الغنيمة.. صهر الغنوشي في معادلة صراع إخوان تونس
"لن أسمح لمجموعة من المتمردين بخلافتي" كلمات لراشد الغنوشي وقع تسريبها للعديد من الإعلاميين التونسيين خلال اجتماعه الأخير داخل الحزب.
تسريبات الغنوشي الذي شارف عقده الثامن، تعكس رؤيته لخصمه كما أنصاره باعتبارهم غبارا لا قيمة له، فيما يكرس فكرة عدم جدوى معارضته في ظل سيطرته على الخزينة المالية للحركة ومسالك التمويلات الخارجية.
وتقول مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" إن أصل الإشكال داخل إخوان تونس لا يتعلق بالديمقراطية الداخلية ولا بالفصل 31 (الفصل الذي يمنع الغنوشي من مواصلة ترؤس الحركة بعد 2020)، ولا بخلافات حول مسائل فكرية عميقة.
واعتبرت هذه المصادر بأن أجنحة الإخوان تتنازع حول التدفقات المالية السخية لقطر وتركيا على الغنوشي خلال السنوات الأخيرة، مما أثار حفيظة أبناء الحزب التي طالبته بضرورة التنحي تحت مظلة وهمية اسمها الديمقراطية والتداول على رئاسة الحزب.
صهر الغنوشي.. جسر التمويلات المشبوهة
هو رفيق عبد السلام، من دارس للفلسفة بأحد الجامعات التونسية إلى ملياردير يترأس مركزا تحت عنوان "مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية "
رافق عائليا الغنوشي منذ بداية الألفية، ويمثل ذراعه القوية في محاربة "الحرس الإخواني القديم"، يتجمل بإشارات مدنية ولكن المقربين منه يعتبرونه من أخطر عناوين الإخوان في تونس حاليا.
تزوج ابنة الغنوشي سمية الغنوشي، وشغل وزارة الخارجية عام 2012، وكان عضوا في هيئة قناة الجزيرة القطرية
ويتهمه معارضوه داخل حركة النهضة بالفساد المالي وتبييض الأموال وتلقي التمويلات عبر المركز الذي يرأسه في تونس، معتبرين أنه عين الغنوشي في الخارج.
ويشغل بشكل حصري منذ 2011 خطة المكلف بالعلاقات الخارجية، وهي الخطة التي تمثل نقطة قوة عائلة الغنوشي التي تحولت إلى أغنى أغنياء العائلات التونسية في ظل وضع اقتصادي منهار وأزمات اجتماعية اتسعت رقعتها على نحو غير مسبوق.
ويواجه رفيق عبد السلام قضائيًا (منذ عام 2013) تهمة الاستيلاء على هبة صينية بمليون دولار زمن توليه وزارة الخارجية ، كما أن رفاقه داخل حركة النهضة وصفوه باليد الطويلة في جلب الأموال للعائلة "الغنوشية".
وفي رسالة شهيرة تداولتها وسائل الإعلام التونسية في شهر سبتمبر/أيلول 2019 أكد زبير الشهودي أمين سر الغنوشي بأن رفيق عبد السلام هو جزء من الفئة " الفاسدة والمفسدة".
كما أن لرفيق عبد السلام نشاطات مشبوهة في تونس مع المركز العربي للدراسات والأبحاث الذي ترأسه عزمي بشارة، من خلال تنظيم ندوات وهمية في نزل تونسية من أجل إيهام السلطات الرسمية بوجود نشاط فكري، يبدو أن الغاية منه تحويل تمويلات من الخارج لتونس تحت غطاء المراكز البحثية.
طبقة مناهضة لعائلة الغنوشي
في المقابل لا تحمل الطبقة المناهضة للغنوشي وعائلته عمقًا ديمقراطيًا ولا إيمانا راسخا بالديمقراطية الداخلية للأحزاب، حسب العديد من المتابعين.
واعتبرت الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة أن الشق المناهض للغنوشي يبحث عن التموقع أكثر من مناهضته لزعيم الإخوان.
وأوضحت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن شخصيات مثل محمد بن سالم وعبد اللطيف المكي يتنافسون مع الغنوشي على احتكار التمويلات الخارجية وخاصة التمويلات القطرية والإخوانية التي تنشط في تونس تحت رقابة الغنوشي وسلطته المطلقة.
هذه السلطة المطلقة لشيخ الإخوان فتحت جراحات بقيت خافتة لمدة سنوات، ولكن رهانات المال والجاه والسلطة جعلت من إمكانية تأجيلها عملية مستحيلة.
وقد تحدثت قيادات مستقيلة من حركة النهضة منذ التسعينيات عن علاقة الغنوشي بالأموال الإخوانية، حتى إن رفيق دربه عبد الفتاح مورو اعتبره في أحد التصريحات السابقة بالشخصية الغامضة والمريبة.
وفي ظل معادلة الصراع المفتوحة على كل التوقعات والاحتمالات، تعيش حركة النهضة الإخوانية حالة من الاحتراب قد تصل إلى نزع سلطة الغنوشي بالقوة (مثلما لمح بعض القيادات)، وهي النقطة التي يرى فيها مراقبون بداية النهاية في مسيرة حزب النهضة الذي يحكم بأشكال مختلفة تونس منذ عام 2011.
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OCA= جزيرة ام اند امز