هل يحمل الغاز القطري الدفء لشتاء ألمانيا؟.. "تحليل"
كان إعلان وزارة الطاقة القطرية، عن صفقة غاز وصفت بـ"الكبرى" مع ألمانيا، "مفاجئا" بحسب وصف تقارير ألمانية.
لكن مع تلاشي غبار المفاجأة، بدأ التحليل المتعمق للصفقة وتأثيرها المحتمل على السوق الألماني، وما تعنيه بالنسبة لسوق الغاز العالمي.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت وزارة الطاقة القطرية عن صفقة غاز مع ألمانيا، تزود بموجبها الدوحة برلين، بالغاز المسال اعتبارًا من عام 2026.
وبحسب وزارة الطاقة القطرية، فقد تم إبرام العقد لمدة 15 عامًا، يتم بموجبه تسليم برلين ما يصل إلى مليوني طن متري سنويًا من الغاز.
وبحسب وزير الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي، ستبيع قطر الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا عبر وسيط، هو مجموعة الطاقة الأمريكية كونوكو فيليبس.
ووفق تقارير ألمانية، ستقوم الشركة الأمريكية بتسليم الغاز الطبيعي المسال القطري إلى المحطة العائمة الألمانية في برونسبوتيل شمالي ألمانيا، والتي يجري تطويرها حاليًا.
التقارير ذاتها ذكرت أن تأجيل بدء تنفيذ التعاقد إلى 2026، يعود جزئيا إلى الحاجة للوقت لتجهيز محطة برونسبوتيل.
ورغم توضيح بنود الصفقة، لا تزال أهم الأسئلة بلا إجابة وخاصة: ما مدى أهمية صفقة الغاز مع قطر لإمدادات الطاقة الألمانية؟ وكيف ستؤثر الاتفاقية على أسعار الغاز؟
يرى لودفيغ موارينغ، المدير العام لجمعية الغاز الطبيعي الألمانية، الصفقة أنها "إشارة جيدة لأحجام إضافية من الغاز الطبيعي المسال في الطريق لألمانيا".
لكنه قال إن "الصفقة لن توفر سوى ثلاثة بالمائة من الاحتياجات السنوية الألمانية."
ووفقًا للخبير الاقتصادي، يان شنلينباخ، فإن ألمانيا لا تزال بحاجة إلى سلسلة كاملة من عقود التوريد الجديدة الأخرى، بخلاف الغاز القطري، لسد الاحتياجات من الغاز.
واستنتج شنلنباخ في تصريحات صحفية، أن "الغاز السائل من قطر سيساعد ألمانيا، لكنه لن يؤمن احتياجاتها، لأن الكمية صغيرة جدا".
أما لودفيغ موارينغ فيرى أيضًا أن صفقة قطر هي" البداية" وتعطي "الأمل في المزيد" من العقود من موردين مختلفين، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة بيلد الألمانية.
ويوافق تيم كيلر، عضو مجلس إدارة جمعية الطاقة “غاز المستقبل"، على أن الاتفاق مع قطر "خطوة أولى مهمة" لكنه لا يعوض الواردات المنهارة من روسيا.
وتابع "مع حوالي 30 تيراواط ساعة، يمثل حجم الصفقة المتفق عليه مع قطر حوالي ثلاثة بالمائة من الاحتياجات السنوية لألمانيا".
وتابع "ومع ذلك، يتعين علينا استبدال ما يقرب من 500 تيراواط ساعة كنا نوفرها من خلال إمدادات الغاز الروسي بشكل سنوي".
ومضى قائلا "وهذا يعني أنه لا يزال لدينا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به لتأمين الإمدادات على المدى الطويل".
وفي الآونة الأخيرة، بدأت أسعار الغاز في التراجع في ألمانيا متأثرة بامتلاء مخزونات البلاد من الغاز لفصل الشتاء الحالي، لكن مراقبين يقولون إن هذا التراجع لن يستمر طويلا.
وحذرت السلطات الألمانية بالفعل في الوقت الراهن، من أن "أسعار الغاز تتقلب بشكل كبير وعاودت الارتفاع مؤخرًا".
وفي مثل هذه الظروف يفرض سؤال نفسه: هل تساهم صفقة الغاز مع قطر في خفض الأسعار بألمانيا؟
خبير الطاقة مورينغ لا يرى تأثيرا للصفقة على الأسعار الحالية لأن قطر ستسلم ألمانيا، الغاز بعد ٣ سنوات.
وتابع مورينج لصحيفة بيلد الألمانية: "لكن حقيقة أن عمليات التسليم لن تبدأ حتى عام 2026 يمكن أن تكون أيضًا دليلًا على أن وضع إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمي لا يزال صعبًا إلى حد ما".
ومضى قائلا "هذا يعني أنه، بعد هذه الصفقة، لا يُتوقع حدوث تهدئة فورية لمستوى الأسعار في الأسواق."
ويوضح: "لكي تنخفض الأسعار حقًا بالقرب من مستوى السعر الذي اعتادت عليه في الماضي، هناك حاجة إلى استثمارات عالمية كبيرة تحل محل صادرات الروس الكبيرة لأوروبا".
أما الخبير الاقتصادي شنيلنباخ فلاحظ أن "الموردين ليسوا مستعدين للتسليم في غضون مهلة قصيرة بسبب وضعية السوق العالمي".
وتابع "المؤدين لديهم اليد العليا ويستخدمون هذا لفرض العقود طويلة الأجل.. يمكنك الآن رؤية ذلك في صفقة الغاز الطبيعي المسال مع قطر".
وبجانب تحليل العائد والتأثير، كان لافتا، بالنسبة لصحف ألمانية، عدم حضور أي مسؤول حكومي ألماني، الإعلان على الصفقة.
لكن وزير الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي رأى في تصريحات لصحيفة بيلد الألمانية أن هذا الغياب ليس لافتا، لأنه، في التحليل الأخير، الشركات هي من تشتري الغاز وليس الحكومات.
وأشار الوزير القطري أيضا إلى أن ألمانيا هي من اختارت شراء هذه الكمية غير الكبيرة من الغاز، وليس قطر، دون ذكر تفاصيل أخرى.