"تمجيد الإرهاب"بمناهج التعليم.. ثلاثية الإخوان وتركيا وقطر تهدد أوروبا
"يمكن أن تقتل الرصاصة شخصا واحدا، لكن الفكرة تهدد أجيالا كاملة".. هذا هو منهج المدارس الخاضعة لتأثير الإخوان الإرهابية في أوروبا وغيرها.
مناهج داخل مدارس ممولة من تركيا وقطر في الدول الأوروبية، تعمل مثل "حصان طروادة" الذي يهدم المجتمعات من الداخل على المدى الطويل.
وفي هذا الإطار، حذر خبراء في مجال التعليم من الآثار المدمرة لسيادة روح الكراهية وتمجيد الإرهاب في المناهج التعليمية، مستعينين بأمثلة من تركيا وإيران.
وفي الظروف الطبيعية، تلعب المدارس والمؤسسات التعليمية دورا أساسيا في تعزيز التسامح والتعددية، لا سيما مع تنامي حوادث الكراهية في الأشهر الأخيرة.
غير أن النقيض يحدث في مدارس على أراضي أوروبية، تديرها أو تتعاون معها تركيا عبر أذرعها الممتدة من التنظيمات المتطرفة، مثل الإخوان والاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب"، وتزرع أفكار متطرفة في الأطفال.
منصات الكراهية الدينية
وفي محاولة لاستكشاف دور المدارس والمؤسسات التعليمية في تعزيز التسامح الديني والتعددية، عقد معهد حرية المعتقد والأمن في أوروبا (IFFSE)، جلسة عبر الإنترنت مؤخرا، للإجابة عما يمكن فعله لمواجهة هذا الاتجاه المثير للقلق، وكيف يعالج إخصائيو التوعية الأحداث المثيرة للاستقطاب، ودور المناهج، وماذا يمكن أن يفعل صانعو السياسة؟.
وشارك في الندوة التي جاءت تحت عنوان "حول مكافحة الكراهية الدينية: ودور المدارس والتعليم"، بنشاس غولدشميت - الحاخام الأكبر لموسكو ورئيس مؤتمر الحاخامات الأوروبيين (CER)، والبروفيسور بيتر نيومان مدير معهد حرية العقيدة والأمن في أوروبا، وأهم خبير في شؤون الإرهاب في ألمانيا.
وشددت مونيكا هولماير، عضو البرلمان الأوروبي والمقررة الخاصة السابقة للجنة الإرهاب، في كلمتها خلال الندوة، على أن "تدريس التسامح يجب أن يكون أولوية لكل حكومة أوروبية، وأنه لا ينبغي لأي حكومة أن تسمح "بالاستعانة بمصادر خارجية" لهذه المهمة الحيوية.
ودعا الحاخام الأكبر جولدشميت، الأوروبيين إلى تعليم أفضل للقادة الدينيين، قائلا: "الروايات الكاذبة والزائفة تزيد من خطر تنامي التطرف والإرهاب. لذلك، لا يجب تعليم الطلاب فحسب المبادئ والقيم الأساسية لأوروبا، بل القادة الدينيين أيضًا".
أذرع تركيا وقطر
كما سلطت الندوة الدور على خطورة البرامج الدراسية للمدارس التركية المنتشرة حول العالم، في ظل الأجندة المتطرفة للتنظيمات المشرفة عليها، وتأثير الإخوان الإرهابية المتزايد عليها، فضلا عن التمويل التركي والقطري السخي.
ولفتت مونيكا هولماير، إلى فشل كل "الشراكات بين تركيا وقطر في أوروبا، فيما يتعلق بالمدارس والمؤسسات التعليمية التي تروج لأفكار متطرفة".
وتابعت أن المدارس التركية لا تمتثل للقواعد العامة التي تحكم التعليم في أوروبا، فضلا عن الخلفية الدينية المتطرفة للجهات والتنظيمات التي تقف ورائها، وموقفها المتطرف من أتباع الديانات الأخرى.
وتثير المدارس التركية في أوروبا، أو الإشراف التركي على مناهج تعليم الدين الإسلامي في بعض الدول الأوروبية، كثير من الأزمات السياسية.
وفي أواخر مايو آيار الماضي، تفجرت ما بات يعرف إعلاميا بـ"فضيحة ديتيب"، إثر تزايد الانتقادات لأرمين لاشيت، خليفة أنجيلا ميركل على رأس الاتحاد المسيحي في الانتخابات التشريعية المقررة سبتمبر/أيلول المقبل، حتى داخل تكتله السياسي، على خلفية تعاون حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا التي يحكمها، مع ديتيب، في المناهج التعليمية.
ويتعلق الأمر بتوقيع حكومة شمال الراين ويستفاليا، التي يترأسها لاشيت حتى اليوم، اتفاقا مثيرا للجدل مع 6 منظمات إسلامية بينها الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب"، للإشراف على التعليم الديني في مدارس أكبر ولاية ألمانية، والمشاركة في تطوير الكتب المدرسية.
