4 أسباب.. ألمانيا لن تفتح ذراعيها لإخوان تركيا
على مدار الأيام الماضية تحدثت بعض التقارير الصحفية عن إمكانية اتخاذ الإخوان الهاربين في تركيا، الأراضي الألمانية ملاذا آمنا.
حديث يرتبط بالتحول الكبير في الموقف التركي، وتقديم أنقرة بعض التنازلات في إطار سعيها للتقارب مع القاهرة، أولها التضييق على الفضائيات الإخوانية، وإمكانية ترحيل قيادات الجماعة خارج تركيا في المستقبل القريب.
لكن وضع ألمانيا في موقع الملاذ الآمن الجديد ومنصة الأعمال العدائية ضد مصر، غير ممكن لعدة أسباب.
أول هذه الأسباب أن جمعيات وعناصر الإخوان في ألمانيا تخضع في الوقت الحالي لرقابة مشددة أكثر من أي وقت مضى، من هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية".
ورغم امتلاك الإخوان عشرات المساجد والجمعيات الثقافية والإغاثية، فضلا عن 1300 عنصر في ألمانيا، إلا أنها تعيش وضعا رقابيا خانقا يقيد حرية حركتها، ويضع أنشطتها تحت منظار كبير.
أما السبب الثاني، وهو مرتبط بالأول، فيتمثل في تزايد الوعي في ألمانيا بخطورة التحويلات المالية المشبوهة ومراقبتها؛ بل رصدها في حال إتمامها ومعاقبة المسؤولين عنها.
هذا السبب كفيل بتعريض كل شبكات تمويل الإخوان وقياداتها وقنواتها الفضائية للخطر بشكل دائم في حال الانتقال إلى الأراضي الألمانية.
وظهر هذا الخطر جليا في رصد السلطات استغلال بعض الجمعيات، وبينها جمعيات محسوبة على الإخوان، أموال مساعدات "كورونا" في تمويل الإرهاب.
وقبل أسبوع، نقلت صحيفة دي فيلت عن دوائر إنفاذ القانون في برلين قولها: "في حالات فردية، هناك اشتباه في استخدام هذه الأموال في تمويل إرهابي مباشر، وبعضها ذهب للشرق الأوسط"، مضيفة أنها "فتحت تحقيقات واسعة وداهمت مقرات جمعيات متورطة في هذا الملف".
كما أن السلطات الألمانية استطاعت مؤخرا فك طلاسم استغلال الإخوان للمنظمات الإغاثية في تمويل أنشطتها ووجهت ضربة قوية لمنظمة الإغاثة الإسلامية عبر تجفيف منابع التمويل الحكومي لها.
ووفق وثيقة برلمانية مؤرخة بـ٦ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٠، واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، فإن ستيفان تومي، عضو الهيئة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط/معارض" قدم طلبا إلى الحكومة الألمانية لوضع منظمة الإغاثة الإسلامية تحت رقابة هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، بسبب ارتباط المنظمة بروابط شخصية ومؤسسية بالإخوان الإرهابية.
وذكرت وثيقة للبرلمان الألمانية مؤرخة بـ15 أبريل/نيسان 2019: "ترتبط منظمة الإغاثة الإسلامية بالمنظمة الأساسية للإخوان في ألمانيا، وهي منظمة المجتمع الإسلامي، وتعد منظمة الإغاثة الممول الأساسي لأنشطة هذه المنظمة".
فيما يتمثل السبب الثالث في الوضع الصعب الذي تعيشه أذرع الإخوان بالفعل في ألمانيا في ظل ضغوط سياسية وإعلامية غير مسبوقة، ومطالبات بالحظر، بل قدمت كتل سياسية مشروعات قوانين تستهدف الجماعة تحت قبة البرلمان، ما لا يجعل البلاد ملاذا آمنا لعناصر هاربة وعدائية.
الأكثر من ذلك أن أحزاب الخضر واليسار التي كان ينظر إليها تاريخيا على أنها متعاطفة مع الإسلاميين، تتصدر في الوقت الحالي دعوات مواجهة الجماعة الإرهابية سياسيا وإعلاميا.
ومؤخرا، طالب زعيم الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني ديتمار باريتش أحزاب اليسار بإنهاء صمتها عن "إرهاب الجماعات"، رافضا أي تسامح مع تنظيمات الإخوان وحماس وحزب الله، وأنشطتها الإرهابية.
فيما طالب زعيم حزب الخضر روبرت هابيك، فجأة، باتخاذ إجراءات قوية ضد الإسلاميين.
وداخل البرلمان الألماني تتزايد التحركات ضد الإخوان الإرهابية بشكل غير مسبوق، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قدمت كتلة الحزب الديمقراطي الحر (يمين وسط/معارض) طلب إحاطة، طالبت فيه الحكومة بتقديم إفادات واضحة حول نفوذ الإخوان ومؤسساتها وعدد عناصرها في ألمانيا، واستراتيجيات الأمن لمواجهة خطرها.
وذكرت وثيقة برلمانية مؤرخة بـ٨ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٠، أن السلطات الأمنية تحذر بشكل مستمر من الخطر الذي تشكله المنظمات المتطرفة، وخاصة الإخوان.
وفي وثيقة أخرى مؤرخة بـ ١ أكتوبر/تشرين أول ٢٠٢٠، اطلعت عليها "العين الإخبارية"، ذكرت الكتلة البرلمانية لحزب البديل لأجل ألمانيا (شعبوي/معارض) أن "الإخوان تتوسع وتؤثر بشكل واضح على بعض مؤسسات الدولة في ألمانيا".
وطالبت بـ"فرض رقابة قوية على الإخوان واتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة التهديد الذي تمثله".
وفي فبراير/شباط 2019، أحال البرلمان الألماني مشروع قرار يطالب الحكومة باتخاذ إجراءات قوية ضد الإخوان الإرهابية في ألمانيا، للجنة الأمن الداخلي لدراسته.
وبعيدا عن أزمات الإخوان، يتمثل السبب الرابع في الجماعة نفسها؛ فجمعيات وعناصر الإخوان في ألمانيا تتنصل بشكل كامل من الانتماء لهذا التنظيم، وتقول علنا إنها ليست جزءا منه، لتقليل الضغوط، وتفادي التعرض لضربات حكومية قوية.
لذلك، فإنه من المتوقع أن ترفض هذه الجمعيات استقبال عناصر الإخوان الهاربين من تركيا، لأنه يعرضها لمزيد من الضغط السياسي والإعلامي، ويربطها بشكل واضح بالجماعة، ومن ثم يجعلها هدفا لتحركات قانونية وضربات حكومية.
وفق مراقبين، فإن ألمانيا لن تكون ملاذا آمنا للإخوان الهاربين من تركيا، وأقصى ما يمكن حدوثه هو تمكن عنصر أو اثنين من حائزي التأشيرات الأوروبية من دخول الأراضي الألمانية، وتقديم طلبات لجوء.
aXA6IDE4LjExOC4zNy44NSA= جزيرة ام اند امز