الغنوشي و"كرسي" النهضة.. الجبالي لصد "المتمردين"
تمسك زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي برئاسة "النهضة" الإخوانية، يؤجج لهيب الانقسامات داخل حركة مثقلة بالصراعات على الزعامات والتباينات.
نيران تعبث بالغنوشي الذي بات ضعيفا عاجزا عن إخماد موجة الأصوات الغاضبة المندلعة ببيته الداخلي، تنديدا بفساده ودكتاتوريته الحزبية.
ومنذ مايو/ أيار الماضي، بدأت تحركات الإطاحة بالغنوشي داخل النهضة، حيث طالبت مجموعة من قيادات الصف الأول للحركة بضمان التداول القيادي وزعامة الحركة، ما يسمح بتجديد نخبها، استنادا إلى نظامها الداخلي الذي يحظر رئاستها لأكثر من ولايتين.
الجبالي و"المتمردين"
آخر الأخبار الواردة من البيت الإخواني، تفيد بأن الغنوشي استعان بأحد الصقور السابقة للحركة، وهو حمادي الجبالي، للاستعداد لإقصاء مجموعة المائة التي تمردت عليه بالفترة الأخيرة.
ووفق مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية"، فإن الجبالي سيكون الأمين العام لحزب النهضة مقابل فرض عقوبات تصل إلى طرد مجموعة كبيرة من قيادات الحركة على رأسهم عبد اللطيف المكي، وزير الصحة السابق، وسمير ديلو، نائب عن الحركة بالبرلمان.
وفي أحدث تصريحاته للتلفزيون الرسمي في تونس، ألمح زعيم الإخوان إلى نيته البقاء على رأس الحركة، بل يبدو عازما أيضا على "تصفية" خصومه ومن يعارضون بقاءه عبر ما سمّاها بـ "ديمقراطية المؤتمر" في اتخاذ قراراته.
وتشير تسريبات من داخل الحركة إلى أن الغنوشي أعدّ، رفقة أنصاره، خطة عمل تقضي بإجراء استفتاء داخل قواعد النهضة، يضمن فيه أغلبية تصوت بنعم لترشحه مرة أخرى لرئاسة الحركة.
معركة صعبة
ويرى متابعون أن المعركة هذه المرة لن تُحسم بسهولة في صفوف إخوان تونس، وتبدو مآلاتها أقرب إلى مزيد توسيع الشرخ بين الفُرقاء، خاصة أن مجموعة الـ100 قيادي الذين أمضوا عريضة تطالب الغنوشي بعدم الترشح مرة أخرى، تبدو عاقدة العزم ـ أكثر من أي وقت مضى ـ على مطلبها حتى إسقاطه.
وفي تصريحات متلفزة قبل يومين، دعا عبد اللطيف المكي، الغنوشي إلى الخروج "بشرف" وأن يحافظ على ماء وجهه.
وإضافة إلى المائة قيادي الذين أمضوا العريضة، استقال أيضا لطفي زيتون، رجل الظل الذي رافق الغنوشي لأكثر من ثلاثين عاما، والذي يبدو جادا في بعث مشروع سياسي جديد.
وقال زيتون، في تصريحات إعلامية، إنه فهم مؤخرا، أن "تونس أولى من النهضة وأن الوطن فوق الانتماءات التنظيمية الضيقة".
ولا يعتبر زيتون أول المقربين من الغنوشي ممن قفزوا من مركب النهضة قبل غرقه في الخلافات وصراع الأجنحة، فقد سبقه زبير الشهودي، مدير مكتب وكاتم أسرار الغنوشي لسنوات طوال، وأيضا عبد الحميد الجلاصي الرجل الحديدي في التنظيم، ومسؤولا الشباب والطلبة زياد بومخلة وهشام العريض.
نزيف مستمر بحسب التسريبات التي تشير إلى وجود تململ في صفوف الحركة قد يدفع نحو نتائج تخيب آمال الغنوشي وجناحه المستفيد من بقائه على رأس الحركة.
ومؤخرا، كتبت البرلمانية السابقة عن الإخوان جوهرة التيس، تقول عبر "فيسبوك"، إن : "لم تعد تسعني حركة مؤسساتها معطلة.. القرار فيها متمركز في يد فرد واحد.. والولاء لشخصه فيها هو المعيار الأول والأخير للتدرج التنظيمي..".
وأضافت: "لم تعد تسعني حركة لا أهمية للقانون فيها وللتعاقد وللعهود..مرجعيتها عنوانها الإسلام ولكن حقيقتها سائلة لزجة لا صوت يعلو فيها على صوت المصلحة الشخصية لفرد واحد ومجموعة مقربة".