مسؤولة بوحدة مخاطر العدوى بمنظمة الصحة العالمية لـ"العين الإخبارية": فيروس جدري القرود يتطور (حوار)
مع ظهور أي طارئة صحية عالمية تتجه الأنظار دوما إلى منطقة الشرق الأوسط، التي تعاني من أزمات دائمة خلفت صراعات حادة أثرت بدورها على البنى التحتية لتلك الدول، وبالتالي على مواجهة الطوارى، لا سيما بعد هجرة الكفاءات الطبية من تلك الدول.
ورغم ذلك، فإن الأرقام التي تصدر من حين لآخر عن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بخصوص أعداد المرضى المتأثرين بالطارئة الصحية الجديدة "جدري القرود"، لا تشير إلى أن تلك الدول تعاني وضعا غير طبيعيا، فهل المشكلة في ضعف القدرات المخبرية بتلك الدول، أم ان هذه الدول لا تجري اختبارات في الأساس، وهل الوضع مطمئن في منطقة الشرق الأوسط؟.
كل هذه الأسئلة وغيرها تضعها "العين الإخبارية"، أمام الدكتورة شيرين النصيري، المسؤولة الطبية بوحدة التأهب لمخاطر العدوى والوقاية منها بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية.
بداية ما تقييمك للوضع بشكل عام في منطقة الشرق المتوسط؟
حتى الآن لا يمثل جدري القرود خطراً في إقليم شرق المتوسط سواء من حيث عدد البلدان التي ظهر فيها، ولا عدد الحالات المكتشفة، لأنه ليس من المعتاد أن ينتشر جدري القرود بسهولة بين الناس، لأنه يتطلب مخالطة جسديًّة وثيقًة بالشخص المصاب.
ويمكن القول إنه يمكن احتواء تفشي الوباء عبر اتباع السلوك الصحي، ومع ذلك، يلزم على الدول التأهب والاستعداد باتخاذ إجراءات فورية للسيطرة على احتمالية انتشار المرض، وينبغي أن تستمر تدابير الصحة العامة المكثفة في البلدان التي اكتشفت الحالات، ورغم الاختلاف بين جدري القرود وجائحة كوفيد-19، فإن الدروس المستفادة من التصدي لجائحة "كوفيد -19 " تعزز قدرة البلدان على التعامل مع أي خطر جديد.
كيف عززت جائحة "كوفيد -19" من جاهزية المنطقة؟
أغلب دول المنطقة استفادت من درس "كوفيد – 19"، فلا شك أن الاستجابة للجائحة على مدى عامين ونصف العام طورت قدرات بلدان إقليم شرق المتوسط في مجال التأهب والاستعداد والاستجابة، بما في ذلك القدرات المختبرية، ويكفي أن نعلم أنه قبل الجائحة كان عدد المراكز المختبرية القادرة على إجراء تحليل تسلسل الجينوم للعوامل الممرضة لا يتجاوز 40 مختبرا، ووصل هذا العدد حاليا إلى ما يقرب من 650 مختبرا تغطي كافة بلدان الإقليم، ومن شأن وجود هذه المختبرات وتوافر المستلزمات المطلوبة لتشغيلها تجعل الإقليم أكثر استعداداً للاستجابة لجدري القرود.
رغم حديثك المطمئن، لكن هناك مخاوف لدى البعض من أن دول الصراع في المنطقة مرشحة لاستقبال هذا الخطر الجديد.
بصفة عامة، جدري القرود ليس من الأمراض المبلغة من مناطق الصراع التي تحدث كنتيجة لانهيار البنية التحتية والمرافق الحيوية كالكوليرا وغيرها من الأمراض المشمولة باللقاحات، والتفشي الحالي غير معروف بعد أين أو كيف بدأت الحالات‘ وتُجرى حاليًّا استقصاءات عديدة لتحديد المصدر المحتمل للعدوى، والحد من استمرار الانتشار.
