محمد المغربي.. خريج جامعة القاهرة يعيش تحت جسر في لبنان
تحت جسر الفيات في العاصمة اللبنانية بيروت، يعيش المسن محمد المغربي من دون جدران تحميه من ضجيج زحمة السير وحرّ الصيف وبرد الشتاء.
اتخذ المغربي من بضعة أمتار مسكناً له.. سرير ومكتبة وبضع حاجيات كل ما يملكه في هذه الحياة، ومع ذلك يظهر للجميع أنه سعيد بما قسمه الله له.
بابتسامة يستقبل المغربي زواره، وبصدر رحب يرد على أسئلتهم، فهو لا يشبه غيره من المشردين، واتخذ من الكرتون جداراً ليعلّق عليه ملابسه المغسولة.
"العين الإخبارية" حاورت محمد المغربي لمعرفة الأسباب التي أوصلته إلى هذا الحال، فبدأ بالتعريف عن نفسه قائلا: "أنا مهندس خريج جامعة القاهرة، أبلغ من العمر 78 عاماً، منذ سنة و7 أشهر أعيش في هذا المكان، ومع ذلك أحمد الله على نعمته، أمارس حياتي كما بقية الناس، آكل وأشرب".
يسكت قليلاً قبل أن يضيف: "كان لدي غاز لكن للأسف سرق، ولأن الحاجة أم الاختراع أدبر أمري بموقد على الحطب، وفي المحطة المجاورة أستحم"، وتابع: "بت مقصداً للعديد من الشبان الذين يزورونني لتبادل الحديث معي والاستفادة من خبرتي".
وعن مكان معيشته قبل ذلك قال: "في منزل يعود لصديقي في منطقة ميرنا الشالوحي، إلى أن انتهى به الحال بهدمه، ليعاكسني الزمن وأصبح بلا مأوى".
وحول ما إذا كانت لديه عائلة أوضح المغربي: "توفيت زوجتي منذ زمن تاركة لي ثلاثة أولاد، شابان يعيشان الآن في الغربة وبالتحديد في أفريقيا وشابة متزوجة، لا أدخلهم في همومي ومشاكلي، فقد ربيتهم بدموع العين وأتمنى لهم حياة سعيدة".
وما يلفت الانتباه في المكان الذي يعيش فيه المغربي هو المكتبة التي أخذت نحو نصف مساحة مسكنه.. كتب منوعة بين السياسة، والتاريخ، والاقتصاد، وحتى الطبخ وغيره، بلغات عدة.
عن ذلك شرح محمد: "أنا أعشق الكتب، فالعلم نور، أفتّح عيني في الصباح أمسك الكتاب وأبدأ القراءة، فمن خلاله أنسى الواقع وأسافر إلى المكان الذي يأخذني إليه، أستمتع بكل كلمة، ويمر الوقت من دون أن أشعر"، وعن الكتب المفضلة لديه قال: "جميعها فلكل منها أسلوبه ونكهته الخاصة، لكن أحب كثيرا عميد الأدب العربي طه حسين، فهو من أعلام الحركة الأدبية العربية في العصر الحديث".
وفيما إن كان يبيع الكتب أجاب: "لا يهمني المال، فمن يطلب كتاباً ولا يحمل نقوداً أقدمه إليه بكل سرور، ما يهمني ألا تندثر القراءة، وألا ينقطع حبل الثقافة".
وعن رأيه بتحميل الكتب من شبكة الإنترنت أجاب: "لا لذة بعد لذة ملامسة كل ورقة نقرأها، فرائحتها وحدها تكفي لنشعر بكل كلمة، فالروائح المعنوية تلامس الروح والقلب، ولا يشعر بها إلا عشاق الكتب، من خلال الكتاب يعيش القارئ حالة من السعادة الفكرية لاكتسابه المعارف والمعلومات الجديدة".
كما يحب محمد الزرع، يهتم ببضع شتلات صغيرة، يسقيها ويراقبها وعنها قال: "هي دليل على عظمة الخالق، كما أنها توقظ في النفس شعوراً بالحرية والعذوبة".
وعما إذا كان سيستمر في العيش تحت الجسر من دون جدران أجاب: "لا بد أن يأتي اليوم الذي تتغير فيه حياتي".