وما إن كشفت تقارير صحفية هذا الاتفاق، حتى ثارت ضجة وانتقادات في أحزاب منافسة، ووصفت صحيفة بيلد الألمانية الاتفاق بأنه "تسهيل لمهمة ذراع أردوغان في اختراق المدارس الألمانية، ونشر الأفكار المتطرفة، وأيديولوجية الإخوان المسلمين".
مناورة "معارف"
وفي أبريل/نيسان 2020، أسس النظام التركي فرع لمؤسسة معارف، وهي المظلة التي تنضوي تحتها 270 مدرسة تنتشر في 35 دولة، ويرتادها نحو 30 ألف طالب وطالبة، في ألمانيا، كخطوة أولى لنشر التطرف في الأراضي الألمانية.
وكانت هذه الخطوة تمهيد لتأسيس ثلاثة مدارس تركية في ولاية برلين ومدينة كولونيا الواقعة في ولاية شمال الراين ويستفاليا "غرب" ومدينة فرانكفورت في ولاية هسن "وسط".
لكن الخطة التركية اصطدمت بالقانون الألماني، الذي لا يسمح بأن تتولى دولة أجنبية إنشاء مدارس على الأراضي الألمانية، حيث يتعين أن يتولى هذا الدور اتحادات خاصة.
وفي مواجهة ذلك، حاولت السلطات التركية استخدام ورقة المدارس الألمانية في تركيا كورقة ضغط على الحكومة الألمانية لإنشاء مدارس تركية في ألمانيا، لكن برلين تمسكت بموقفها ما أدخل مشروع المدارس التركية طور التجميد.
ونقلت صحيفة تاغس بوست الألمانية عن مصادر لم تسمها إن الرفض الألماني للمدارس التركية انطلق من أن هذه المدارس تعد محاولة واضحة من أردوغان لإعاقة اندماج نحو 3.5 مليون تركي في المجتمع الألماني، والسيطرة على الأجيال الجديدة التي نشأت في ألمانيا وتحمل جنسيتها، واستغلال نفوذه على الشتات التركي لتعزيز سلطته.
وأضافت المصادر أن هذه المدارس كان ينتظر في حال تأسيسها، أن تعمق المسافة بين الجالية التركية والمجتمع الألماني، وتعمل كمدارس موازية للنظام التعليمي الألماني، فضلا عن قيامها بدور التلقين السياسي لأفكار العدالة والتنمية المتطرفة وجماعة الإخوان، للأطفال الألمان من أصل تركي.
وتابعت "هذا فضلا عن إمكانية تحول المدارس التركية لأدوات تجسس على الجاليات التركية ورصد المعارضين، مثل مساجد ومؤسسات الجماعات التركية في ألمانيا، وخاصة ديتيب".
فيما قال ذكر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في حينه إن تركيا لن يكون بإمكانها إنشاء ثلاث مدارس في ألمانيا كما هو مخطط إلا في حالة خضوع تلك المدارس للقانون الألماني.
وقال ماس في تصريحات لمحطة "آر تي إل" الألمانية "خاصة" إنه يتعين على المدارس الالتزام بقوانين التعليم التي تسنها الولايات وأن تخضع للرقابة المدرسية، مضيفا: "لن يكون هناك مطلقا أي مساحة لتدريس أشياء تتعارض مع قيمنا".
اليونان تدرك الفخ
وفي اليونان، قررت السلطات عام 2020، خفض عدد المدارس التركية على أراضيها من 231 إلى 115 مدرسة، وأغلقت 8 مدارس في شهر أغسطس آب 2020 فقط.
وفي إطار الموقف الألماني من إنشاء المدارس التركية، ورفض فرنسا خطوة مماثلة أيضا، يرى مراقبون أن هناك مخاوف أوروبية متزايدة من المناهج والأفكار التي تتبناها المدارس التركية الممولة بأموال تركية، ومتأثرة بمنهج الإخوان الإرهابي.
وكان كريستيان شينو، مؤلف كتاب "أوراق قطر" الذي أحدث ضجة كبيرة في القارة الأوروبية مؤخرا، قال في تصريحات سابقة، "حصلنا على وثائق من وسطاء ومبلغين عن مخالفات، شملت وثائق تؤكد التحويلات المصرفية، ورسائل البريد الإلكتروني، والجداول التي توضح أموال المساعدات المحولة إلى الجمعيات الإسلامية، والمدفوعات لبناء المدارس في أوروبا"، مضيفا أن تحويلات الأموال كانت تمر عبر تركيا قبل توزيعها على المؤسسات المتطرفة في أوروبا.
aXA6IDMuMTYuODIuMjA4IA== جزيرة ام اند امز