"القرم".. لماذا أصبح استعادتها حجر عثرة أمام أوكرانيا؟
كان تحرير أوكرانيا لخيرسون أكثر من مجرد انتصار عسكري، لكن لا ينبغي أن يغلبها الحماس للتوجه نحو شبه جزيرة القرم، وفقا لمجلة أمريكية.
وترى مجلة "فورين أفيرز" أن معركة خيرسون لا يتوقع أن تكون الهجوم المضاد الأخير الناجح لأوكرانيا، مضيفة :" الجائزة الكبرى تكمن في شبه جزيرة القرم".
وأشارت إلى أنه عقب استعادة السيطرة على خيرسون أعلن نائب وزير الدفاع الأوكراني أن قواته قد تدخل "شبه جزيرة القرم بحلول نهاية ديسمبر/ كانون الأول" الجاري، لكن تلك التصريحات ربما لا تكون سوى "حيلة تهدف إلى تخويف روسيا"، وربما كانوا جادين".
لكن المجلة نوهت بأن القرم ليست كخيرسون، إذ تحتل أهمية كبيرة في الحرب، كما يعتري العديد من الحلفاء الغربيين مخاوف من حدوث تصعيد خطير في حال امتداد المعركة إلى تلك الجزيرة.
وأضافت: "قد يخسر بوتين في خيرسون، أو في أي مكان آخر في أوكرانيا، ويقبل بذلك حتى في إقليم دونباس، منطقة شرق أوكرانيا، وأن يتنازل عنها سياسيًا، لكن المؤكد أنه لن يقبل بالتفريط في شبه جزيرة القرم. وسوف يبذل الغالي والنفيس للاحتفاظ بها".
وتابعت:" أظهرت أوكرانيا بالفعل مدى ضعف شبه جزيرة القرم بهجمات على الأسطول الروسي في البحر الأسود واستهدف جسر كيرتش، الذي يربط شبه الجزيرة مع موسكو، وحال أرادت كييف التوجه نحو القرم ينبغي عليها استعادة السيطرة على قناة المياه العذبة التي تزودها بمعظم مياهها".
واستدركت:" يمكن لأوكرانيا عزل الجنود الروس في القرم دون السعي إلى إعادة السيطرة على كامل شبه الجزيرة"، مضيفة :" هذا قد يمنح كييف موقفًا قويًا في المفاوضات المستقبلية مع روسيا، وربما تقنع الكرملين بالدخول في المحادثات".
وأضافت :" سيسهم هذا أيضا في استمرار وحدة شركاء أوكرانيا في الغرب، كما يمكن لأوكرانيا محاولة تفكيك الجسر البري المؤدي إلى شبه جزيرة القرم، وفصل القوات الروسية في الجنوب عن قواتها في الشرق والقدرة على الوصول إلى بحر آزوف".
معضلة الفتح
ولفتت المجلة إلى أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، أصبح حجر الزاوية في بناء إرث بوتين السياسي، ودليل بوتين على انتهاء عصر الإذلال الروسي بعد الاتحاد السوفيتي. إضافة إلى ذلك فإن استمرار السيطرة الروسية على القرم من شأنه الإضرار بفرص أوكرانيا في الانضمام إلى المؤسسات الغربية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي، وهذا قد يكون أحد أسباب رغبة بوتين في التمسك بشبه جزيرة القرم للأبد.
القرم أكثر من مجرد رمز
بعد ضم شبه جزيرة القرم إنجازًا مميزًا لبوتين، يهدف إلى تأكيد عودة روسيا للهيمنة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ونطاق قوتها العسكرية، وخلاصة فطنة بوتين الاستراتيجية. وقد تفاخر أمام الشعب الروسي بتفوقه على الغرب في شبه جزيرة القرم.
كما تعد القرم هي أكثر من مجرد رمز لروسيا بوتين. فتتمتع شبه الجزيرة بقيمة استراتيجية كبيرة لأي دولة تمتلكها.
فقد مكّنت الجيش الروسي من فرض حصاره البحري على أوكرانيا، وكانت موطنًا لأسطول البحر الأسود الروسي لأكثر من قرنين.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، توصلت روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق استأجرت روسيا بموجبه روسيا ميناء سيفاستوبول من أوكرانيا، وهو الترتيب الذي استمر حتى الضم عام 2014.
وكان توطيد السيطرة الروسية على سيفاستوبول - من أجل الأسطول - سببا رئيسي لضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وعلى عكس خيرسون، ستكون القرم خطًا أحمر حقيقيًا لبوتين.
ثانيًا، حتى وإن تمكنت كييف من غزو شبه جزيرة القرم التي تبلغ مساحتها 10000 ميل مربع، فلن يكون من السهل عليها إدارتها.
وأضافت المجلة:" فشبه الجزيرة يعيش الكثير من سكانها وفق القانون الروسي ويعتبرون أنفسهم مواطنين روس، وقد يُعامل الجنود الأوكرانيون كمحررين، لكن لن يكونوا موضع ترحيب من قبل سكان القرم، فعدد سكانها أكبر من سكان لاتفيا أو إستونيا".و
كما أنه- بحسب مجلة "فورين أفيرز"- سيتعين على كييف أن تتخذ قرارا بشأن محاكمة المتعاونين والزعماء السياسيين أو ستصدر عفواً، قد يكون أي من الخيارين مثيرًا للانقسام سياسيًا، ويمكن أن تؤثر تعقيدات عودة شبه جزيرة القرم إلى الحكم.
تحالف كبير
حتى الآن، نأى التحالف الذي يدعم أوكرانيا بحكمة عن إعلان أهداف محددة للحرب، ما أعطى أوكرانيا مساحة كبيرة للمناورة.
وأصدرت مجموعة السبع بيانًا في أكتوبر/ تشرين أول يدعو إلى "سلام عادل" وانسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية، لكن البيان لم يُذكر ما إذا كان هذا السلام العادل سيكون بإخلاء روسيا شبه جزيرة القرم عبر الوسائل العسكرية أو التفاوض على تسوية من شأنها أن تنطوي على حلول وسط مع بوتين.
وشرحت المجلة:" من الناحية النظرية، فإن الاستيلاء السريع على شبه جزيرة القرم يمكن أن يؤمن أوكرانيا ضد استخدام روسيا لشبه الجزيرة في المستقبل كنقطة انطلاق لشن هجمات ضدها، وإنهاء الحرب بشروط أوكرانيا".
واستدركت:" لكنه من الناحية العملية، يخاطر بتصعيد نووي، وسيكون مكلفًا للغاية بالنسبة لأوكرانيا في وقت تتواصل فيه الحرب في مناطق أخرى من البلاد، حيث تتراجع مخزونات الذخيرة المتاحة لأوكرانيا والهجمات الروسية الشرسة على إمداداتها من المياه والكهرباء".
aXA6IDE4LjExNi45MC41NyA= جزيرة ام اند امز