حكومة لبنان أمام أفق مسدود بانتظار "معجزة"
دخلت مشاورات حكومة لبنان نفقا مجهولا مع تصاعد الخلافات بين الأطراف المعنية بالتأليف بحيث باتت في حاجة إلى "معجزة".
وتؤكد المعطيات الحالية أن الخلافات الواضحة بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة وبين رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل المدعوم أيضا من حزب الله، تحول دون التوافق حول تسمية الوزراء ما يهدد البلاد الغارقة في أزمة اقتصادية عميقة.
وتكاد تكون حرب البيانات التي انفجرت أمس الإثنين بين عون والحريري وتبادل الاتهامات بالمسؤولية تؤكد بما لا يقبل الشكّ هذا الواقع المأزوم، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى ما ستنتج عنه زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المحددة إلى لبنان في 22 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ولا يعلق اللبنانيون آمالا كبيرة على زيارة ماكرون التي تقتصر على لقاء يجمعه بالقوات الفرنسية العاملة في جنوب لبنان وآخر بروتوكولي برئيس الجمهورية ميشال عون .
واستبق جان إيف لو دريان وزير الخارجية الفرنسي الزيارة الثالثة لماكرون واصفا الوضع اللبناني بأنه يشبه غرق السفينة تيتانيك لكن بدون موسيقى في إشارة متشائمة على ما يبدو على وقع الأفق المسدود وتأزم الوضع الداخلي.
وعبّر رئيس البرلمان نبيه بري في حديث صحفي، اليوم الثلاثاء عن طببيعة الأزمة السياسية في البلاد متحدثا عن "انسداد الأفق الحكومي"، داعيا إلى انتظار ما ستحمله زيارة الرئيس الفرنسي.
والموقف نفسه أعلنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حيث عبّر عن مخاوفه من خطورة الوضع في لبنان محملا حزب الله والعهد (رئاسة الجمهورية) عرقلة تأليف الحكومة.
وقال في حديث تلفزيوني إن "حزب الله أي إيران، لها حسابات انتظارية، فهي تنتظر الإدارة الأميركية الجديدة كي تفتح باب التفاوض، أو كي تقول: أنا جاهزة للتفاوض"، معتبرا أن "حزب الله هو الحاكم الحقيقي والعهد صورة للحزب".
وفيما بدا لافتا تراجع السجالات اليوم بين فريقي الحريري وعون، تكتفي مصادر نيابية في "تيار المستقبل" -ترفض الإفصاح عن هويتها نتيجة قرار حزبي بوقف التصعيد- بالتعبير عن تشاؤمها حول الواقع الحكومي وما وصلت إليه الأمور.
واعتبرت المصادر أن هناك طرفا لن يقبل بتشكيل الحكومة إلا بشروط النائب جبران باسيل، وجدّدت التذكير بما أتى به بيان رئيس الحكومة المكلف.
وكان الحريري واضحا في بيانه أمس بأنه رمى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية الذي تقع عليه مهمة التوقيع على التشكيلة في وقت تحدث عون عن خلل في توزيع الوزارات على الطوائف وبأنه طلب التعديل بها إضافة إلى تأكيده أن تشكيل الحكومة يكون بالتعاون بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية وليست فقط من مهمة الأول.
من هنا وبانتظار عما إذا كان سيسجل في الأيام المقبلة زيارة مرتقبة للحريري إلى القصر الرئاسي لإعادة تصويب ما انكسر في اليومين الماضيين، تتجه الأنظار الى ما ستحمله زيارة ماكرون الأسبوع المقبل.
ولم تستبعد مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أن "يدخل على الخط بين عون والحريري وسطاء لتقريب وجهات النظر في ما بينهما بعد كل ما حصل خاصة وأن العناد لا يفيد لذلك قد يكون ما حصل مفيدا لجهة تقريب الأفرقاء إلى بعضهم لتشكيل نواة الحل في البلد بعدما وصلت الأمور إلى هذه المرحلة من الخطورة".