الاتحاد الأوروبي يعاقب بريطانيا بـ"جبل طارق"
الخارجية البريطانية تحذر من إمكانية وضع سيادة بريطانيا على جبل طارق عقبةً في مفاوضات خروجها من الاتحاد
في لهجة تحذيرية قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن دعم بلاده لجبل طارق سيظل "كالصخرة لا يلين" وذلك بعدما منح الاتحاد الأوروبي أملًا جديدًا لإسبانيا في إمكانية بسْط نفوذها في المنطقة المتنازع عليها مع بريطانيا.
ومنطقة جبل طارق، الواقعة على المدخل بين المحيط الأطلنطي والبحر المتوسط جنوب إسبانيا، هي أراض تتبع التاج البريطاني، تدار بالحكم الذاتي.
وهي في الأصل أراض إسبانية تنازلت عنها إسبانيا بعد صراعات بحرية مريرة لبريطانيا عام 1713، وتتجدد النزاعات بين البلدين حولها من حين لآخر، وبات مطلب إعادتها لإسبانيا مسعى ملحّا لمدريد.
ومن المقرر أن يصبح وضع جبل طارق بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من بين أكثر القضايا الشائكة في محادثات الخروج المعقدة.
وأدلى جونسون بتصريحه بشأن جبل طارق في وقت متأخر الليلة الماضية بعدما تحدث عبر الهاتف مع فابيان بيكاردو رئيس وزراء جبل طارق.
وكتب على تويتر: "مثلما هو الحال دائما فإن المملكة المتحدة ستظل كالصخرة لا تلين في دعمنا لجبل طارق."
واتهم بيكاردو إسبانيا بسعي "مشين" للتلاعب في عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لبسط سيادتها على جبل طارق.
وهذه التصريحات من جونسون وبيكاردو جاءت ردا على مشروع وضعه الاتحاد الأوروبي الجمعة خلال اجتماع في مالطا تحت عنوان "توجهات للمفاوضات" بشأن آلية خروج بريطانيا من الاتحاد :"بريكست"، والذي أكد على ضرورة موافقة إسبانيا على أي اتفاق يتم التوصل إليه بين بريطانيا والاتحاد على منطقة جبل طارق.
وقالت الحكومة الإسبانية إنها راضية عن هذا الموقف.
وبذلك يكون الاتحاد الأوروبي قد وضع مستقبل جبل طارق على المحك في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد "بريكست"، ما يدعم إسبانيا في نزاعها المستمر منذ قرون مع بريطانيا.
وتبدو هذه إشارة عقابية لبريطانيا على اختيارها الخروج من الاتحاد، وسبقها إعلان فرنسا وألمانيا رفضهما الدخول في أي محادثات مع لندن حول مستقبل العلاقات الثنائية إلا بعد معرفة ما ستسفر عنه مفاوضات الخروج.
ولمنطقة جبل طارق أهمية استراتيجية لبريطانيا ومصالحها في البحر الأبيض المتوسط، حيث تقع في مدخل البحر من ناحية المحيط الأطلنطي.
وتعاظمت أهمية هذه المنطقة بعد حفر قناة السويس المصرية؛ حيث كثر عدد السفن القادمة من عدة دول عبر القناة والمتجهة عبر البحر المتوسط إلى أوروبا وأمريكا.
وعبر عن المخاوف البريطانية من فقد هذه المنطقة وزير الخارجية البريطاني السابق، فيليب هاموند، عام 2016 حين قال وهو يدعو البريطانيين للتصويت ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل الاستفتاء إن خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي "سيضعف بشكل خطير" قدرة لندن على الدفاع عن جبل طارق.
وقال هاموند، خلال زيارته لجبل طارق، إن "التزام بريطانيا بجبل طارق مطلق، لا يهتز، وسيبقى مهما كان القرار في الاستفتاء".
وأضاف "يجب أن نعلم بأن بريطانيا لن تتمكن من خوض جميع التحديات التي يمكن أن يواجهها جبل طارق إذا خرجنا من الاتحاد الأوروبي".
واستقال هاموند ضمن الحكومة البريطانية التي رحلت عقب تصويت معظم البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد في الاستفتاء الذي تم في يونيو/حزيران 2016؛ حيث كانت الحكومة في ذلك الوقت ضد الخروج، وتولت حكومة جديدة من وزراء يؤيدون الخروج.
وسكان جبل طارق البالغ عددهم أكثر من 30 ألف شخص، الكثير منهم من ذوي الأصول البريطانية، صوت 96% من ناخبيهم في الاستفتاء برفض الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي يرون فيه مكاسب كبيرة.
وجبل طارق ليس التحدي الوحيد أمام بريطانيا في مرحلة ما بعد "الطلاق" من الاتحاد الأوروبي، ولكن كذلك أيرلندا الشمالية التي أرسلت حكومتها خطابا رسميا إلى الحكومية البريطانية، الجمعة، تطلب إجراء استفتاء جديد حول انفصال أيرلندا الشمالية عن بريطانيا، خاصة وأن أيرلندا تؤيد البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDE4LjExOS4xMDcuMTU5IA== جزيرة ام اند امز