يودع الإماراتيون الأيام المقبلة عام الاستدامة 2023، بإنجازات غير مسبوقة على كل المستويات، منذ تأسيس اتحاد دولة الإمارات، ما سيسهم في تحقيق أهداف مئوية 2071.
عام مليء بالإنجازات التاريخية، استقبلنا بها رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، بعد اختتامه أطول مهمة فضائية للعرب استمرّت ستة أشهر، وعام نالت به الإمارات الثقة الدولية، في استضافة أهم حدث عالمي حول المناخ والبيئة مؤتمر الأطراف COP28، والذي توج باتفاق الإمارات التاريخي الذي يمس مستقبل الكوكب، عبر خطة عمل منطقية وعادلة ومنصفة تحقق الحياد المناخي.
وكانت لعضوية دولة الإمارات في مجلس الأمن الدولي، والتي ستنتهي مع نهاية عام 2023، الأثر الكبير في تحقيق نجاحات سيجني ثمارها المجتمع الدولي.
حيث نجحت دبلوماسية دولة الإمارات الفاعلة في صياغة قرار حول التسامح والسلام والأمن الدوليين، في مواجهة الكراهية والتطرف، وبذلت جهودا كبيرة في حل النزاعات الدولية والإقليمية وخصوصاً العربية، كان آخرها مشروع القرار حول توسيع المساعدات الإنسانية في غزة، بشكل آمن ومستدام.
واتخذت دولة الإمارات خطوات مهمة بانضمامها إلى مجموعة بريكس، وفي نفس الوقت شاركت للمرة الخامسة في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الهند، لتكون أكثر الدول العربية مشاركة كدولة ضيف.
ويعكس الحضور الإماراتي في أهم كتلتين في الشرق والغرب، المكانة الكبيرة والثقة الدولية التي تحظى بها دولة الإمارات، فالنموذج الإماراتي في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، يتميز بتنوع الشراكات لتجاوز التحديات العالمية المختلفة، وتحقيق الأمن والسلام والتقدم والتنمية.
ونحن على أعتاب عام 2024، تزداد أخبار الحروب والأزمات، فما كدنا نتكيف على الحرب الروسية الأوكرانية حتى اندلعت حرب غزة، بينما يمر العالم بقفزة هائلة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، ولا نعلم إن كان العام المقبل سيتفاعل مع التقنيات الناشئة في ظل الأزمات الدولية الجيوسياسية المستمرة، وهل سيستمر الحراك البيئي لضمان استدامة حياة الشعوب، فالسيناريوهات عديدة فيما قد يحمله العام المقبل من تحديات.
فالعام 2023 شهد توترات دولية واسعة، بين قوى مرتبطة اقتصادياً لحد كبير، ما أثر سلباً على الاقتصادات العالمية، لتصبح استراتيجيات التعاون الاقتصادي محل تساؤل، إن كانت ستستمر العام المقبل في ظل الصراعات والعنف، لاسيما الصراع بين الولايات المتحدة والصين، واستمرارية الحرب الروسية الأوكرانية، فضلاً عن الحرب في غزة.
ولهذا، من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد العالمي العام المقبل إلى 2.7%، بسبب وطأة الحروب والتضخم بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقد يكون السبب الأكبر هو أن يتباطأ أهم اقتصادين في العالم (الأمريكي والصيني)، ولو أن العالم نهض قليلاً بعد أزمة جائحة كوفيد-19، إلا أنه عاد لمرحلة التباطؤ مع الأزمة الأوكرانية، واستمرار الصراعات الجيوسياسية، آخرها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
السيناريوهات الجيوسياسية للعام 2024 متنوعة، فمن جانب هناك انتخابات حاسمة في عدة دول محورية، مثل الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا، وهناك قضايا دولية رئيسية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على أمن الغذاء والطاقة، وحرب غزة وارتباطها بأمن الشرق الأوسط، وصولاً إلى مصير البرنامج النووي الإيراني.
مشهد الأزمة الأوكرانية ثابت ولو ظن الكثير أنه راكد، فلا تزال روسيا عند أهدافها في تحييد أوكرانيا، خصوصاً أن السويد وفنلندا دخلتا على خط الصراع.
ورغم أن الغرب يقدم مساعدات عسكرية هائلة لأوكرانيا، إلا أن الوضع على الأرض لم يتغير ضد روسيا، ولهذا سيبقى الوضع كما هو عليه خلال العام 2024، حتى تعلن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حينها قد يعود الرئيس السابق دونالد ترامب ليحسم الصراع، أو يستمر الرئيس جو بايدن ويتصاعد الصراع.
وفي غزة سيدفع استمرار الحرب إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، واحتمالية توسع الصراع إلى مناطق أخرى في المنطقة، مثل سوريا والعراق واليمن، ما سيبعد إسرائيل عن خط السلام الذي كانت عليه، قبل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وسيجعل النظام الإيراني هو المستفيد الأكبر من الأحداث الحالية.
وقد تعيد الولايات المتحدة النظر في دعمها المستمر لإسرائيل، ووقوفها في وجه جهود وقف إطلاق النار، وقد تكون متأخرة، فإدارة ترامب (حال فوزه) تستطيع تغيير الواقع الحالي، وخلق مقاربات جديدة في منطقة الشرق الأوسط، تحسم العديد من الملفات العالقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة