قمة غلاسكو.. تغير المناخ يشرد 30 مليون إنسان خلال 12 شهرا
بينما يجتمع قادة العالم في "كوب26" لتقديم التزامات للعمل المناخي، لا تزال الكوارث المرتبطة بتغير المناخ تشرد الملايين وتهدد حياتهم.
وفقا لأرقام مركز مراقبة النزوح الداخلي، هناك 54 مليون شخص يعيشون في حالة نزوح داخلي حتى نهاية عام 2020، بسبب تغير المناخ وآثار القاسية على الطبيعة والبشر.
وذكر المركز أن الكوارث الناجمة عن الأخطار المتعلقة بالطقس أسفرت عن 30.7 مليون حركة قسرية في عام 2020 وحده، أي أن أكثر من 30 مليون شخص أجبروا على ترك منازلهم وأراضيهم وتغير حياتهم بسبب تغير المناخ.
بينما توقع البنك الدولي أن يجبر تغير المناخ أكثر من 200 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على النزوح الداخلي بحلول عام 2050، حال عدم اتخاذ إجراءات فورية.
تغير المناخ وتشريد البشر
خلال القرن الـ21، أصبح النزوح في سياق الكوارث وتغير المناخ أحد التحديات العالمية التي تؤثر على البلدان المرتفعة والمنخفضة الدخل على حد سواء، وفقا لمركز رصد النزوح الداخلي.
ومركز رصد النزوح الداخلي (IDMC) هو المصدر النهائي للبيانات والتحليلات المتعلقة بالنزوح الداخلي في العالم، تأسس عام 1998 كجزء من المجلس النرويجي للاجئين (NRC).
مثلا بعد صيف من موجات الحر والجفاف وحرائق الغابات في أجزاء من الولايات المتحدة وأوروبا، أدت الفيضانات التي سببتها العواصف إلى عمليات إجلاء في إيفيا واليونان وكاليفورنيا خلال أكتوبر.
وحدثت نفس الظاهرة في أستراليا في بداية عام 2021، حيث تبع انتشار الفيضانات موسم حرائق الغابات غير المسبوق ما أجبر عشرات الآلاف على النزوح.
كما استمر الطقس المتطرف في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، مثلا في الصين اقتلعت الفيضانات أكثر من 330 ألف شخص في مقاطعات سيتشوان وشانشي وشنشي في الأسبوع الأول من أكتوبر وحده.
وشهدت شانشي أسوأ فيضانات منذ بدء التسجيل، حيث بلغ متوسط هطول الأمطار 13 مرة أعلى من المعتاد.
وتسببت الأمطار الغزيرة التي سببتها الرياح الموسمية المتأخرة في حدوث فيضانات وانهيارات أرضية شديدة في الهند ونيبال، ونزح ما يقدر بنصف مليون شخص إلى معسكرات الإغاثة في ولاية البنغال الغربية في الهند.
كما تسببت عاصفة شديدة في البحر الأبيض المتوسط في دمار بالجزائر وإيطاليا وتونس، بينما خلف الإعصار المداري كومباسو سلسلة من الدمار عبر الصين وهونغ كونغ وماكاو والفلبين وتايوان وفيتنام.
ومن المتوقع حدوث طقس أكثر قسوة ومزيد من النزوح في الأشهر المقبلة، حيث بدأ موسم الأعاصير لتوه في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.
وقالت ألكسندرا بيلاك، مديرة مركز رصد النزوح الداخلي (IDMC)، إن "في عام 2020 أسفرت الكوارث التي نجمت في الأساس عن الأخطار المتعلقة بالطقس عن 30.7 مليون حركة قسرية، وهذا أكثر من ثلاثة أضعاف العدد الناجم عن الصراع والعنف".
وأضافت: "حجم هذا النوع من النزوح في جميع أنحاء العالم هو بالتأكيد مدعاة للقلق، وكذلك الخطر الحقيقي المتمثل في أن الاحترار العالمي سيؤدي إلى أحداث مناخية أكثر تواتراً وشدة يمكن أن تقلب حياة الناس رأساً على عقب".
