخضر تجاوز بالفعل الاتحاد المسيحي في استطلاعات الرأي بفارق 5 نقاط كاملة، وبات القوة الأولى في ألمانيا.
وفي برلين، تتردد حاليا أسئلة حول أوجه التشابه بين تجربة شولتز، وتجربة بربوك، وهل زخم الأخيرة "مجرد صعود مؤقت" أم دقت ساعة الخضر.
صعود الخضر
في نهاية العام الماضي، كانت الفجوة بين الاتحاد المسيحي والخضر في استطلاعات مجلة "دير شبيجل" بالتعاون مع معهد كيفي "خاص" تصل إلى 20% لصالح الأول.
ومع مرور الوقت، اقترب الطرفان من بعضهما في الاستطلاعات. وقبل 10 أيام، كان الخضر يقفون عند 24% من معدلات التأييد مقابل 30% للاتحاد المسيحي.
لكن شيئا ما حدث يشبه إلقاء حجر في بركة مياه، إذ أعلن الخضر بربوك أول مرشح للمستشارية في تاريخه، في وقت كانت الفوضى تسيطر على الاتحاد المسيحي إثر صراع على بطاقة الترشح بين ماركوس زودر، وأرمين لاشيت.
وبعد أسبوع واحد من تسمية بربوك "40 عاما" مرشحة للمستشارية، انقلبت الأمور رأسا على عقب، وبات الخضر القوة الأولى في ألمانيا بـ29% مقابل 24% للاتحاد المسيحي، أي أن الحزب اليساري تقدم 5 نقاط في أسبوع، في رحلة صعود تشبه تلك التي أحدثها مارتن شولتز قبل 4 سنوات.
هل يعيد التاريخ نفسه؟
والإثنين الماضي، وقفت بربوك أمام الكاميرات في برلين، لكنها لم تتحدث عن هذا الصعود السريع أو أول أسبوع كمرشحة للمستشارية، وتحدثت عن الصين والولايات المتحدة وأوكرانيا ومكافحة كورونا؛ فيما يعكس رغبتها في التركيز على السياسة والحملة الانتخابية.
ويعكس هذا التوجه رغبة بربوك وحزبها في تجنب الضجيج المصاحب لاستطلاعات الرأي، والتركيز على المحتوى والبرنامج، لتجنب الوقوع في نفس خطأ شولتز قبل 4 سنوات، ومنع التاريخ من تكرار نفسه.
ووفق دير شبيجل، فإن قيادة حزب الخضر تتصرف بنضج ووعي، وتعي بوضوح أن الطريق إلى الانتخابات مازال طويلا ويمكن أن يتأرجح الحزب في استطلاعات الرأي صعودا وهبوطا، خاصة وأن نتائج الاستطلاعات الجيدة للخضر حاليا ترتبط بشكل أكبر بضعف الاتحاد المسيحي، وقراره ترشيح الشخصية الأقل شعبية، لاشيت، للمستشارية.
وخلال الأيام الماضية، كان المناخ العام المناهض للاشيت داخل الاتحاد المسيحي، محور أحاديث الأوساط السياسية في برلين، وكانت هناك رغبة عارمة بين قواعد الاتحاد في اختيار زودر على حسابه، لكن الأمور لم تسر كما أرادت.
ويدفع الاتحاد ثمن تفضيل لاشيت على زودر في استطلاعات الرأي، إذ تراجع إلى 24% من معدلات التأييد، في واحدة من أسوأ نتائج الاتحاد في استطلاعات الرأي في تاريخه.
وفي هذا الإطار، قالت دير شبيجل "إذ كان زودر هو المرشح للمستشارية، ما ظهر الخضر وبربوك بهذه القوة، فالأمر لا يتعلق بتأثير بربوك بل بضعف لاشيت".
وفيما ينتظر أن يركز الخضر في الفترة المقبلة على ضعف الاتحاد ولاشيت والمشاكل السياسية الكبيرة للمحافظين وفضائح فساد الكمامات التي طالت نوابه، يراهن التحالف المسيحي على الوقت وتحول المزاج العام بعد انتهاء الوباء بنجاح عملية التطعيم، ونسيان الناس فضائح الفساد.
وبصفة عامة، تملك بربوك مزايا تجعل تجربتها أقرب للنجاح من تكرار فشل شولتز، فهي لا تواجه اتحاد مسيحي تقوده شخصية تاريخية مثل أنجيلا ميركل، بل أنها تواجه التحالف في أضعف أوقاته وفي غياب أهم شخصية فيه.
كما أن الخضر يعمل حاليا على تفادي خطأ شولتز الأكبر المتمثل في اعتماده على استطلاعات الرأي وعرضه البرنامج الانتخابي متأخرا، إذ يعكف الحزب اليساري على إعلان برنامجه بشكل كامل في يونيو حزيران المقبل.
كما أن بربوك تملك ميزة إضافية فهي من داخل الأوساط السياسية في برلين، وتقود حزبها منذ 2018، في حين كان شولتز دخيلا على السياسة الداخلية في ألمانيا بعد أن قضى مسيرة في البرلمان الأوروبي.
ولذلك، فإن بربوك تملك فرصة حقيقة إلى الحفاظ على تقدم حزبها حتى الانتخابات المقررة سبتمبر/ أيلول، والوصول لحكم ألمانيا، ومنع التاريخ من تكرار تجربة شولتز، وفق دير شبيجل.
aXA6IDMuMTM5Ljg3LjExMyA= جزيرة ام اند امز