مباحثات الـ19 ساعة.. عملية إنقاذ "غير مكتملة" لحكومة ألمانيا
مباحثات امتدت ليومين دون انقطاع، هذا ما حدث في مقر المستشارية الألمانية، الأحد والإثنين، بهدف إنقاذ الائتلاف الحاكم.
فبعد خلافات متتالية، التقى قادة أحزاب الائتلاف الحاكم في ألمانيا؛ الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر، في المستشارية
فعلى مدار أكثر من 19 ساعة، اجتمع في المستشارية، قادة أحزاب الائتلاف الحاكم في ألمانيا: الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر، في محادثات، شملت قائمة من مواضع الخلافات؛ منها مسائل استراتيجية الأمن القومي، وشق الطرق، توربينات الرياح وغيرها.
ورغم ذلك، إلا أن الجلسة انتهت في الثانية من ظهر يوم الإثنين بالتوقيت المحلي، دون نتيجة نهائية واضحة، بسبب التزام المستشار أولاف شولتز وأعضاء في الحكومة بجدول متخم بالأعمال، منها الزيارة المجدولة إلى هولندا.
تلك المحادثات أثارت انتقادات كبيرة حتى داخل أحزاب الائتلاف؛ إذ كتب مايكل روث السياسي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، على "تويتر"، قائلا: "كنت آمل حقًا أن تكون ديمقراطيتنا حديثة قادرة على الاستغناء عن مثل هذا الإرهاق العقلي والبدني".
ضبابية
ورغم الـ19 ساعة التي امتدت من الأمس حتى اليوم، لم تنته المفاوضات، بل جرى تعليقها فقط بسبب تحرك المستشار إلى هولندا، على أن يعود الاجتماع إلى الانعقاد غدا.
ونقلت صحيفة بيلد الألمانية عن مصادر رفيعة قولها، إن "محادثات أمس واليوم كانت بناءة"، لكن لم تصل لنتائج نهائية بعد.
فيما قال أوتو فريك السياسي بالحزب الديمقراطي الحر، لـ"دويتشلاند فونك" الألماني، صباح الإثنين، إن "المفاوضات الطويلة علامة على أن الجهود تبذل لإيجاد حلول وسط".
لكن هناك مواقف تحيط المفاوضات الحكومية بكثير من الضبابية؛ إذ غرد وزير المالية وزعيم الحزب الديمقراطي الحر، كريستيان ليندنر، في الـ12:30 ظهر اليوم، أي أثناء الاجتماع، قائلا: "ثروة من الأفكار، قلة النوم، لجنة ائتلافية."، دون ذكر أي تفاصيل.
فيما ألغى حزب الخضر مؤتمرا صحفيا لزعيمة الحزب ريكاردا لانج، والذي كان من المقرر عقده في الثانية بعد الظهر، الإثنين، "بسبب الوضع السياسي الحالي".
التدفئة
أحدث أزمة بين الأحزاب الثلاثة، كان بطلها نائب المستشار ووزير الطاقة والمناخ، روبرت هابيك "الخضر"، الذي ألقى حجرا ثقيلا في مياه الحكومة الراكدة، وأعلن عن مقترح لحظر استخدام الغاز والنفط في التدفئة، في مسعى لفرض أجندة حزب الخضر في مكافحة المناخ على الحكومة.
وفي اجتماع لحزب الخضر، تذمر هابيك من موقف الأحزاب الأخرى من مقترحه، قائلا: "من غير المقبول أن يكون شريك واحد فقط في الائتلاف مسؤولاً عن التقدم، فيما الآخرون عن منع التقدم".
واشتكى هابيك من "النسيان السياسي" و"الارتكان إلى الأساليب القديمة" في الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر.
وفي حالة غضب، كشف هابيك عن خطته لحظر استخدام الغاز والنفط في التدفئة في مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية، وشكك في إذا ما كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي "حزب المستشار" والحزب الديمقراطي الحر "لا يزالان يرغبان في التوصل إلى اتفاق" حول هذا المقترح بحلول نهاية الأسبوع الجاري.
