اقتصاد
"بورصة الذهب".. مكاسب مزدوجة لاقتصاد السودان المنهار
صادقت وزارة المالية السودانية رسمياً قبل أيام على إنشاء بورصة للذهب، بعد اكتمال الشروط المطلوبة وفقا للوائح والقوانين الدولية.
ويعد السودان الدولة الثالثة أفريقيًا في إنتاج الذهب منذ سنوات طويلة، رغم ذلك يعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة.
ويقدر الإنتاج السنوي للذهب في السودان من القطاعين المنظم والتقليدي، بأكثر من 100 طن، بما تفوق قيمته 5 مليارات دولار، ولا يصدر من هذه الكمية سوى 25 طنا عبر القنوات الرسمية، بسبب تعرضه لعمليات تهريب واسعة نظرا لفارق الأسعار محليا وخارجيا، وفق إفادات حديثة.
وتأتي تلك الخطوة في بلد يعاني من أزمات معيشية متفاقمة وتراجع مريع في الوضع الاقتصادي بالسودان تجلى في تصاعد مستمر بأسعار السلع والخدمات على حدٍ سواء، وارتفاع معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية "الجنيه" وهو ما أفرز واقع معيشي مأساوي، وفق خبراء.
أزمة اقتصادية بالسودان ساهمت في تفاقمها توترات سياسية حادة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة عقب قرارات قائد الجيش الصادرة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي قضت بإقالة الحكومة وفرض حال الطواري، خطوة قابلها المجتمع الدولي بوقف كافة المساعدات الموجه إلى الخرطوم.
وخلف خلو ميزانية السودان للعام الجاري من أي تمويل خارجي مخاوف عديدة من انهيارها، لكن مساعي إنشاء بورصة للذهب يثير التفاؤل كونها وفق خبراء، ستمكن الخرطوم من السيطرة على هذا المعدن النفيس والذي سيحقق عائدات سنوية لا تقل عن 10 مليارات دولار في السنة وهي كفيلة بسد العجز.
- خبراء لـ"العين الإخبارية": الأزمة السياسية تدفع اقتصاد السودان للهاوية
- السودان ينفي تأييده قرار بوتين بشأن دونيتسك ولوهانسك
ويجري تأسيس بورصة الذهب استناداً إلى قرار أصدره رئيس الوزراء السوداني السابق الدكتور عبدالله حمدوك في يوم 12 أغسطس/آب عام 2021 ضمن حزمة تدابير لإصلاح اقتصاد البلاد المتدهور.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير، أن تأسيس بورصة للذهب في هذا التوقيت مهم للغاية كونه سيشكل خطوة إسعافية للوضع المعيشي المتدهور الذي تشهده البلاد حالياً.
وأكد الناير في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن البورصة من شأنها أن تساعد في استقرار الوضع الاقتصادي الراهن، مع ضرورة أن تتبع الدولة سياسات إضافية للتقليل من حدة الضائقة المعيشية للمواطنين.
ونبه إلى ضرورة أن تحدد الحكومة موعداً قاطعاً لقيام بورصة الذهب وأن يكون العمل فيها جاداً لأن السودان في حاجة ماسة لمثل هذه المشاريع الاقتصادية.
وعدد الناير الفوائد التي يمكن يجنيها السودان من البورصة من بينها "الحد من عمليات التهريب، كذلك يمكن أن توقف نسبياً تجريف وإهدار الموارد الطبيعية، وستسهم في استقرار العملة الوطنية والحد من انهيارها أمام النقد الأجنبي الحر".
بدوره، شدد الخبير الاقتصادي عبدالرحمن المهل على ضرورة أن تكون هذه الخطوة مصحوبة بأدوات علمية وخبراء اقتصاديين مختصين في هذا المجال، لمعرفة ما إذا كانت بورصة الذهب في الوقت الراهن ستجني ثمارها أم أنها ستزيد المعاناة على المواطنين".
وقال المهل في حديث لـ"العين الإخبارية": "إذا كانت الظروف وتقارير الخبراء تؤكد نجاحها فإنها ستسهم بشكل فعلي في استقرار الاقتصاد وخفض المعاناة على الشعب السوداني يجب أن تقوم على الفور وبأعجل ما تيسر".
وأشار إلى أن السودان يعاني من سيولة أمنية وغياب لعمليات الرقابة وهذا الشيء ربما يجعل خطوة إنشاء بورصة الذهب يعود بنتائج عكسية لما كان متوقعا، لذلك يجب احكام الرقابة والتعامل بشفافية خاصة من جانب الشركات المنتجة للذهب حتى تعم الفائدة.
وأعرب المحلل الاقتصادي أحمد خليل تفاؤله بنتائج جيدة ستحققها بورصة الذهب للسودان، حيث يمكن للبلاد تحقيق عادات سنوية تقدر بنحو 10 مليارات دولار أمريكي من هذا المعدن وهي كفيلة بسد العجز التجاري وتحسين الوضع المعيشي.
وقال خليل في حديث لـ"العين الإخبارية": "الوضع الآن مناسب لهذه المشاريع، فالسودان من أكثر البلدان إنتاجاً للذهب كما أن عمليات التعدين المنظم والتقليدي الواسعة تشجع على اكتمال تأسيس البورصة لاحتواء الإنتاج ومنع تهريبه".
ويسهم قطاع التعدين التقليدي غير المنظم بنحو 75% من إنتاج السودان السنوي من الذهب، ويعمل به 2 مليون شخص، طبقاً للإحصاءات الرسمية.
بينما يسهم القطاع المنظم بنحو 25% من إجمالي الإنتاج، حيث يبلغ عدد الشركات العاملة بقطاع الذهب في السودان 361 شركة، منها 149 شركة امتياز و152 شركة تعدين صغيرة و48 شركة لمخلفات التعدين.