أرقام النزوح الداخلي بسبب تغير المناخ
النزوح الداخلي المرتبط بالتغير البيئي البطيء والكوارث هو ظاهرة معقدة وديناميكية، وفي كثير من الأحيان يصعب تمييز النزوح عن الهجرة الداخلية.
ووفقا لمركز مراقبة النزوح الداخلي، فإن من الصعب رسم صورة متسقة للنزوح المرتبط بأحداث بطيئة الحدوث بسبب النطاق الواسع للظواهر المناخية والتأثيرات والمحركات وأنواع الحركة التي تثيرها والمناطق التي تؤثر فيها.
وذكر أن هناك أماكن سكانها من بين أولئك الأكثر عرضة لخطر النزوح بسبب الكوارث.
مثلا سكان الدول الجزرية النامية في المحيط الهادئ هم من بين أولئك الأكثر عرضة لخطر النزوح بسبب الكوارث، حيث يتسبب تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة في تعريض نحو 50 ألف شخص لخطر فقدان منازلهم كل عام.
وفي بعض الحالات، يمكن للأشخاص النازحين العودة إلى ديارها بعد وقوع الكوارث بوقت قصير، بينما في حالات أخرى يفقد الناس منازلهم وأراضيهم ويصبحوا مشردين لسنوات قادمة.
وذكر المركز: "النزوح الناجم عن الكوارث يستمر إلى ما بعد مرحلة الاستجابة لحالات الطوارئ للأزمة، وهو قضية شاملة تؤثر على العديد من الجوانب الأخرى للتنمية الوطنية، مثل الاقتصاد والصحة والتعليم وحقوق الإنسان".
أرقام النزوح الداخلي والتشرد نتيجة تغير المناخ أصبحت مخيفة، فمثلا في عام 2020 نزح أكثر من 1.4 مليون شخص داخليًا في شمال أمريكا الوسطى بسبب تغير المناخ، وفقا لأرقام أعلنتها لجنة الإنقاذ الدولية.
وذكرت أن الكوارث الطبيعية تسببت في نزوح 339 ألف شخص في جواتيمالا، و17000 في السلفادور، و937000 في هندوراس في عام 2020 وحده.
أيضا هناك أكثر من 3.4 مليون شخص، بما في ذلك 1.3 مليون طفل، في حاجة ماسة إلى الدعم في جميع أنحاء شمال أمريكا الوسطى بعد أن ضرب إعصار إيتا وإيتا المنطقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وسجل النزوح القسري بسبب تغير المناخ مستويات قياسية في عام 2021 بالفعل، مع توقعات بتضاعف الأرقام خلال السنوات المقبلة إذا لم تتضافر الدول للتصدي لآثار تغير المناخ.
ووفقًا للبنك الدولي، فإنه بدون اتخاذ إجراءات فورية ومتضافرة يمكن أن يجبر تغير المناخ أكثر من 200 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على النزوح الداخلي وحده بحلول عام 2050.
وبشكل عام، من المقدر أن آثار تغير المناخ المساهمة بأكثر من 200 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية دولية كل عام.
مؤخرا، تحدثت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن العلاقة الواضحة بين حالات الطوارئ المتعلقة بالمناخ والنزوح القسري.
ووفقا لأرقام المفوضية، فإن تغير المناخ وما يتبعه من كوارث طبيعية يُجبر الملايين على مغادرة منازلهم كل عام، فضلا عن مشاكل أخرى.
مثلا في أفغانستان، أدى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف إلى استفحال آثار 40 عاماً من الحرب، ما أدى إلى تردي مشكلة نقص الغذاء في بلد يعيش فيه أكثر من 3.5 مليون نازح داخلياً.
وفي موزمبيق، أجبرت حركات التمرد 730 ألف شخص على الفرار في وقت كانت فيه البلاد تعاني من الأعاصير.
وفي منطقة الساحل، ترتفع درجات الحرارة بمعدل 1.5 مرة أسرع من بقية مناطق العالم، وتؤدي التأثيرات المرتبطة بالمناخ إلى زيادة التنافس على الموارد في المناطق التي تستغل فيها الجماعات المسلحة ضعف الحكم والفقر والتوترات العرقية.