الذهب عند مفترق طرق.. الاستقرار قرب 4000 دولار أم الصعود مجدداً؟
واصل الذهب تماسكه قرب مستوى 4000 دولار للأونصة في تعاملات أمس الجمعة، في حين يترقب المستثمرون إشارات أوضح حول اتجاه الأسعار.
جاء هذا بعد فترة من التقلبات الحادة أنهت موجة الصعود التاريخية التي شهدها المعدن النفيس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال تحليل نشره موقع "ياهو فاينانس" إنه رغم تراجعه بنحو 9% عن ذروته القياسية فوق 4350 دولارًا، لا يزال الذهب على مسار تحقيق أفضل أداء سنوي منذ عام 1979، مدعومًا بعمليات شراء مكثفة من البنوك المركزية وارتفاع الطلب على الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) والسبائك والعملات الذهبية. غير أن السؤال المطروح اليوم هو: هل بلغ الذهب قمته بالفعل؟ أم أنه يستعد لمرحلة ارتفاع جديدة؟
وبحسب محللي مجموعة ماكواري (Macquarie Group)، من المرجح أن تكون الأسعار قد وصلت إلى ذروتها على المدى القريب. ويرى كبير الاقتصاديين في المجموعة، ريك ديفيريل، أن مزيجًا من تعافي النمو العالمي، ونهاية دورات خفض الفائدة، واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية سيحدّ من قدرة الذهب على تحقيق قفزات إضافية.
وأضاف أن الأسعار قد تتراجع تدريجيًا خلال العام المقبل، لكنها ستبقى «مرتفعة نسبيًا مقارنة بمستويات نهاية عام 2023»، أي أن التصحيح سيكون محدودًا وطويل الأمد بدلًا من هبوط حاد. ويرجح التقرير أن يظل متوسط الأسعار في نطاق بين 3700 و4000 دولار للأونصة حتى نهاية الولاية الرئاسية الأمريكية الحالية.
عوامل أخرى غير اقتصادية
مع ذلك، يربط محللون آخرون مستقبل الذهب بعدة عوامل غير اقتصادية بحتة. فبحسب ديفيريل، «أي تصاعد جديد في التوترات الجيوسياسية أو عودة المخاوف حول المديونية الأمريكية قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع مجددًا»، مؤكدًا أن الذهب «سيبقى ملاذًا استراتيجيًا في فترات عدم اليقين».
من جهتها، تتبنى مؤسسات مالية كبرى نظرة أكثر تفاؤلًا. فمحللو يو بي إس (UBS) حافظوا على هدفهم السعري للاثني عشر شهرًا المقبلة عند 4200 دولار للأونصة، مع احتمال بلوغ 4700 دولار في حال تصاعد المخاطر السياسية أو المالية العالمية.
أما غولدمان ساكس فترى أن الأسعار قد تصل إلى 4900 دولار بنهاية عام 2026، مدفوعة بما تصفه بـ«الطلب الهيكلي المستمر» من المستثمرين الذين يسعون إلى تنويع محافظهم الاستثمارية بعيدًا عن الأصول التقليدية.
ويشير مجلس الذهب العالمي إلى أن التراجع الذي شهده أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي مثّل أكبر انخفاض يومي في أكثر من عقد، لم يُلغِ الاتجاه الصاعد طويل الأجل، بل وفّر «استراحة صحية» قد تمهّد لموجة جديدة من الارتفاعات.
وفي المقابل، يرى خبراء أن مسار الذهب في المرحلة المقبلة سيعتمد على سياسات البنوك المركزية، ولا سيما الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. فإذا اتجه الفيدرالي إلى خفض الفائدة مبكرًا في 2026، فقد يستعيد الذهب زخمه الصعودي، أما إذا واصل التريث فقد تستمر الأسعار في التحرك الجانبي قرب مستوياتها الحالية.
ومع بقاء التضخم تحت السيطرة نسبيًا وعودة الاستقرار إلى العلاقات الأمريكية-الصينية، يبدو أن الذهب مقبل على فترة من التوازن الحذر بين عوامل الدعم والضغط. وفي حين يتوقع بعض المحللين أن يتراجع المعدن قليلًا في المدى القصير، إلا أن معظم التقديرات تتفق على أن الذهب سيحافظ على موقعه فوق 3500 دولار للأونصة، ليظل أحد الأصول الأكثر أمانًا في بيئة مالية تتسم بعدم اليقين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU0IA== جزيرة ام اند امز