عصر التحول إلى الطاقة النظيفة محاصر بأزمات "طارئة"
يعيش العالم أول أزمة طاقة كبرى في عملية التحول نحو الطاقة النظيفة، ولكنها لن تكون الأخيرة على ما يبدو.
وبحسب تقرير لوكالة "بلومبرج"، فإن النقص الذي يضرب أسواق الغاز الطبيعي والكهرباء من المملكة المتحدة إلى الصين بدأ يتعافى مجددًا مع عودة الطلب بعد فترة التعافى من انتشار وباء كورونا. لكن العالم لا يزال يواجه أسواق طاقة متقلبة وضغوطًا في الإمدادات منذ عقود.
ولكن الأمر المختلف الآن هو أن الاقتصادات الغنية تخضع لواحدة من أكثر الإصلاحات طموحًا لأنظمة الطاقة لديها منذ فجر العصر الكهربائي رغم عدم وجود طريقة سهلة لتخزين الطاقة المولدة من المصادر المتجددة.
- جنون أسعار الغاز في أوروبا.. قفزة بنسبة 25% في يوم واحد
- مخزون الغاز الأوروبي أوشك على النفاد.. شتاء قارس البرودة
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن التحول الفعلي نحو الطاقة المتجددة سيستغرق عقودًا، وسيظل العالم خلالها يعتمد على الوقود الأحفوري حتى مع قيام المنتجين الرئيسيين فى الوقت الحالى بتغيير استراتيجيات الإنتاج الخاصة بهم بشكل جذري.
قال دانيال يرجين، أحد أبرز محللي الطاقة في العالم إنها رسالة تحذيرية حول مدى تعقيد انتقال الطاقة. مضيفا أنه في خضم التغيرات الجوهرية، أصبح نظام الطاقة حول العالم أكثر هشاشة بشكل لافت للنظر.
وعلى سبيل المثال، تلك الاضطرابات التى حدثت في أوروبا. فبعد فصل الشتاء الذي كان أكثر برودة من المعتاد، واستنفاد مخزونات الغاز الطبيعي، ارتفعت أسعار الغاز والكهرباء مع تعافى الطلب من الاقتصادات الغنية بسرعة كبيرة للغاية بحيث لا تتناسب مع الإمدادات.
ووصف جيف كوري، المحلل لدى بنك "جولدمان ساكس" أزمة الطاقة بأنها "انتقام للاقتصادات القديمة".
وعلى الرغم من اعتماد المملكة المتحدة وأوروبا على مزيج مختلف تمامًا من مصادر الطاقة فإن الطلب العالمي المتزايد العام الحالى ترك إمدادات الغاز شحيحة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تراجع فيه انتاج الطاقة من الرياح والمياه بشكل غير عادي، وذلك بفضل سرعات الرياح البطيئة بشكل غير متوقع وانخفاض هطول الأمطار في مناطق متعددة بما في ذلك النرويج.
ذكرت "بلومبرج" أن توتر سوق الغاز العالمي أدى إلى ارتفاع قياسي في أسعار الكهرباء في أوروبا.
وأوضحت أن الألم الذي يصيب أوروبا هو علامة تنذر بالسوء على أنواع الصدمات التي يمكن أن تضرب المزيد من المناطق حول العالم.
وعلى الرغم من تزايد وفرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ورخص ثمنها، ستظل أجزاء كثيرة من العالم تعتمد لعقود على الغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى.
إن الزيادة الكبيرة في الطلب على الكهرباء إلى جانب تقلب أسعار الوقود تعني أن العالم قد يكون في وضع صعب وربما يستمر لعقود.
ومن المرجح أن يؤدى التضخم فى إنتاج الطاقة وتفاقم عدم المساواة في الدخل إلى التهديد الذي يلوح في الأفق بانقطاع التيار الكهربائي وفقدان النمو الاقتصادي والإنتاج.
كما إن الأزمة وانتشارها سيكون أمرا ملموسا في جميع أنحاء العالم حيث كان للأزمة آثار غير مباشرة عبر الصناعات بعد أن أعاقت إنتاج السيليكون، وعطلت الإمدادات الغذائية وعقدت سلاسل التوريد العالمية.
وفي الولايات المتحدة، تضاعفت العقود الآجلة للغاز الطبيعي بالفعل أكثر من الضعف العام الحالى قبل ذروة الطلب التي تأتي مع قدوم برد الشتاء.
ومع توليد 40% من الكهرباء في البلاد عن طريق حرق الغاز، فإن هذه الأسعار المرتفعة ستؤدي حتمًا إلى زيادة فواتير الكهرباء والتدفئة.
وعلى الرغم من دفع الحكومة الصينية لزيادة الطاقة المتجددة، لا يزال الاقتصاد الصناعي يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري والمتمثل فى الفحم والغاز والبترول.
وعندما بدأت المصانع الصينية العودة للعمل مرة أخرى بعد التعافى من الوباء، لم يكن لدى الدولة ما يكفي من الوقود.
وكشفت بيانات "بلومبرج" أن التصنيع الصيني انكمش في سبتمبر/أيلول الماضى للمرة الأولى منذ 19 شهرًا، مما يشير إلى أن ارتفاع تكاليف الطاقة أصبح أكبر صدمة تضرب الاقتصاد منذ بداية الوباء.
وفى الوقت الحالى تتعهد الحكومة الصينية بتحقيق الاستقرار من خلال شراء المزيد من الفحم والغاز الطبيعي المسال من الخارج. ولكن هذا يضع بكين في منافسة مباشرة مع أوروبا ، الأمر الذى يهدد بتجويع القارة العجوز من الوقود ويفاقم حدة الأزمة.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن أكبر العقبات التي تواجه العالم تتمثل فى تخزين الطاقة المولدة من مصادر المياه والرياح.
وأشارت إلى أن الحلول موجودة بالفعل، ولكن سوف تمر سنوات قبل أن يتم توفيرها بالحجم المطلوب.
aXA6IDE4LjIxNy4xMTguNyA= جزيرة ام اند امز