وهل المنظمة توجه دعما خاصا لتلك الدول؟
يعمل المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط عن كثب مع كافة البلدان، بما فيها دول الصراع، لتوسيع نطاق خطط التأهب والاستجابة لجدري القرود، لضمان تحديد الحالات المحتملة واختبارها والاستجابة لها من خلال تبسيط الدعم المختبري على المستوى الوطني في جميع البلدان مع تعزيز إجراء الاختبار والترصد وتقصي الحالات وتعقب المخالطين.
وزود المكتب الإقليمي لشرق المتوسط وزارات الصحة في جميع أنحاء الإقليم بقائمة بالمراكز المتعاونة لشحن العينات والاختبار مع الحفاظ على إمدادات كافية من الكواشف ومجموعات الاختبارات المعملية.
وعقد فريق المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية اجتماعات فنية مختلفة مع مديري المختبرات الوطنية ونقاط الاتصال القطرية لمناقشة خطط الاستعداد والاستجابة وتقديم الدعم اللازم.
كما تقوم المنظمة بتبادُل المعلومات مع البلدان من خلال الاجتماعات التقنية، وإصدار إرشادات تقنية مؤقتة وسريعة بشأن الترصُّد، والتحليل المختبري، والرعاية السريرية، والوقاية من العدوى ومكافحتها، والتواصل بشأن المخاطر، والمشاركة المجتمعية. وتقديم منتجات إعلامية للوزارات والعاملين الصحيين والمجتمعات المحلية وعامة الناس لتعريفهم بجدري القرود وكيفية الحفاظ على سلامتهم.
من بين الأسلحة المهمة لمواجهة أي وباء هو توفر اللقاحات، ومن المعروف أن لقاح الجدري القديم يمكن أن يوفر بعض الحماية، فما هي دول المنطقة التي تملك المخزون؟
لدى بعض البلدان لقاح للجدري ضمن المخزونات الوطنية، وتقدم بعض البلدان اللقاحَ للمخالطين الفعليين أو المحتملين، فقد اتضح أن التطعيم ضد الجدري يحمي من جدري القرود، وجرت الموافقة على لقاح جديد ضد الجدري وجدري القرود، ولكنه حتى الآن غير متاح على نطاق واسع خارج المخزونات الوطنية.
وسبق أن أوصت المنظمة باستخدام لقاح الجدري كتدبير وقائي لأشخاص مختارين معرضين للخطر (العاملين في المختبرات، والمستجيبين الأوائل) فقط، ومن المقرر أن نستعرض هذا التوجيهات مع فريق الخبراء الاستشاري الاستراتيجي المعني بالتمنيع في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام.
بمناسبة موافقة المنظمة على اللقاح الجديد المسمى"جينوس"، هل اتخذ المكتب الإقليمي أي تحركات لتوفيره للدول المنطقة، وهل توصية المنظمة بشأن عدم عودة لقاح الجدري إلى حملات التطعيم الوطنية لا تزال قائمة رغم انتشار جدري القرود؟
في الوقت الحاضر، لا يزال انتشار فيروس جدري القرود محدودا للغاية في إقليم شرق المتوسط ولا يتطلب إجراء حملات تطعيم ومن الممكن احتواء تفشي المرض في بلدان الإقليم وسائر البلدان بتطبيق السلوكيات الصحية.
ولا ينتشر جدرى القرود عادةً بسهولة بين الأشخاص وينتقل عادةً عن طريق المخالطة الوثيقة، لذلك تشجع منظمة الصحة العالمية البلدان على زيادة الوعي المجتمعي عن المرض وسبل الوقاية منه، كما تحث الدول علي رفع كفاءة الكادر الطبي وقدرته على اكتشاف الحالات لتعزيز التعرف السريري على المرض لضمان الكشف المبكر عن الحالات وعزل المرضى، ووقف سلاسل الانتقال من خلال المراقبة المكثفة وتتبع المخالطين وحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية.
أخشى أن تدفع رسائلك المطمئنة بعض الدول للتراخي؟
الوضع صحيح مطمئن، لكن الشواهد تؤكد أن جدري القرود يتطور، ولا بد أن نكون على استعداد وتأهب للاستجابة للتطورات.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز