ما وراء الفحم.. رسالة من ألمانيا إلى الصين
تعتزم الصين تعزيز اعتمادها على الفحم، باعتباره جزءًا حيويًا من استراتيجيتها للطاقة، حتى على حساب أهدافها المناخية الطموحة.
من أجل مستقبل الطاقة.. ألمانيا تحث الصين على النظر إلى ما وراء الفحم
مخاوف تتعلق بأمن الطاقة
رغم أن ألمانيا لديها مخاوف تتعلق بأمن الطاقة، لكنها استجابت لتلك المخاوف ببناء المزيد من محطات الطاقة المتجددة، وجعل النظام أكثر كفاءة، وامتلاك شبكة مرنة يمكنها تحقيق التوازن بين العرض والطلب على الطاقة. هذا، وعبرت "جينيفر مورغان"، وزيرة الدولة الألمانية والمبعوثة الخاصة للعمل المناخي الدولي، لصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، عن "قلقها بشأن تطوير مصانع الفحم في الصين". خاصة بعد أن شرعت في التوسع الهائل في اعتمادها على طاقة الفحم بعد انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد في عامي 2021 و2022، والذي نتج في الغالب عن العوامل الاقتصادية والمتعلقة بالمناخ.
التناقض الصيني
وسط سعي الصين لتحقيق التنمية الخضراء، وتقليل استخدامها للوقود الأحفوري لتلبية أهدافها المحلية المحايدة للكربون، وتعهد الرئيس الصيني "شي جين بينغ" في سبتمبر 2020 بالوصول إلى ذروة انبعاثات كربونية قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060؛ ودعت قرية "تشوانغشانغ"، في محافظة رويتشنغ بمقاطعة شانشي الغنية بالفحم بشمال الصين، حرق الفحم التقليدي ووصلت إلى حياد الكربون بفضل استخدام الطاقة الكهروضوئية. وحصلت القرية مؤخرًا على لقب القرية التجريبية للطاقة الخالية من الكربون في الصين، والتي تم الاعتراف بها بشكل مشترك من قبل وزارة الزراعة والشؤون الريفية الصينية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومرفق البيئة العالمية (GEF).
ومن ناحية أخرى، تُجدر الإشارة إلى أن حكومات المقاطعات الصينية، قد وافقت في عام 2022، على بناء 106 غيغاواط من مشروعات الفحم الجديدة، وهو ما يعادل محطتين كبيرتين لتوليد الطاقة كل أسبوع- وهو أكبر عدد منذ عام 2015، وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف ومراقبة الطاقة العالمية، كما بدأ عمل مشروعات الفحم في عام 2022 بقدرة 50 جيجاوات، بزيادة أكثر من النصف عن عام 2021، وذلك بما يُعادل نحو ستة أضعاف الاستخدام العالمي للفحم.
الحد من انبعاثات الوقود الأحفوري
يُعّدُ الحد من انبعاثات الوقود الأحفوري، أمرًا أساسيًا لتحقيق مبادئ اتفاق باريس لعام 2015، والذي نص على التزام 195 دولة بالحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى ما دون درجتين مئويتين (36 فهرنهايت) ومواصلة الجهود للحد من زيادة درجة الحرارة إلى 1.5 درجة. وحتى إذا خفض العالم الانبعاثات بدرجة كبيرة خلال العقد المقبل، فقد يرتفع متوسط درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2040 وربما 1.6 درجة بحلول 2060؛ حيث أن الموجات الحارة تزيد بوتيرة أكبر من أي ظروف مناخية قاسية أخرى، نتيجة تغير المناخ، وأن الموجات شديدة الحرارة التي كانت تحدث مرتين في القرن فحسب قد تحدث تقريبًا مرة كل ست سنوات مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية وهو معدل من المرجح أننا قد نتخطاه خلال عقدين.
وفي هذا الصدد، أعلنت وكالة الطاقة الدولية (IEA)في نوفمبر 2022، أن الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية يتطلب أيضًا عدم بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم. هذا، وتوقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة، أن الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية سيتطلب بلوغ انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ذروتها قبل عام 2025 مع خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030.
الشراكة الألمانية الصينية من أجل طاقة متجددة
تهدف الشراكة إلى تعزيز التحولات العميقة والبعيدة المدى في مجال الطاقة المتجددة في كلا البلدين، من خلال تبادل وجهات النظر وأفضل الممارسات والمعرفة حول تطوير نظام للطاقة؛ يُركز في المقام الأول على تحسين كفاءة الطاقة المستدامة وتوسيع الاستخدام من الطاقة المتجددة، وتنظيم سوق الكهرباء وإصلاحه. وبالنسبة للصين، تُشرف اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح (NDRC) والإدارة الوطنية للطاقة (NEA) على الشراكة، بينما تتولى الوزارة الفيدرالية للشؤون الاقتصادية والعمل المناخي (BMWK) القيادة نيابة عن ألمانيا.
وقد تم إنشاء مجموعتي عمل، بموجب اتفاقيات ثنائية لتسهيل التعاون وكذلك تكثيف تبادل المعلومات والخبرات وأفضل الممارسات. على الجانب الصيني، ترأس NEA مجموعة العمل حول 'الطاقة'، بينما يرأس NDRC مجموعة العمل حول 'كفاءة الطاقة'. في ضوء ذلك، زارت "مورغان" الصين الشهر الماضي؛ حيث أجرت مناقشات متعمقة مع خبراء الصناعة الصينيين وخبراء المناخ، وأشارت إلى أن هناك تاريخ طويل من التعاون الألماني الصيني في مجال الطاقة والمناخ، كما أشارت إلى حوار المسار الثاني بين الصين وألمانيا حول تغير المناخ والتنمية المستدامة، وهو مساحة كبيرة للخبراء من الجانبين؛ للالتقاء وحل المشكلات الصعبة أو الصعبة في المفاوضات.
aXA6IDMuMTYuODIuMjA4IA== جزيرة ام اند امز