لكن خطة هابيك وطريقته في عرضها تثير كثيرا من الانتقادات؛ إذ قال السياسي بالحزب الاشتراكي الديمقراطي إيريك وايز، إن هابيك يتحرك تحت ضغوط داخلية في حزبه، لأن نائب المستشار يتنافس مع وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، على قيادة حزب الخضر في الانتخابات المقبلة.
وتابع مخاطبا هابيك: "من يطالب بالتقدم، عليه أن يقدمه بنفسه".
ووفق صحيفة بيلد، فإن مشكلة هابيك الرئيسية تتمثل في أن خطته للتدفئة لا تحظى بشعبية لدى الناخبين؛ إذ يحصد حزب الخضر حاليًا 15% من معدلات التأييد، وهو المركز الرابع خلف البديل من أجل ألمانيا "يمين متطرف".
مسألة الأمن
لكن خلاف هابيك وباقي أحزاب الائتلاف الحاكم ليس أول مشكلة تضرب الائتلاف بهذا الشكل، إذ كانت زميلته في نفس الحزب، بيربوك، بطلة خلاف مدو مع المستشار شولتز الشهر الماضي، حول استراتيجية الأمن القومي.
وتسببت خلافات بين وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك وشولتز حول بنود معينة في إعاقة إعلان استراتيجية الأمن القومي في ألمانيا، رغم عقد اجتماعات عاصفة لمحاولة التوفيق بين الطرفين.
هذا الفشل في التوصل لتوافق بين الطرفين، ضرب خطط بيربوك لإعلان استراتيجية الأمن القومي الجديدة، في كلمتها أمام مؤتمر ميونخ الشهير للأمن، الذي عقد في الأسبوع الثالث من فبراير/شباط الماضي.
وفيما يتعلق بطبيعة الخلاف بين شولتز وبيربوك حول استراتيجية الأمن القومي، فإن الأمر يتركز في نقطة رئيسية متعلقة باستحداث "مجلس الأمن القومي" على غرار التجربة الأمريكية، وطريقة عمله.
ويتمسك شولتز بأن يكون مجلس الأمن القومي الجديد تابعا للمستشارية، لكن بيربوك لا تريد التنازل عن المزيد من صلاحيات وزارتها للمستشارية، وتتمسك بأن يكون المجلس المستحدث تابعا لها مباشرة.
جذور الخلاف
وفكرة إنشاء مجلس أمن قومي في ألمانيا ليست جديدة، بل إنها طرحت من قبل كثيرا، وكان دائما هناك خلاف بين المستشارية ووزارة الخارجية حول تبعية المجلس، لذلك تعطل إنجازه، وفق مجلة دير شبيغل الألمانية.
وطوال السنوات الماضية، لم تكن وزارة الخارجية تؤيد إنشاء هذا المجلس حتى لا تخسر المزيد من السلطات التنفيذية لصالح المستشارية، إذ كانت دائما قلقة من الاستمرار في فقدان نفوذها، خاصة أن المستشارية تولت بالفعل منذ فترة قضايا مهمة مثل السياسة الأوروبية أو إدارة أزمة أوكرانيا منذ اندلاعها في 2014.
لكن بيربوك وضعت فكرة إنشاء المجلس في قلب حملتها للانتخابات التشريعية في الصيف الماضي، وبعد توليها وزارة الخارجية، دفعت باتجاه تنفيذ الفكرة والدخول في تفاوض مع المستشارية لوضعه تحت إشراف وزارة الخارجية، لكنها لم تنجح في ذلك.
ووفق مراقبين، فإن عدم توصل أطراف الائتلاف الحاكم إلى خطوط توافقية واضحة في الملفات الخلافية، يمكن أن يعجل بانهيار الائتلاف الحاكم قبل الانتخابات التشريعية المقررة خريف 2025.
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز